لقد شهد العالم يوم الأربعاء 18 نوفمبر ملحمة كروية من نوع خاص، تم رسمها في الخرطوم بالسودان، تتمة لنظيرتها ليوم السبت 14 نوفمبر بالقاهرة، إنه صراع بين الأشقاء المصريين و الجزائريين حول ورقة مرور لكأس العالم بجنوب إفريقيا، و التي انتهت بفوز المنتخب الجزائري بهذه التأشيرة، غير أن هذه الملحمة أخذت طابعا آخرا غير معتاد في دواليب كرة القدم ، حيث اتخذت طابع سياسي عبر الإعلام الذي أرجعنا إلى العصور الوسطى بعدما أصبح يشكك في عروبة و معتقدات و انتماءات المتنافسين و اتسم بطابع القدح و السب العلني البعيد كل البعد عن ميدان الصحافة و احترام مشاعر الآخرين، كما اتخذت هذه الملحمة البطولية طابع الحرب، حيث أسفرت المواجهة عن جرحى و خسائر مادية في الممتلكات ، و كدنا نرى أسرى أيضا و لحسن الحظ حضر الطابع الكروي الذي تمثل في تسجيل الأهداف الذي أكد لنا أننا نعم نشاهد مباراة في كرة القدم بعدما أصبحت الصورة لا تبث بصلة للرياضة التي شعارها تهذيب النفوس نسبة لحكمة " العقل السليم في الجسم السليم" ،. إنني في هذا المقال لا أريد تسليط الضوء على من المسؤول لأن "الخريطة ليست هي المنطقة" كما نردد نحن في علم البرمجة اللغوية العصبية حيث أن ما نشاهده و نعتقده ليس بالضرورة هي الحقيقة و الذي أعرفه أن لكل نتيجة أسباب فإذا أردنا تفادي النتائج السلبية علينا معرفة الأسباب و توضيحها بكل مصداقية و اعترافنا بالخطأ و قبولنا للاعتذار و تحملنا المسؤولية الكاملة لتدارك ما يمكن تداركه قبل فوات الأوان ، و أرجع لقول الله تعالى " و عسى أن تكرهوا شيئا و هو خير لكم" ، انطلاقا من هذه الآية الكريمة يتضح لنا أن في كل محنة هناك منحة و درس لنا لنستفيد منه ، فعلى سبيل المثال ما كانت اليابان ستلجأ إلى تشيد عمارات مقاومة للزلزال في حجم ثمانية على سلم ريشتر لولا أن أصابها وابل غليظ و الأمثلة متعددة و متنوعة و ما علينا سوى استنباط العبر و استخلاص الدروس . إن هذه الواقعة أكدت لنا بالملموس أن شعوبنا العربية تحتاج إلى تنمية ذاتية مستدامة تنطلق من الجذور حتى يتسنى لنا زرع روح الأخوة و التسامح بدلا من العدوانية و الكراهية التي تزيدنا تفريقا أكثر مما نحن عليه الآن ، كما يجب على الحكومات العربية التحلي بروح المسؤولية في العمل على بث روح العلم و التعلم لا من ترسيخ الجهل لأن من يزرع التهميش يحصد الجهل و من يزرع الكراهية يحصد العنف و من يزرع الظلم يحصد الفوضى و هكذا... إن كرة القدم هي مجرد لعبة فقط و لا يجب أن تستحق كل هذه المغالطات و المزايدات حتى لا تستغل لتكون " أفيون الشعوب في العصر الحالي" [email protected]