أثبت حوالي 250 شابا وشابة من 22 دولة عربية و47 دولة أوروبية من مختلف المنظمات الحكومية وغير الحكومية، قدرة وجدارة على المشاركة الفعالة والنقاش السليم في قضايا تعبر عن طموحاتهم وآمالهم وآفاق مستقبلهم، وذلك خلال أشغال الدورة الثالثة لمنتدى جامعة الدول العربية للشباب، الذي انطلقت أشغاله الليلة قبل الماضية في مدينة أصيلة المغربية، تحت عنوان «الشباب والهجرة»، بإشراف المنتدى المتوسطي للشباب والطفولة بالمغرب، وإدارة السياسات السكانية والهجرة في جامعة الدول العربية، ودعم من صندوق الأممالمتحدة للسكان، ومشروع المرصد المغربي للشباب، ومنتدى الشباب والمجلس الأوروبيين. وشكل المنتدى مجالا خصبا لشباب العالم لتعزيز أواصر العلاقات بينهم، مبتكرين عولمتهم الفكرية الخاصة بهم، ويتناقشون ويستشيرون بعضهم البعض في التحركات التي يعتزمون القيام بها أو المساهمة في مشاريع محددة، ويتبادلون الرؤى في المواقف من قضايا العصر المستعصية، مشكلين ما يشبه برلمانات افتراضية، نجحوا من خلالها في تأسيس أممية خاصة بهم. وفي السياق ذاته، قال محمد بن عيسى، وزير الخارجية المغربي الأسبق، ورئيس مجلس بلدية أصيلة، وأمين عام مؤسسة منتدى أصيلة، إن مثل هذه الفضاءات تتيح للشباب أن يتناقشوا فيما بينهم متحررين من القيود الحكومية والمجاملات السياسية، ويستلهمون القيم الإنسانية التي تحث على التعاون والتعايش والتآخي والوئام وعدم الإقصاء». وزاد بن عيسى قائلا إن الحوار المؤسس على القيم والمبادئ كفيل بمحو الكثير من ترسبات الماضي السلبية، وإبعاد الأفكار المسبقة والأحكام الجاهزة العالقة بأذهاننا، لتحل محلها قيم تحفز على تقريب المسافات الجغرافية وتقليص التباعد الذهني وحتى العاطفي بين الأوروبيين والعرب». وذكر بن عيسى أن الشباب نجحوا في تأسيس «أممية خاصة بهم» تتميز بأيديولوجياتها المنفتحة على الآخر والثقافات والقوميات والخصوصيات. ودعا بن عيسى إلى مواصلة الحوار، ليس بين الشباب وحدهم، وإنما بينهم وبين باقي مكونات المجتمع المدنية والحكومية، مؤكدا أن «صناع القرار يأخذون في الحسبان ردود أفعال الشباب، بل ربما يخشونها». وقال بن عيسى أيضا إن «للمنتدى وأمثاله أهمية تكمن في أنه يوجه طاقة الشباب نحو المجرى الذي يجب أن تسلكه. فإذا تركوا بدون تأطير وتبادل للأفكار والتجارب فإن تلك القوة تتحول إلى عائق يحول دون التفاهم والتعايش والحوار السلمي بين الشعوب، بل إلى ذريعة تستغلها القوى المتطرفة والمنغلقة، لتأجيج نار الكراهية والحقد والعنصرية». وختم بن عيسى كلمته بدعوة الشباب العربي إلى تفادي أخطاء الكهول والاستفادة منها، مشيدا بمدينة أصيلة كأرض للحوار المفتوح بين الحضارات والثقافات والفنون، الذي رفع رايته شبابها لأزيد من ثلاثة عقود. وقال «إنني فخور بالاستمرار في حمل الشعلة مع أجيال جديدة من شباب أصيلة، فهم الذين صنعوا صيتها، كأرض للحوار المتكافئ بين المنتسبين للحضارات والثقافات من سائر الآفاق». وأجمع المتدخلون في الملتقى على أن نشاطات المنتدى أبانت طيلة دوراته الثلاث، المنعقدة في مصر والأردن والمغرب، فعاليتها في تحقيق الأهداف المنوطة بالمنتدى، وهي تفعيل الحوار بين القيادات الشبابية وكل الأطراف المعنية بقضايا الشباب من وزراء وبرلمانيين، مع دعم التبادل والشراكة بين القيادات الشبابية ومؤسساتهم ومنظماتهم في العالم العربي وأوروبا. ويهدف الملتقى، الذي يتميز بمشاركة وازنة لباحثين متخصصين ونشطاء في مجال الهجرة، إلى تعزيز المشاركة الفعالة للشباب القيادي في العالم العربي وأوروبا من حلال خلق حوار حول شؤون الهجرة في هذه الدول، بالإضافة إلى تقوية دور المنظمات الشبابية في دعم مشاريع تنموية تعنى بالهجرة وآثارها. الشرق الأوسط