قد يتعرض المواطن لاعتداء ما، و يشهر سلاح أبيض في وجهه أو ما شابه ذلك، بغية تهديده ليسلم ما بجيوبه من مال أو يسحب منه هاتفه النقال أو الحلي بالنسبة للفتيات والنساء . و قد يكون الاعتداء في واضحة النهار ناهيك عن الليل . لذا ينصح المواطن الأعزل ، و خاصة من كبار السن و النساء والأطفال، بعدم السير في الطرقات الخالية أو المظلمة درءا لمخاطر محتملة يكون فاعلوها منحرفون و مراهقون ، ناهيك عن المحترفين من عصابات ما يسمى ب "السماوي" التي نقرأ و نسمع عن ضحاياها و خاصة في صفوف المغفلين من الفتيات و النساء والرجال. و في حالة إلقاء القبض على الأضناء يقدمون للعدالة لتقول كلمتها فيهم بالحبس و السجن حسب نوع الجنحة. و هي جنحة لا تقل خطورة عن جنحة الاستجداء في الأماكن العامة و أمام بوابات المساجد و في محطات النقل والمقاهي وأمام أبواب الأبناك و القباضات وغيرها . و هي التي أصبحت حرفة تدر الأرباح الطائلة على أصحابها.. و غالبا ما تثير مثل هذه السلوكات اشمئزاز المواطنين و احتجاجهم . و هم في حالات وقوعهم ضحية النشل و السرقة و الاعتداء بالضرب و الجرح يضطرون إلى تقديم شكاياتهم للسلطات المختصة . هذا واقع معاش في مجتمعنا و خاصة بالمدن، و قد اعتاد عليه الناس. و هم يأخذون جانب الحيطة و الحذر و يلعنون الزمن الأغبر الذي أصبح فيه المواطن عرضة للسرقة الموصوفة تارة و للسرقة تحت غطاءات متنوعة ثارات أخرى.ومن هذه الغطاءات- أيضا- ما يقع بالعديد من وكالات أداء فواتيرالهاتف و الماء والكهرباء و القباضات و غيرها ( باستثناء الأبناك)،حيث يعمد بعض الموظفين و المستخدمين المكلفين بأداء المستحقات أو تحصيلها إلى خصم درهم أو درهمين أو خمسة دراهم إضافية ، بدعوى عدم التوفرعلى"الصرف" . فيكون الزبون مضطرا إلى التخلي عنها ما دام أمرالحصول على هذا " الصرف" قد يتطلب منه وقتا و مصاريف أكثر من الدرهم و الخمسة ، أو أنه يحس " بنوع من الخجل " إذا ما طالب بها أمام صف طويل من الزبناء. و قد يصل الخصم عدة دراهم يرتفع أو ينقص مقدارها حسب نوع الزبون : شابا أو مسنا، متعلما أو أميا ،متعودا على سحب معاش أو أداء فاتورة أو يفعل ذلك لأول مرة .. و كاتب هذه السطور كان ضحية خصم درهمين مرتين متتاليتين في إحدى وكالات أداء فاتورة الأنترنت بطنجة ، و "خجل" بدوره في المرة الأولى من أن يعود إلى الشباك للمطالبة بها ، لكنني رفضت في المرة الثانية أن تسرق مني بطريقة مكشوفة.. وعندما استفسرت السيدة المستخدمة عن سر أخذ ، أو في الحقيقة "شفط" درهمين لا أثر لهما في الفاتورة التي سلمتني إياها ، تلعثمت و حاولت تفسير ما لا يفسر كقولها أن "ما يظهر على الشاشة عكس ما تطبعه طابعة الكمبيوتر.. " و ما كان منها إلا أن أرجعت لي درهماي المسروقين مع ابتسامة شبه صفراء. و إذا كان هذا يقع بالنسبة لمحارب للأمية مثلي يعرف علاقة الكمبيوتر بالطابعة فما بالك بمن يجهل أصلا القراءة و الكتابة ؟ و في حديث جانبي مع بعض الزبناء بعين المكان أكدوا أن العملية مخطط لها و هي سارية المفعول في كذا وكالة. قد يقول قائل : ما قيمة الدرهمين أو الخمسة، و قد لا يستحق الأمر مقالا للنشر ؟ الحقيقة أن الدرهمين و الخمسة دراهم مضروبة في عدد الزبناء / الضحايا يوميا ، تعد دخلا شهريا إضافيا محترما مصدره الاختلاس ، إن لم يكن نوعا من الاستجداء في أحسن الظروف. و هو في الحالتين حرام شرعا و قانونا، بالنظر إلى أن أصحاب مثل هذه السلوكات يتقاضون أجرا مقابل ما يقدمونه للزبناء من خدمات. و قد يبدو الموضوع بسيطا، لكنه نموذج لسلوكات مرفوضة ، و قد يصبح فاعلوها مرضى أو لصوص محترفين بدأوا مشوارهم بالسرقة بالتقسيط . و من يختلس درهما قد يختلس مليارا . و من يستجدي - من الموظفين و المستخدمين- درهمين أو أكثر من الزبناء بطريقة أو أخرى كمن يعترض الناس نهارا جهارا. و الرضوخ لهذا الواقع و السكوت عنه يعد - في نظري- مساهمة في تشجيع فعل السرقة الذي قد يورث يعادى به أبناء و ذوي فاعليه،حيث يعتبرونه سلوكا عاديا عوض كونه فعلا منبوذا. وما أكثر سلوكاتنا المعطوبة التي تعايش معها المجتمع و اعتبرها و اقعا يصعب الانفكاك منه. [email protected]