حُمّلنا كالأكباش في سيارة كانت تطوي الأرض سائرة في طريق بدا لي مظلما أكثر من ظلمة الليل ...أجساد نحيلة أرهقها الجوع بعقول شاردة ونظرات ذليلة كُدست في رقعة لا تتجاوز المترين ...كنا في زنزانة متحركة بأربع عجلات ...لعنت في خيالي ذاك الزمن الذي آضطرني إلى العمل تحت شمس الصيف الحارقة في الحدائق العامة أجز العشب وأجمع فضلات الأخر بجسد أُتخن جوعا في بلد يقولون عنه إنه " اجمل بلد في العالم " في إحدى الزوايا أخفيت وجهي بين كفايّ ...إستسلمت لنوبة غضب مفاجئة تلتها لحظة تأمل في طفل حشرنصف جسده في سطل قمامة يقلبها كما يقلب المثقف المزيف صفحات الجريدة وقبل أن يجد قطعة خبز يابسة ...قبلها بحرارة كمن يقبل يد والدته وبللها بلعابه ثم شتم العالم بقوله " حفنة من الحاقدين يرمون إليك بطعام قمامة ،مظهره قطعة خبز وفي بطنه آلة حلاقة " عاجلت الصبي المشرد بكلمات تعيسة كانت إستفهامية في مجملها ترى ما الفرق بيني وبينك ؟ نفسي أوحت إلي بجواب قذفه لساني " كلانا كبشان ...أنت تسرح في القمامة وأنا أُحمل مع البقية في سيارة البيكوب ... دقت ساعتي على زمن أيقظني من غفوتي على صوت مدفع بني مكادة...هذا أول سحور لي في رمضان ...حملت نفسي إلى شجرة ذابلة ...أنا مشرد هذه الأيام ...بسطت زادي وأنا أنظر إلى الأعلى ...غيوم من الناموس تحلق امام فمي بعضها آفتتح يومه بعض جسدي غير أني تخيلته يسخر مني ومن جسدي الذي برزت عظامه الواهنة اكثر من اللازم ...أف!!! عدس بارد في رمضان إنها وجبة ساكني النعال النتنة في بلد القنبلة الديمغرافية ...كنت امضغه على مضض وألعن قدري الذي رماني في بلد يشبه إلى حد كبير إحدى مسرحيات شكسبير المأساوية ....ربما كتب علي أنا ألعب دور الصعلوك في مسرحية الصعاليك ...لملمت زادي البسيط الذي ظل على حاله وعدت لسيارة البيكوب لتحملني ككبش ذليل ... [email protected]