فقد تمكنت فاطمة الزهراء المنصوري من انتزاع منصب العمودية بعد تحالف حزبها الأصالة والمعاصرة مع ستة أحزاب من اليمين واليسار ولأول مرة مع الإسلاميين، واستقطبت أربعة وخمسين صوتا مقابل ستة وثلاثين لصالح عمر الجزولي العمدة السابق. ولم تكن فاطمة الزهراء الحديثة العهد بالعمل السياسي تتوقع الفوز بمنصب عمدة مراكش، فهي شابة لم يتجاوز عمرها الأربعة وثلاثين ربيعا، ورغم جسامة المسؤولية فهي تعول على تجربتها المهنية في مجالي المحاماة والاقتصاد لتدبير الشأن المحلي لمدينة يبلغ عدد سكانها مليون نسمة. وتقول فاطمة الزهراء إن سر نجاحها يكمن في عفوية خطابها وواقعيتها السياسية، واقعية اكتسبتها من الفكر السياسي لحزب الأصالة والمعاصرة الذي تقول إنه دخل غمار الإنتخابات المحلية بوعود قابلة للتطبيق وهو ما جعله يحتل المرتبة الأولى في قائمة الأحزاب الفائزة. لكن مدينة بحجم مراكش برصيدها التاريخي وشهرتها العالمية تجعل مهمة فاطمة الزهراء غير سهلة بالمرة، وهذا ما يدفع البعض إلى التشكيك في قدرتها المهنية وحنكتها السياسية على تسيير الشؤون المحلية للمدينة والحفاظ على شهرتها كأول قبلة سياحية مغربية وكوجهة استثمارية دولية. فالمدينة السياحية الواقعة وسط المغرب استقطبت خلال السنوات الأخيرة استثمارات أجنبية بمليارات الدولارات، وباتت ورشا مفتوحة للبناء، وتستقبل سنويا ما يفوق الأربعة ملايين سائح. ويرى البعض في اسناد مهمة العمودية لإمرأة -يقولون إنها تفتقر للتجربة السياسية- تحديا ومجازفة كما يؤكد محمد النشطاوي استاذ القانون في جامعة مراكش، فالبنسبة له فإن انتخاب امرأة على رأس عمودية مدينة مراكش تأكيد لدور المرأة المغربية في البناء السياسي الديمقراطي، لكنه يشكك في رصيد وتجربة العمدة الجديدة التي دخلت لأول مرة الحياة السياسية، و في برنامجها الانتخابي الذي يصفه بالضبابي. ولهذه الاعتبارات يقول النشطاوي إن العمدة الجديدة ستجد نفسها أمام تحديات جلب المزيد من الاستثمارات الأجنبية والحفاظ على مدينة مراكش كوجهة سياحية عالمية . وترد فاطمة الزهراء على هذه الاتهامات بكونها نشأت في وسط سياسي مكنها من الاستفادة من تجربة والدها في تسيير الشأن المحلي، فضلا عن تكوينها القانوني والاقتصادي الوطني والدولي، وهي تجربة تقول فاطمة الزهراء إنها ستضعها رهن مدينة مراكش لتعزيز إشعاعها العالمي. وتعتبر مدينة مراكش واحدة من المدن المغربية الست التي تعمل بنظام وحدة المدينة منذ عام 2003، وهي المدن التي يفوق عدد سكانها 350 ألف نسمة، ويسير شؤونها المحلية عمدة يختاره المنتخبون الفائزون في الانتخابات المحلية، ويضطلع العمدة بالمهام المحلية دون تلك المرتبطة بالقضايا السيادية