رغم الاحتجاجات المنشورة بكثرة على شبكة التواصل في ظل الجرح الغائر الذي ألم بالشعوب العربية و في مقدمتها سوريا ومصر، أبى مسئولو مهرجان أصوات النسائية إلا أن ينظموا المهرجان الذي افتتح يومه الخميس 22 غشت 2013 بمدينة تطوان ، بحضور القليل من شخصيات المدينة وتحت أضواء باهتة لوسائل الإعلام. ورغم الدعاية الكبيرة والإشهار الواسع الذي خصصها مسؤولو المهرجان كالملصقات واللافتات والمطويات وغيرها،حيث صرفت عليها مبالغ مالية كبيرة من مالية الشعب (دافعي الضرائب ) ،إلا أن الاستجابة لحضور المهرجان " كما وليس كيفا طبعا"، ظلت صيحة في واد نظرا للاهتمام عامة المواطنين بارتفاع أسعار المواد الأساسية وفي مقدمتها مادة الحليب ومشتقاته وهلعهم من مصاريف الدخول المدرسي الذي يقضي على كل ما تبقى من دراهم معدودات اقترضت لأجل مصاريف رمضان المعظم وشراء ألبسة للأطفال بمناسبة للعيد وحاجيات عطلة الصيف . وحج العشرات ممن يعتبرون أنفسهم " صحافيين" أو مراسلين أو كتاب أحرار إلى مقر دار الصنائع بباب العقلة للمدينة لإستلام الشارة الخاصة بالصحفيين المهنيين لتغطية فقرات المهرجان ،ومنهم من أتى على عجل و في يده آلة التصوير أو تأبط جريدة لا يفقه ما بداخلها ( الواو من الزرواطة ) أوعلي الأقل يحمل هاتفا نقالا ولو من صنع صيني ،منتشيا مزهوا لحصوله على قفة مصنوعة من الورق المقوى تحمل شعار المهرجان ،وبداخلها قلم ،ومطوية وإسورة من البلاستيك وقارورة للزيت وأخرى صغيرة الحجم للعسل . لا دهاء و لا ذكاء بل بلادة ، تلك من جادت قريحة جمجمته بجعل "الطعم" مصيدة لا قتناص عدد لا بأس به من أشباح الصحافيين ، للفت انتباه الحضور عبر محاولتهم إبراز أهمية المهرجان و إضفاء عليه هالة مزيفة وللتأكيد كذلك على أن للمهرجان قيمة ومنافع كثيرة وله شهرة ومكانة مرموقة ، وإلا لما تدافعوا لالتقاط صور من حضروا افتتاح معرض منتجات بعض الجمعيات و التعاونيات المقام على هامش المهرجان، وكان لافتا غياب نقابة الصحافة في شخص كاتبها المحلي مصطفى العباسي، للإشراف على عملية توزيع الشارات و الإشراف على خلية الاتصال المفروض إسنادها إلى صحافي مهني، لإيقاف النزيف الذي يعرفه الحقل الإعلامي عبر ولوج من هب ودب إلى ميدان الصحافة ،بل حتى الأميين والباعة والحرفيين طرقوا أبواب صاحبة الجلالة،وكان لزاما على الصحافيين الغيورين أن يتصدوا لهؤلاء الذين يحاولون جاهدين إفراغ الصحافة من محتواها وتمييع الحقل الإعلامي برمته. وباسم الفن تهدر و تسرق ميزانيات ضخمة ،وباسم الفن يخدش حياء الأسر و العائلات ،وباسم الفن يرتقي الأعوج و المفسد منصة التتويج ،وباسم الفن كما يقال " يصول و يجول و يسافر إلى إسطنبول "على حساب الكادحين والفقراء والمهمشين، لكننا لم و لن نقبل هذا المستوى المتدني من الفن ،كنا وسنبقى مع الفن الهادف ،الذي يؤدي رسالة سامية تطور العلاقات الإنسانية إلى الأفضل وتخاطب العقل وتثير الوجدان،وبالتالي تعمل على تكريس التراث الثقافي العربي الإسلامي، ونحن مع الفن الهادف الذي يقوم بتوعية أبنائنا توعية سليمة خالية من الشوائب ،لا نريد لأبنائنا فن يثير الغرائز و يهدم أصول الأخلاق المثلى. إن الفن غذاء الروح ،فماذا سيحدث إذا قدمنا لهذه الروح غداءا مسموما؟ أبنائنا هم جيل الغد علينا أن نزرع فيهم حب المواطنة الحقة والقيم الإنسانية النبيلة.فهل يمكن اعتبار آمل ماهر و شرين عبد الوهاب على أنهما تؤديان رسالة ؟ أتساءل عن نوعية تلك"الرسالة"،ربما كتلك التي أدتها شرين في مهرجان موازين بالرباط عندما صرحت علانية بحبها الولهان للرجالة وغيرها من إشارات خدش الحياء . وكما يقال"إذا كان الطبيب قد يقتل أو يحيي نفسا...فإن الفنان قد يقتل أو يحيي جيلا بأكمله ". لقد ولى زمن الأغنية الهادفة وتميع الفن وأصبح يبكي على أطلاله،وفيه حنين إلى الماضي المشع ، أيام كانت الكلمة سلاحا فتاكا في وجه المستعمر المستبد ، فرحم الله فنانين شرفاء ضحوا بالغالي والنفيس وأدوا الرسالة على أكمل وجه كالفنان محمد رويشة و السلاوي ومحمد الحياني واحمد البيضاوي وغيرهم وفنانين عرب أمثال الشيخ الإمام عيسى السيد درويش ومحمد عبد الوهاب وأم كلثوم وعبد الحليم حافظ ووردة الجزائرية عندما استفزت الاحتلال الفرنسي للجزائر بأغانيها وأطال الله في عمر السيدة فيروز ومرسيل خليفة وسعيد المغربي ومصطفى الكورد وماجدة الرومي ووديع الصافي وصباح فخري ولطفي بوشناق ومحمد العروسي واللائحة طويلة من الفنانين الشرفاء.