الملك قادم ، اشاعة ، لا انها حقيقة ،بعد ايام قليلة سيحل بطلعته البهية على مدينة طنجة ، وكأن طنجة لا تنتظر الا ملك المغرب كي تتزيى بحلل الصباغة والطلاء . لكن الناطق الرسمي باسم القصر لم يعلن أي شيئ عن مثل هذه الزيارة . الشوارع كلها متوجة بأعلام ليوطي ، وواجهات المدينة ترخي خدودها الكالحة لأصباغ الادارة ولطلاء الراسخين في التزويق والتنميق . آه ، حتى حي بني مكادة ، وخاصة ساحة تافيلالت المغضوب عليها من الجهات المركزية والممركزة بولاية طنجة خضعت لنفس طقوس احتفالات الزيجات القسرية . انه منطق الأوامر العليا ، لقد فضوا عنها الحصار ، زغردي أيتها الثكلى ، فلم تبقيمن المغضوب عليهم . لا المغضوب عليهم هم سكان المنطقة ، ألا تراهم يختطفون كل يوم تقريبا واحدا من أبنائها على خلفية خطأ أمني وقضائي رهيب ، ذهب ضحيته صاحب الملك ، وها هم أبناء الحي يما يزالون يخضعون لابتزاز الدولة بالاختطاف والاعتقال المشبوهين . لكنهم اذا غضبوا على سكان منطقة فانهم يحرقون الخضر واليابس ولا شفاعى للجدران على الانسان . منطق مقبول في ظل حكم السلطان ، وزبانيتهم من بني طغيان . الملك قادم ، كل الأوامر الصارمة والمشددة تخففت من غلوائها ، فرجال السلطة منذ أسبوع أو أكثر بقليل يجوبون المنطقة التي كانت تثير لهم ما يشبه الغثيان بمجرد ذكر اسم حي " بني مكادة " وبالتحديد " أرض الدولة " ، لكن الملك قادم ، وربما لم يكن في علمه ما يدور في المنطقة . والوالي المؤقت يعض بالنواجد ليثبت واليا على طنجة ، طنجة الدجاجة التي تبيض مرجانا وياقوتا . لكن أبناءها مهمشون وعاطلون وفقراء . لكن الملك قادم . أرض الدولة تتم صباغة بعض مبانيها ليلا ، وهناك أخبار عن استقدام اكثر من أربعمائة عامل انعاش وطني من تطوان للاسراع بانجاز الأعمال القذرة . كيف تسمي تثبيت اعلام ليوطي وطلاء الواجهات أعمال قذرة . سؤال في محله . والجواب : كيف يعقل ان تصرف ملايين مملينة من الدراهم على الصباغة المفاجئة لواجهات المدينة ، بالاضافة الى مآت الملايين لتكاليف زيارة رجل واحد ، وهو الملك ، في أقل من 24 ساعة ؟ في حين أن المدينة تظل لعقود مهملة ومقصية ومهمشة ونهبا للقاذورات والأوساخ والميكروبات ، ثم فجأة تتزيى بأبهى الأزياء لزيارة رجل واحد اسمه محمد السادس .شيئ مقرف وعبثي . لا يمث لروح العصر بصلة ، وهو ملك الفقراء والمستضعفين والحكم الأسمى وأمير المؤمنين ، وأغنى رجل في المغرب وووو ..كفى . لكنني لم أذكر بعد شيئا . هل هذا هو منطق المواطنة الذي ابتدأ به دروسه الحسنية ؟ هه يضحك بخبث . الملك قادم ، حافظي على طلائك وأصباغك ، فلربما لن يزورك الا بعد عقد من الزمن . هذه وصاية رجل لم يعد يعرف شيئا في وطن لم يعد يعني شيئا .