اقتناعا منها بضرورة الرقي بالصحافة إلى المستوى الذي تصبح فيه سلطة رابعة، تمارس دور الوسيط، بين المواطنين والدولة، حتى تزداد الثقة بينهما .. ومساهمة منها في محاولة إثارة الراكد، وتحريك الاهتمام، والإسهام في تنوير الرأ ي العام الوطني وإثارته حول القضايا الوطنية التي تشغله، وتوسيع دائرة نشاطها وتدخلها، ومواكبة التطورات السياسية والاقتصادية، والتعريف بالورش الإصلاحي الكبير، الذي يقوده ملك البلاد، صاحب الجلالة الملك محمد السادس حفظه الله، وترسيخ المقاربة النضالية، من خلال سلسلة من الأنشطة المتعددة .. الهادفة والمتنوعة، وتنفيذا لبرنامجها السنوي، الحامل للعمل التثقيفي والتنويري، الرامي إلى بناء المجتمع المسؤول المساهم في كل أوجه التقدم والحداثة، وملامسة آفاق المستقبل المنشود، وذلك موازاة مع دورها النضالي في الوسط الصحفي، قررت الأمانة العامة للنقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، تنظيم ندوة فكرية بتعاون مع مجلس المقاطعة الجماعية سباتة، يوم 03 مايو 2013، حول موضوع : " القضية الوطنية بين مناورات الخصوم، وضرورة استمرار تعبئة الجبهة الداخلية". و لإخبار الرأي العام المحلي بموعد ومكان انعقاد هذه الندوة، اختارت كوسيلة لذلك، تعليق يافطات بالشارع العام، حيث بادرت إلى توجيه طلب تستأذن من خلاله السيد عامل عمالة مقاطعات ابن امسيك، يوم 24 ابريل 2013، بواسطة رسالة عدد 113/ن.م.ص.م، وانتظرت إلى حدود يوم 29 ابريل 2013، حيث توصلت الأمانة العامة للنقابة بترخيص يحمل رقم 1172/م.ت.ح.ع، صادر عن قسم الشؤون الداخلية للعمالة، بتوقيع السيد رئيس القسم، يسمح للنقابة بتعليق اليافطات .. إلى هنا فقد سارت الأمور في مسارها الطبيعي، لكن المفاجأة الصادمة، هي تلك المتمثلة في أمر المنع، الصادر عن عمالة مقاطعات ابن امسيك، في شخص السيد العامل، الذي أجرى مكالمة هاتفية مع السيد رئيس المقاطعة الجماعية سباتة، يحثه فيها بإلغاء الندوة، بدعوى أن الوضعية الحالية للبلاد لا تسمح بالنبش في مثل هذه الملفات، تناقض صارخ هذا الذي وقع، بين قرار الترخيص، الخاص بتعليق اليافطات، الذي هو بين يدي الأمانة العامة للنقابة، التي في إطار استعدادها، سبق لها أن راسلت عدة جهات رسمية، وهيئات سياسية ونقابية، ودعت عدد كبير من الفاعلين الإعلاميين والمفكرين وغيرهم، قصد إثراء فعاليات الندوة، وضمان نجاحها، وبين قرار منع انعقاد الندوة .. ! مما جعلها تحتار في أيهما تطبق، الأول الذي كان في صفها، أم الثاني الذي كان بمثابة أمر قاض بإلغاء الندوة، الأمر الذي توصل به رئيس مقاطعة سباتة عبر الهاتف من السيد العامل، كما سبقت الإشارة إلى ذلك ..؟ ! - رغم أن المسؤولية تقتضي التعامل مع النقابة بطريقة رسمية -، الشيء الذي وجب معه طرح الأسئلة الحارقة، "هل من حق السلطات ضرب عرض الحائط، بمقتضيات الفصل 25 من الدستور المغربي، الذي صوت عليه المغاربة مؤخرا، و الذي يقر أن حرية الفكر والرأي والتعبير مكفولة بكل أشكالها .. وحرية الإبداع والنشر والعرض في مجالات الإبداع الأدبي والفني والبحث العلمي والتقني مضمونة، وهل من حق السيد العامل أن يمنع نقابة وطنية نشيطة، تمتلك الشرعية القانونية من أداء واجبها اتجاه الوطن ..؟ إن ما حدث اليوم، يعتبر سلوكا شاذا، وفريدا من نوعه، بوسعه الضرب في العمق قدسية الدفاع عن الوحدة الترابية، ويستدعي الاحتجاج عليه، وهكذا، إذ تحتج الأمانة العامة للنقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، على هذا المنع اللامبرر، الذي يستند على منطق القوه لا قوة المنطق ..! والذي لم يعد البتة الأداة المناسبة في العهد الذي نعيش فيه، ولا وسيلة مناسبة لمحاربة الفكر، ولاسيما أن الظروف الراهنة للمغرب لا تدعو إليه، فإنها تسجل رفضها المطلق لمثل هذه الأوامر التي تتنافى وروح الدستور المغربي، كيفما كانت الجهة التي تكون وراءها .. والتي تريد أن تعود بنا إلى صورة زمن ظننا أننا تجاوزناه، ولذا تؤكد الأمانة العامة، أن مثل هذه الأوامر، رغم أنها مجحفة، لن توقفها عن الاستمرار في لعب الدور التنويري والنقدي والإخباري، الذي تقوم به منذ تأسيسها خلال العشرية الأخيرة من القرن الماضي، وبالمناسبة، نهمس في آذان المسؤولين، أننا اليوم في النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، أكثر ثقة وعزم على مواصلة المسيرة، التي لا يقوى على تحمل مشاقها إلا كل من رسخ في ذهنه حب الرسالة الصحفية النبيلة، وشوق المغامرة، وحب الوطن، لأن المرحلة الراهنة لم تعد تقبل بمثل تصريف هذه السلوكيات التي تتناقض وشعارات العهد الجديد، وتطلعات الجميع في إقرار المجتمع الديمقراطي الحداثي، الذي تمارس فيه المنظمات النقابية والسياسية والمدنية واجباتها بكل ما يتطلبه من وطنية ونزاهة وجرأة، وختاما، وامتثالا لأمر المنع الجائر، فإن الأمانة العامة للنقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، تعلن مكرهة إلغاء الندوة المعلن عنها سابقا، وبه وجب الإعلام.