***المسألة في عمقها لا تتعلق بحماية النظام السياسي أو مواجهة المتآمرين ضده، بل تتعلق بحماية مصالح شخصية وعائلية وفئوية لمجموعة من اللصوص والفاسدين من من يسيطرون على مفاصل السياسة والاقتصاد والثروة والإعلام في المغرب. ***الإعلام هو القاطرة الرئيسية لأي تقدم وتطور، وبواسطته يخوض الفاسدون حروبهم، ليس ضد الحكومة فقط، بل ضد الشعب المغربي وفئاته البسيطة، المغلوبة على أمرها. ***لم يسبق للإعلام العمومي أن كان في صف المغاربة وتطلعاتهم ومصالحهم ومطالبهم المشروعة، بل كان دائما في خدمة شرذمة من ذوى المصالح الشخصية من زبانية الحكم، بل في أحيان كثيرة كانت في خدمة أجندة خارجية كما أبانت عن ذلك في عدة مناسبات القناة الثانية.
مما لاشك فيه أن الحكومة الحالية جاءت ممتطية صهوة جوادين مختلفين في اللون والأصل. من جهة، كان هناك إحساس بأن النظام السياسي والسياسات الخرقاء للحكومات السابقة أصبحا يتعرضان لإحراج كبير داخل المجتمع المغربي، من جهة ثانية، كانت هناك نية مبيتة بأن الدولة غير مستعدة للتفريط في عاداتها السيئة في تطويع ذلك المجتمع وإخضاعه لنزواتها السيئة أيضا. الموقفان معا متناقضان، وهذه واحدة من الخصوصيات المغربية المبنية على اللبس والغموض والكيل بمكيالين. كما أن هناك مبدأ مقدس لدى الرسميين، حراس هيكل النظام السياسي، المبنى على توزيع الأدوار على مقاس "انت كوى وانا نبخ". بهذا المنطق الأعرج يجد كل الانتهازيين والمنافقين من زبانية النظام مكانهم في أجهزته السرية والعلنية، هكذا يوزعون الأدوار في مسرحية لا هي هزلية ولا هي جدية، كبائع القرد الذي يضحك على من اشتراه. من وجهة نظري المتواضعة، ورغم كل الانتقادات الموجهة للحكومة الحالية، التي فيها الكثير من الحقيقة، هناك انطباع، بل تأكيد، على أن هناك جوقة من الانتهازيين والمنافقين والمتآمرين من داخل النظام لا يريدون للمغرب أن يتقدم ويتطور، كما لا يريدون للمغاربة أن يتكيفوا مع واقعهم المريض والمطالبة بتغييره. المسألة في عمقها لا تتعلق بحماية النظام السياسي أو مواجهة المتآمرين ضده، بل تتعلق بحماية مصالح شخصية وعائلية وفئوية لمجموعة من اللصوص والفاسدين من من يسيطرون على مفاصل السياسة والاقتصاد والثروة والإعلام في المغرب. في هذا السياق، أعتقد أنه لا أخطاء الأداء الحكومي ولا مواقف رئيس الحكومة، هي السبب في الضعف والوهن الذي يضرب الجسد المغربي، بل في مواقف وتصرفات كراكيز أولئك المتآمرين على المغرب والمغاربة. هنا يجب التأشير على أن قضية دفاتر التحملات في الإعلام الرسمي، كانت الدليل القاطع على أنه لم يبق هناك أمل في معافاة الجسد المغربي، لأن الإعلام هو القاطرة الرئيسية لأي تقدم وتطور، وبواسطته يخوض الفاسدون حروبهم، ليس ضد الحكومة فقط، بل ضد الشعب المغربي وفئاته البسيطة، المغلوبة على أمرها. من هنا نفهم كيف تجرأ أقطاب الإعلام الرسمي على مهاجمة رئيس الحكومة ووزير الاتصال. واستمرارا لهذا النهج، أعطيت الأوامر إلى المدير العام لوكالة المغرب العربي للأنباء للانخراط في هذه "العمليات القذرة" لإفساد أي أمل في تغيير الأوضاع، أو علي الأقل تصحيحها، وسد كل منافذ التهوية الصحية لمعافاة الجسد المغربي. وكالة المغرب العربي للأنباء، "لاماب" دخلت على خط مواجهة الحكومة تنفيذا لتعليمات القابضين على شرايين السياسة والاقتصاد والمال، لتنهل من قاموس كنا نعتقد أنه لم يعد يصلح للتطورات الحاصلة على صعيد الحكامة الجيدة وحقوق الإنسان، سواء في المغرب أو العالم العربي أو في العالم أجمع. لكن المثير هو كون هذه الوكالة تصرفت بمنطق الشيء وضده، بهدف الضحك على الناس واستغفالهم والاستهزاء بهم. المثير أكثر أنها حشدت أصواتا بمقابل لتأكل الثوم بأفواههم. وما على الذين يريدون حقيقة هذا الأمر "الشيطاني" إلا أن يراجعوا قصاصتها ليوم أول أمس. لم يسبق للإعلام العمومي أن كان في صف المغاربة وتطلعاتهم ومصالحهم ومطالبهم المشروعة، بل كان دائما في خدمة شرذمة من ذوى المصالح الشخصية من زبانية الحكم، بل في أحيان كثيرة كانت في خدمة أجندة خارجية كما أبانت عن ذلك في عدة مناسبات القناة الثانية وكما تأكد في الحرب المفتعلة علاقة بدفاتر التحملات، وكنا دائما نفهم أن التعيينات في مناصب المسؤولية في الإعلام العمومي تحكمه العلاقات والمحسوبية والزبونية، ولم تكن دائما مؤسسة على الكفاءات والاحترافية. المفروض في الإعلام العمومي أن يكون تحت سيطرة الحكومة، لكن زبانية الحكم لهم مبرراتهم لكي لا يكون الأمر على هذا الحال، وبالتالي فليس غريبا أن يكون أباطرته محميون وألسنتهم طويلة ومصالحهم متشعبة، لكن الأهم هو أنهم لا يعرفون أنهم يعيشون من عرق وتعب المغاربة وثرواتهم. تتعرض الحكومة إلى انتقادات حادة، وفى بعض الحالات قاسية، لتواضع أدائها وارتباكها الواضح في التعامل مع بعض القضايا والملفات، وغالبا ما كانت الانتقادات توجه لحزب العدالة والتنمية كمكون رئيس في الحكومة، دون أن تحظى الأحزاب الأخرى المشاركة في التشكيلة الحكومية بنفس القدر من الانتقادات، وكأنها غير موجودة أو غير معنية ببعض الإخفاقات الحكومية، وهذا أمر فيه الكثير من الظلم والخطأ، رغم أن الأحزاب الأخرى المشاركة ووزرائها وممثليها كانوا السبب الرئيس للحالة المتردية في المغرب بحكم أنهم شاركوا في كل الحكومات السابقة وساهموا مباشرة في كل الاختلالات والمصائب التي يعانى منها المغرب والمغاربة. كصحافي، وبحكم تتبعي للحالة السياسية في المغرب، فقد كان لي نصيبي من انتقاد أداء الحكومة، رغم "تهليلي" بقدومها، اعتمادا على قيادة حزب العدالة والتنمية كفاعل سياسي جديد لتجديد النخبة السياسية وتدبير الشأن العام، ولم أكن من الذين "في قلوبهم مرض" وقلة الحياء والانتهازية للانتقاد من أجل الانتقاد ، بل كنت موضوعيا، مع احتفاضى بأمل التصحيح وإبقاء "العين الفاحصة" متجهة ومثبتة على الأداء الحكومي، لكن بكل مكوناته السياسية. لكن في المقابل نصطدم بخطابات المعارضة، التي أقل ما يمكن وصفها بها، هي كونها تعتمد على النفاق والانتهازية والضحك على المغاربة واستغلالهم. المغاربة كلهم يعرفون أن كل المصاب والكوارث التي يعيشونها كانت بسبب تدبير الشأن العام من طرف كل المحسوبين اليوم على المعارضة، إضافة إلى الأحزاب الثلاثة الأخرى المشاركة في الحكومة. حينما أقرأ التصريحات النارية التي تطلقها ثعابين المعارضة بكل تلويناتها، لا أملك إلا أن أقول "الله يلعن لي ماكايحشم"، مع أننا نعرف أن نشأتها كانت لخدمة السلطة والاستفادة من الامتيازات الريعية، سياسيا وماليا واقتصاديا. كما أن كبار قومها كانوا مجرد عبيد للنظام ولصوص للمال العام.