بعد انتخابات 25 نونبر 2011 دخل المغرب مرحلة جديدة من تاريخه السياسي ،فمنذ الستينات لم يترك المخزن المغربي للديمقراطية من سبيل إلا الالتفاف من طرق جانبية فرعية مثلت حالات شاذة ،فيما التحكم في الخريطة السياسية واللعبة الديمقراطية ،سادت عقيلة المخزن سواءا في بداية الاستقلال بتزوير الصناديق أو التحكم في طبقة الأعيان والقوانين التنظيمية المتحكمة في الانتخابات مع المغرب الحديث. فوز العدالة والتنمية ذو المرجعية الإسلامية ،لم يكن ليتحقق إلا مع مخزن أفقدته الضربات المتوالية قدرته على التحكم في المشهد السياسي المغربي ،فالربيع العربي دفع دفعا الأحزاب والتيارات الإسلامية إلى سدة الحكم بعد سنوات عجاف ظلوا فيها في سراديب السرية وتحت طائلة مقص الرقيب ،ثورات وأزمات اقتصادية أرجعت خيار "الإسلام هو الحل " الذي شاع فيما مضى إلى الواجهة ،طبعا مع عملية تجميلة ومفاهيم جديدة من قبيل الدولة المدنية ،لكن ماذا بعد انتخابات ....لا نستطيع إلا أن نبصم بصدق نزاهتها رغم وجود خروقات جزئية ،فمحترفي المخزن المغربي عملوا على رفع نسبة المشاركة بدعوة المهنيين والتجار وأرباب المعامل والعمال...وهو دور كان من المفروض أن تضطلع به أحزاب سياسية ،لكن المجتمع السياسي المغربي ،أصبح اليوم هو في حد ذاته جزء من الأزمة وليس الحل ،كل هذا وأشياء أخرى دفعت مغاربة 25 نونبر 2011الى اللجوء إلى الصناديق والتصويت للبجيدي، فماذا بعد؟ ذهب البعض إلى اعتبار أن الانتخابات مسرحية ،وان فوز العدالة والتنمية كان متوقع ،مادام أن أي سيناريو أخر، لن يتقبله المغاربة وسيرخي ظلال من الشك حول الأفق السياسي ،الاقتصادي والاجتماعي لبلادنا، ومادام الحزب الأكثر شعبية قد فاز فالتغيير ممكن من داخل المؤسسات ،وهي رسالة واضحة لقوى 20 فبراير ،والتي صرح بعض المنتسبين إليها بان لا شيء سيتغير مادام أن التغيير شمل فقط الوجود في الحكومة ،وليس من يسيرها عبر حكومة الظل ؟ لكن هل يمكننا اعتبار أن نضال الشارع أصبح متجاوز ،بفعل اكتساح الحزب ذو المرجعية الإسلامية ،وفقدان المخزن لدوره المحوري في اختيار من يترأس الحكومة ؟إن الإشارات الصادرة من الضفة الأخرى توحي بان شيء لم يتغير، وان من يهمه الأمر لازال المتحكم الوحيد والأوحد بالدولة ونظام الحكم فيها ،وهذا ما تحتج به قوى الشارع وتطالب تغييره قبل فسح المجال لأي تفاوض أو حوار . ومحكم القول أن نقول أن للسياسة والديمقراطية مبادئ ،من ضمنها أن نترك للحكومة الملتحية الجديدة أن تقول كلمتها وتبعث برسائلها وان تعلن برنامجها الحكومي ،100 يوم فقط ستكون كافية للحكم الأولي ،ومن ثم نرى أين نحن من الربيع العربي .