في سياق الاحتجاجات التي تعرفها جل القرى والمدن المغربية، والتي اتخذ القمع خلالها منحى نوعيا لم تعد تنفع معه طلاءات "الديمقراطية" وخطب "الاستثناء" المغربي، و"عراقة" أجهزته السلطوية في تعاملها مع أحداث وهزات من هذا النوع والحجم.. تعرضت احتجاجات مدينة طنجة لحملات قمعية جديدة نهاية الأسبوع الفارط، ابتداء من رسائل المنع الموجهة لجميع المنظمين والمؤطرين والمشاركين.. المحتملين، مرورا بحملات الدعاية المغرضة ضد الاحتجاج والمحتجين، التي نشرت في صفوف التجار وأصحاب الحوانيت.. وانتهاء بحصار العديد من الأحياء الشعبية، ساحة بني مكادة على الخصوص، مع الإنزال المكثف لجميع أنواع قوات التدخل القمعي المعززة بالآليات والسلاح والكلاب المدربة بالقرب من جميع الأحياء والساحات. بالرغم من هذا كله، وبالرغم من الشروع في المطاردة والضرب لكل من سوٌلت له نفسه تحدي المنع والقمع ابتداء من الساعة الخامسة، واجهت الجماهير الشعبية الوضع وهي مصرٌة ومتشبثة بحقها في الاحتجاج ضد أوضاع مزرية لم تعد قابلة للتأجيل والتسويف، خاصة وأن الملفات التي كانت أساس التحركات الشعبية العارمة، ما زالت على وضعها، بدون تقدم يذكر. إذ ما زالت عجرفة شركات الخوصصة أمانديس أوطاسا وتكميد قائمة ومهددة لقدرات المواطنين الشرائية، وما زال الغلاء مستمر وأثمنة المواد الغذائية الأساسية في ارتفاع دائم، وما زالت حالة المستشفيات العمومية تفتقد للتجهيزات الأساسية وعلى الخصوص جهاز السكانير.. وكذلك الشأن لحالة المدارس العمومية، وحالة الشباب العاطل عن العمل، وحالة الأراضي المتنازع عليها بين السكان وشركة العمران..الخ لم تعرف هذه الملفات الاحتجاجية أي تقدم ملموس في الوقت الذي تطالب فيه السلطات بالكف عن الاحتجاجات، بل وتمنع وتقمع بالضرب، وعبر الهجوم على المنازل واقتحام حرماتها، ثم اعتقال الشباب والمناضلين لترهيب الجميع، وثني المواطنين عن المشاركة في الاحتجاجات والمطالبة بحقوقهم الاجتماعية، الاقتصادية والسياسية. لقد كانت الحصيلة ثقيلة للأسبوع الثاني، اعتقال 22 شاب من نشطاء الحركة الاحتجاجية بالمدينة، ضمنهم شابة وشباب آخرين من قواعد جمعيتنا أطاك، تم اعتقالهما من قلب المظاهرات وبتوجيه واستهداف حاقد من طرف أجهزة المخابرات التي كانت تساير المظاهرات من أولها إلى آخرها، وتعطي أوامر الاعتقال، وتحتفظ بمن تريد وتطلق سراح من تريد. في ظل هذه الأجواء عرفت ساحة الأمم إنزالا قمعيا ملحوظا، صاحبه التهديد بالمنع والاعتقال، لكنه لم يثني أنصار جمعية أطاك من النشطاء والمواطنين والمواطنات عن التدفق للساحة وإطلاق الشعارات المدوية، والسيطرة على الوضع، عبر التنظيم المحكم والانضباط الناضج والمسؤول.. استمرت التظاهرة لمدة ساعتين، تخللتها كلمات منسق الجمعية التي نددت بأوضاع لم تعد تطاق من طرف المغاربة، القمع، والبطالة، واقتصاد الريع، والنهب، والخوصصة، وضرب المجانية، وغياب المحاسبة والعقاب، وغياب الحريات الديمقراطية، واستمرار الاعتقالات والاختطافات والتعذيب..الخ وردا على هذه الممارسات المفضوحة ل"ديمقراطية" الدولة البوليسية القائمة في المغرب، نعلن عن إدانتنا الصارخة لكل أشكال المنع والقمع الذي تعرفها احتجاجات المواطنين، في طنجة وفي غيرها من المدن والقرى المغربية الأخرى، ونسجل في نفس الوقت دعمنا ومساندتنا لعائلات المعتقلين في محنتهم هذه، مع مطالبتنا بإطلاق سراح جميع المعتقلين سواء كانوا معتقلي رأي سياسيين، أو معتقلي جميع الحركات الاحتجاجية المغربية.