يوم مشهود في تاريخ الأساتذة المرتبين في الزنزانة التاسعة، يوم الأربعاء 11 ماي 2011 سيبقى عالقا في ذاكرة كل من حضر إلى العاصمة. لم يكن أشد المتفائلين من المتتبعين أن يروا هذا الحشد الهائل الذي حج من مختلف جهات المملكة الستة العشر ،استجابة لنداء التنسيقية الذي أصدرته في بيانها الرابع.لقد جاء الآن دور التسيقيات في الدفاع عن مصالح رجال ونساء التعليم وخبا تأثير النقابات التي لم يعد يثق بها أحد.إنها الثورة الكبرى. مع بداية بزوغ شمس هذا اليوم .بدأت تحج إلى مقر وزارة التربية الوطنية المئات من الأساتذة والأستاذات المكتوين بنار سلم الخزي والعار. زرافات ووحدانا حاملين معهم رسائل للمسؤولين يشتكون فيها من الحيف والظلم الذي طالهم، وينددون بسياسة الإقصاء والتهميش المتعمدين لهذه الفئة، التي خدمت هذا البلد الحبيب بكل تفان وإخلاص ونكران للذات في فيافي وقفار لم يصل إليها أي مسؤول قط . فلماذا إذن هذا التنكر واللامبالاة ؟يتساءل أحد الأساتذة الذي قضى أكثر من ثلاثة وثلاثين سنة وهم ينتظر حظه في الترقية. الساعة العاشرة تدق،إنه موعد انطلاق الشرارة الأولى للوقفة الاحتجاجية،الأفواه بدأت تصدح بشعارات من قبيل:"هرمنا هرمنا في الزنزانة تسعود،حقوقنا حقوقنا،مزيدا من الصمود" " الأستاذ يريد ترقية استثنائية"عفوا عفوا يا تلميذ،اخشيشن اخشيشن لا يريد"....اللافتات واليافطات حملت كذالك مطالب الأساتذة والمتمثلة في ضرورة التدخل العاجل لجلالة الملك لإنصاف هذه الفئة وكذا في إقرار ترقية استثنائية بأثر رجعي مادي وإداري وإعادة السنوات المقرصنة لفوجي 93 و 94.... منتصف النهار،الشمس في كبد السماء،الحرارة أصبحت مفرطة ، والحناجر بحت، لكنها لم تثن أحدا من ترديد مزيد من الشعارات التي طالبت بتحرير سجناء الزنزانة التاسعة. كؤوس الماء وحلويات وتمور تتوزع ،ولوائح الحضور تمضى .مكبرات الصوت تنادي بالصمود ودعوة المتخلفين من السجناء إلى الحضور. أحد الأساتذة لم يبق له سوى يوم واحد للتقاعد ،لكنه أتى من طنجة للمشاركة،وآخر مريض بالسكر شاخ في الزنزانة التاسعة، لم يقو على الوقوف لكن شفتيه قامتا مقام رجليه،في حين لم تقدر أستاذة من إمساك دموعها فدرفتهم مدرارا ..أما أحدهم فعلق ساخرا:ما لم تستطع حشده النقابات الأكثر تمثيلية،تمكنت التنسيقية لوحدها من جمعه. الواحدة بعد الزوال، الإعلان عن مسيرة سلمية في شوارع الرباط،اللجنة التنظيمية تشرف على ترتيب الصفوف،كل تنسيقية محلية أمام أخرى. جحافل من المظلومين بدأت تتقدم،جموع المواطنين التي وقفت تعاين عن كثب مأساة التعليم،تحيي مربيي الأجيال وتتضامن معهم في محنتهم. الأصوات مازالت تصدح،والمسيرة تتوقف أمام مقر حزب الاستقلال،حيث تمت المطالبة برحيل حكومة الفاسي"حكومة الفاسي،حكومة الماسي"اخشيشن اطلع برا"العبيدة تطلع برا". المسيرة تمر بشارع الحسن الثاني وتصل إلى شارع محمد الخامس الذي يوجد فيه مقر البرلمان....وفجأة...ودون سابق إنذار...التحم الجمعان... أساتذة الزنزانة التاسعة والأطباء وحاملو الشواهد العليا المعطلين وأساتذة 3 غشت وووو... في وقفة مشهودة تاريخية اتحدت فيها أصوات المحتجين لتطالب بإيجاد حلول ناجعة وفورية لمشاكلهم. وقفة بينت للمتتبع إلى أين وصل مغرب الاستثناء، التنسيقية الوطنية للأساتذة المرتبين في السلم التاسع، أعلنت في وقفتها عن تنفيذ -ابتداء من ليلة الأربعاء- لاعتصام وإضراب مفتوحين لمدة أسبوع مع إضراب عن الطعام لمدة 48 ساعة.ودعت جميع الأساتذة القابعين في زنزانة الذل والعار إلى الالتحاق بإخوانهم المرابطين أمام مقر الرباط. أخيرا نقول: برافو لتنسيقية السلم التاسع،برافو للجنة التنظيمية التي أشرفت على كل صغيرة وكبيرة من أجل إخراج هذه الوقفة والمسيرة في أبهى حلة،برافو للشيغيلة التعليمية التي لبت النداء رغم بعد المسافات والحرارة المفرطة وحجت بأعداد كبيرة إلى العاصمة،برافو لكل من تضامن مع رجال التعليم من أطباء و معطلين وحاملي الشواهد العليا،برافو لجموع المواطنين الذين تعاطفوا مع مربيي الأجيال،برافو لكل من ساهم من قريب أو بعيد في إنجاح هذا المحفل الكبير.