الرياضة سلوك عن تعبير جسدي لمجموعة من الحركات قد تتنوع الحركات ولكنها تصب في هدف واحد... الجسم السليم في العقل السليم، وهي بهذا تكشف الرياضة عن نمط أخر من السياسة، ونقصد بالبيئة التي تمارس فيها الرياضة والمناخ العام المرتبط بها، لأنه بمعزل عن الأحداث السياسية لا يمكن تحقيق الأهداف الرياضية، فهي في حاجة إلى نظام وسلطة وقوة إيديولوجية مؤثرة. فالتطور العلمي والاجتماعي والصحي وتطور العادات والتقاليد عوامل أساسية في تطور الرياضة والانجاز التقني، فالعلاقة بين الرياضة والسياسة لا يمكن الفصل بينها كونها علاقة تبادلية لأي مدينة على المستوى الجهوي أو الوطني ، فما هي العلاقة التي تربط المجالس المنتخبة بالقطاع الرياضي بطنجة؟، وهل فعلا اضطلعت هذه المؤسسات المنتخبة بواجباتها التنموية في المجال الاجتماعي والرياضي؟، طبعا حالة الرياضة بالمدينة والنتائج التقنية لفرقها في مختلف الألعاب الفردية والجماعية ترد على هذه الأسئلة، وتوضح أن العديد من الأسماء سواء في المجالس السابقة أو الحالية صنعت شهرتها وحققت أهدافها من الرياضة ولم تقدم أي شيء ذو قيمة للقطاع الرياضي بالمدينة، بالرغم من كون تواجدها في تسيير شؤون المدينة كان من الممكن توظيفه في دعم القطاع الرياضي وهيكلة الممارسة الرياضية بها عبر بناء البنيات التحتية من ملاعب وخلافه، لكن تلك الأسماء قلبت الآية وجعلت الرياضة في خدمة السياسة. وهكذا أصبحت المدينة قوة سلبية في منظومة الرياضة الوطنية، بالرغم من كون المؤهلات التي تتوفر عليها طنجة قد تجعل منها قوة مؤثرة وليس العكس، وقد استفاد من هذا الوضع الغرباء والوافدين الذين حلوا بين ظهرانينا وعملوا بلغة الإقصاء على تهميش العنصر المحلي ووصفه بالعنصر السلبي، ومن ثمة عمدوا إلى تسخير الرياضة المحلية في مجالاتهم الاستثمارية واستعمال المنشآت الرياضية للمدينة في تلك المشاريع كما حدث في فضحية مركب الزياتن أو كما وهو الحال مع ملتقى الكروج لألعاب القوى، الذي وجد في بركة "بوعراقية" الدجاجة التي تبيض ذهبا، حيث أقفلت جل المدن أبوابها في وجه الكروج وقالت له على لسان القائمين على شؤونها أهل مكة أدرى بشعابها، لكنه وجد باب طنجة المسدود في وجه أبنائها مفتوح أمامه و تطوع بدون تكليف من فعاليات المدينة في تنظيم ملتقى رياضي جمع فيه الملايين من الدراهم من مساهمة الخواص والقطاع العام، بالرغم من أن طنجة لا تستفيد أي شيء من هذا الملتقى، بل بالعكس فصاحبه هو الذي يستفيد، لكون المدينة التي فرض نفسه عليها معروفة عبر العالم قبل فترة تدوين التاريخ، وهو وإن كان نجم متقاعد في مجال ألعاب القوى، فهو نكرة مقارنة مع طنجة و تاريخها، وأيضا فهشام الكروج لا يمثل أية جمعية رياضية سوى صفته كعداء دولي سابق، مما يعني أنه معفي من المحاسبة المالية كما تقضي ذلك أعراف الجموع العامة للجمعيات والفرق الرياضية، وهذا في حد ذاته مخالفة قانونية، لا ندري كيف سكتت عنها ولاية محمد حصاد والسلطة الحكومية المكلفة بالرياضة المتجسدة في وزارة الشبيبة والرياضة، و المستفز في الموضوع أن الكروج لا يساهم في ترويج "الحركة" في ملتقاه الدولي بل يجلب كل شيء معه من الرباط والبيضاء، ويترك "أولاد البلد" من ذوي الاختصاص يتفرجون وينعلون من كان السبب في هذا الوضع. فمتى يتغير الوضع وتستقل المدينة عن الأجهزة التي تسيرها من بعد؟، ولماذا لا تتسلح الدوائر المحلية بالشجاعة الأدبية والمادية لرفع سياسة الإقصاء التي تمارس عن سابق الإصرار والترصد على المدينة و أبنائها ؟، وإلى متى ستظل مدينتنا بقرة حلوب يمتصها كل من هب ودب؟.