يقول سائق حافلة عمومية في طنجة معلقا على حالة طفل صغير يركب الحافلة العمومية " هذا الطفل نمودج حي للطفولة الضائعة والمشردة في طنجة وهو ضحية مجتمع لا يرحم كبيرا ولا صغيرا ". إن سائق الحافلة الذي يسوق إحدى حافلات الشركة الإسبانية أوطاسا بطنجة يعرف كغيره من الطنجاويين قصة هذا الطفل الصغير الذي يركب الحافلة مرات عديدة في اليوم الواحد إسوة بعدد كبير من الأطفال الطنجاويين والغير طنجاويين ضحايا أسرهم الذين لا يكترثون لمشاكلهم ولا لتربيتهم وتعليمهم لكنه تحفظ عن الخوض في هذا المشكل قائلا وهو يشير للطفل " أنت صحفي إسأله بنفسك لتعرف واقع الطفولة في المغرب" . اقتربت من الطفل الذي لم يتجاوز عمره خمس أو ست سنوات كانت اسماله بالية وينتعل حذاءا من المطاط وأول شيء خطر في بالي هو الجلوس بقربه والحديث إليه . إن قصة هذا الطفل الصغير الذي هو في حكم المشردين مثلها مثل قصة الكثيرين من أطفال المغرب فهو لا يعرف شيئا عن المدرسة ولا عن تلك المواثيق الدولية التي تنص بالحرف الواحد على ضمان الحق في الحياة السليمة للطفل والتي وقع عليها المغرب وضمنها ضمن نصوصه القانونية والدستورية ،فقط برنامجه اليومي يبتدأ بركوب أية حافلة دون اكترات لوجهتها المحتملة حيث يقول بنبرة طفولية " زرت طنجة حيا حيا وشارعا شارعا بواسطة الحافلات حيث أصعد إليها إلى غاية حلول الليل هكذا دوليك..." وقد يكون الأمر بالنسبة لطفل صغير مجرد لعبة مسلية لكنها خطرة وقد تقوده لمصير أسود كالإغتصاب والإنحراف . الطفل الذي كان يتحدث إلي بعفوية وبراءة شديدة ليس الوحيد في طنجة بل هو نمودج لمئات الأطفال سواء المشردين أو أولئك الذين تخلى عنهم ابائهم بطريقة ما وتركوهم فريسة سهلة لكل أنواع الإنحراف والضياع . جميع الطنجاويين كما هو الحال لسائقي الحافلات لا يملكون سوى ترديد عبارات الحسرة فبعضهم يقول إن الأمر تحول لظاهرة اجتماعية في غياب اهتمام المجتمع المدني الذي يبدو غير مكترت لاستفحال الظاهرة ولا السلطات المحلية التي تقف متفرجة في كثير من الأحيان . الطفل الصغير استسلم للنوم على ركبتي حتى دون أن يعرف هويتي ربما لأنه هو الأخر بلا هوية !!. [email protected]