إلى روح أخي فيتّوريو أريغوني ، إلى أسرة أريغوني ، إلى إيطاليا الصامدة في وقفتها إلى جانب فلسطين المظلومة الضعيفة ... -------------------------------------- كبف أسرُد حكايتك بصدق بجمال ؟ كيف أكتب رسالتك بعمق بجلال ؟ هل تطاوعني لغتي على قطع المسافات الطوال ؟ هل تساعدني جُملي على كسرالإيقاعات الثقال ؟ هل تشاركني مفرداتي ، إحساسي بالألم ويقيني بالأمل ؟ ******* فيتّوريو ... فيتّوريو... من نار الكلمات ، من فرن الغليان ، أناديك... فيتّوريو ... فيتّوريو... من قلب الجمرات ، من صلب الخفقان ، أناجيك... من قعر روحي أصيح فيتوريو ... في بحر حزني أنين فيتّوريو... في عمق قلبي حنين فيتّوريو... في حقل شِعري أريج فيتّوريو... في زهر حقلي رحيق فيتّوريو... ******* فيتّوريو... أريد أن أصعدَ الجبل أتسلّقك أريد أن أبلغَ القمم أتنشّقك فيتّوريو... أريد أن أحلّق في الفضاء مثلك أريد أن أصفّق رغم الشقاء أهلك فيتّوريو... ******* رفض قابيلُ يدَ أخيه عضّها كانت تمسحُ دمعَه كانت تحاول فكّ قيده قطعها بغباءه وجهله بظلامه وظلمِه... هاله أن تكون بيضاء قضّ مضجَعه لونُها ما انفكّ يراها نجسا... صار كالنيران العشواء ثار كالثيران السوداء قفزتْ من رُعب كابوس خبْط هاربةٍ عمياء تغرز قرونَها النحساء في قلب فيتّوريو... ******* بكتِ الشمسُ سمعتُها تولولُ في شحوبها وتنعى فيتّوريو... غطته بشعَرها المتشتّتِ المتساقِط... ربتت بحنّاءها المتآئكلة قبّعَتَه البحريّة... باسَتهُ على خدّه الخامد سقط من فمه المفتوح غليونُه المتسائل على وَشْم " المقاومة "... عانقتْه كما لو كان القمرْ باردًا على بوّابة الفجرْ... وحلّ كسوفٌ في غزّهْ... وحلّ غروبٌ في نفسي... --- ياويح أهلي ممّا صنعوه بالضياء غدروا، صلبوه في جوف الليل شنقوه... خُيّل لهم مات ، حسبوه ... ******* آنذاك كان فيكتور في وقت الظهيرة يُضحِكُ الأطفالَ في حلقةٍ صغيرة ! يَعْبُرُ بهم جراحَ الرصاص الجبان ومآسي الحصار اللعين والجدار... يلهيهم عن بؤس الخرابِ وتعاسة الخيام والضياع بخياله السحري بكلامه الفطري... ينسج لهم قصة أميرة كانت قبيلتُها والروم حبسوها في قارورةٍ من زجاج لمّا امتطت يوما ظهر حصان واستعدت للركوض... كانت تريد أن تجري في الحقولْ كما الفراشات تحوم حول الزهورْ كما على الأغصان تزقزق الطيورْ كما النسيمُ يُقبّل الوجوه والجباهَ والعيونَ والخدود من كلّ غصنٍ وعشبٍ وورودْ... قالوا " جريمة ، حرامْ " ! قال فيتّوريو للأطفالْ : " في القبلة مياهُ الحياة ، حبّ وحنانٌ وظلالْ... " ! ******* هكذا كان فيتّوريو ! كان قُبلة ! قُبلة تُحاصِرُ نفَسَ العدو قُبلة ياأحبابي من الوحش حين تدنو ينتفِشْ يرتعِشْ تدقّ ساعةَ حتفه ! --- فيتّوريو انتصارْ ! اِنتصرالخيرُ ، وانهزم الشر ، إبليس لاذ بالفرارْ ! --- وكلّ صنديد ياأحبابي أمام أعراس الشهداء وياسمين القبلات فأر خائف مذعور... --- وكلّ جبّار ياأحبابي أمام دماء الأبرياء وزغاريد النساء وهتافات الشباب كلب نابح مسعور... ******* ها هو البحر الأبيض ينبُضُ بدماء فيتّوريو ، في كلّ قطرة منها ألفُ إرادةٍ للحياة ! في كلّ دفعةٍ منها وعدُ ووعيد أجواقٌ ونفير، كيمياءٌ يشربها الماء فيسري في ذراته سحرُ فيتّوريو الطفلِ الطليق البريء العنيد... ها هو عنفوانُه يهيج جبالا من الأمواج تأتي من بعيد ترتمي في أحضانك ! ياغزة الحبيبة ! ******* فتحتُ يدي سرّحتُ ذراعي رفعتهما صامتًا نظرتُ مطلع الشمس وقال حالي : " إلى الأمام ، فيتّوريو ، نحن وراءك ،على خطاك صامدون ، لِذكراك الحرّة مخلصون... معاً جميعاً والله معنا ! "