حين كان صوت المتظاهرين يصدح ويعلو بالصراخ والشعارات الرافضة للظلم والإستبداد في عدد من المدن المغربية من بينها طنجة ، كانت القنوات المغربية تبث الوصلات الغنائية الراقصة ومباراة كرة القدم والأفلام السخيفة وكأن الذين خرجوا في 20 فبراير للإحتجاج على الظلم والفساد سقطوا من كوكب أخر . قبل مظاهرة 20 فبراير لا ماب : تقول لقد تم إلغاء المظاهرة قبل يوم من مظاهرات 20 فبراير دخلت وكالة المغرب العربي على الخط وهي بوق الدولة الرسمي الذي يروج لسياستها الكارثية بعد أن نشرت خبرا زائفا حول إلغاء مظاهرة 20 فبراير وبعد مدة وجيزة اشتعلت حرب الفيس بوك والتصريحات بين من يهدد ويتوعد المحتجين بسوء الوعد والوعيد وبين من يتمنى أن تظهر في الأفق بوادر التغيير لكنه ينتظر اللحظة المناسبة للركوب ، وقبل ذلك أيضا بيوم واحد خُربت بعض مقرات أمانديس وهي شركة فرنسية ألهبت بفواتيرها جيوب الناس الفقراء وإحدى الوكالات البنكية وتعرضت كوميسارية العوامة وهو مقر أمني للرشق بالحجارة مع أن الكثيرين وضعوا ألف علامة استفهام عن توقيت التخريب وتزامنه مع الإحتجاجات المقبلة ودور بعض الجهات في تشويه حركة 20 فبراير . طيلة فترة الإستعداد ليوم الغضب وهو 20 فبراير لم تبث وسائل الإعلام الرسمية أي خبر عن حركة هؤلاء الشباب التي ابتدأت من العالم الإفتراضي ونزلت لأرض الواقع بل وتبرأت منها الأحزاب المغربية وكأنها مخلوق شيطاني بل وعزف الكل على نغمة الإستثناء المغربي وحب الملكية وكأن من سيخرج في 20 فبراير أعداء للملكية ؟ فخرج حزب العدالة والتنمية الذي كان يعول عليه بما بقي له من "الجبهة" ليعلن أنه لن بشارك في الإحتجاجات المقبلة وكانت خيبة أمل كبيرة وتبعته في ذلك جل الأحزاب إن لم نقل كلها وعازفة على نفس الوتر مع أن الشعب المغربي قاطبة لا يعترف بهذه الأحزاب ولا يعول عليها في معركته القادمة بل يعتبرها عارا وطنيا بامتياز ومجرد كومبارس يساهم في تكريس الظلم عبر الإنخراط في اللعبة السياسية القذرة . عشرات الآلاف من الطنجاويين الغاضبين ينزلون للشارع في الصباح كان المئات يتدفقون للشوارع الطنجاوية وكان صوتهم مدويا وقد بلغ في مدينة طنجة لوحدها أكثر من 10 ألف متظاهر وكانت لا ماب أي وكالة المغرب العربي تقول إن عشرات المتظاهرين يتظاهرون في الشوارع ، فقد كان العمى قد اصاب عيون مراسليهم إن لم نقل قلوبهم لكن الكثيرين قالوا إنهم مجرد موظفين مخزنيين يأمرون فينفدون مثلهم مثل دوزيم التي حضرت لمنطقة بني مكادة حيث مظاهر الفقر والتهميش والظلم بمختلف أشكاله وألوانه قد عششت في كل مكان لتساهم في مسرحية البكم الصم وتغيب الحقائق عن الشعب / تلك الحقيقة التي صدحت بها الشوارع والميادين عبر حناجر الشباب المغربي وعبر ربوع الوطن . في ضواحي بني مكادة أي طنجة المهمشة وقرب سوقها الشعبي هتف الجميع بحرقة ومرارة وبخاصة الشباب " الشباب هاهوما والخدمة فين هي " و" زيرو الحكومة المغربية " و " عباس الفاسي سير فحالك الحكومة ماشي ديالك " كان الكلام واضحا والرسالة أكثر وضوحا ، عباس الفاسي يجب أن يرحل هو وأبناءه وأصهاره ومثله مثل وزراءه فلا مكان لهم في مغرب شاب سئم من البطالة والفقر والقمع والتجويع . الشعب يحكم الشوارع بحناجره وهتافاته استمرت المسيرة الشعبية قبل أن يقرر الجميع السير مشيا على الأقدام إلى نقطة التجمع وهي ساحة الأمم بطنجة حبث اخترقت المسيرة الشعبية شارع بني مكادة الرئيس وبعد انضافت الجموع من كل مكان وهي تردد بأعلى صوتها " الشعب يريد إسقاط الدستور " وهي رسالة واضحة لا تحتاج لأي تفسير أو شرح . كانت للقنوات الرسمية أيضا نصيب من الغضب الشعبي من قبيل " إدانة شعبية للتلفزة المغربية " كما لم ينسى المتظاهرون قناة الجزيرة القطرية مرددين " الجزيرة كتفضح والدوزيم كتشطح " . قبالة ثكنة العسكر ببني مكادة التي أغلقت بوابتها الرئيسية على غير عادتها وقف عسكري يتلصص السمع ولا يظهر منه إلا حذاءه العسكري ،بينما اختفت جميع المظاهر الدالة على وجود الشرطة من هروات وسيارات تترقب المحتجين ، كانت الشوراع فارغة من رجال الشرطة اللهم بعض أفراد شرطة المرور الذين كانوا سرعان ما تقترب الحشود يختفون وكأن الأرض تبتلعهم . سلمية حركة 20 فبراير طيلة المسيرة الحاشدة لم نرى أثرا لرجال الشرطة أو قوات مكافحة الشغب كان الشعب سيد الميدان وحده يصرخ ويندد ويحتج مطالبا بإصلاح اقتصادي واجتماعي وسياسي قبل فوات الأوان كما كان يردد المحتجون الغاضبون . في ساحة الأمم بطنجة اكتمل الحشد ليضم عددا من الهيئات المدنية من شبيبة العدل والإحسان وأطاك المغرب لمناهضة الرأسمالية والنهج القاعدي وفي أعلى شرفات المنازل كانت احدى الفتيات تزغد والأخرون يحيون المحتجين ويرفعون شارات النصر أو الأعلام الوطنية بينما انقسم عدد من الشبان لفرق توزع المياه على المحتجين بشكل يوحي بوجود نضج ووعي كبير . طيلة المسيرة أيضا إلى غاية انصراف المحتشدين الذين رددوا هنافات مطالبة بالإعتصام وأخرى بضرورة الإستجابة لأي تحرك مقبل إلى غاية الإستجابة لكافة مطالبهم المشروعة في الإصلاح الإقتصادي والسياسي ، لم تسجل ولو حالة واحدة لأي شعب او عنف وهي رسالة قوية لكل من شكك في شرعية وسلمية 20 فبراير وأهدافها فهل تستوعب الدولة الدروس والرسالة أم أنها بداية الإنزلاق للمجهول ؟ . [email protected]