" منظمة أطباء بلا حدود بالمغرب تندد ب: "الطرد الجماعي المكثف للمهاجرين والحوامل والأطفال والرضع على الحدود الجزائرية." المفوضية السامية تطلق حملة للدفاع عن اللاجئين. عرف ملف الهجرة واللجوء في المغرب تطورات متلاحقة خلال شهري غشت و شتنبر من هذه السنة سواء على المستوى الرسمي المحلي والإقليمي والدولي أو على المستوى المدني الفاعل في المجال، أو الأكاديمي، وكذا الإعلامي المتتبع لشأن تدبير السياسات العمومية لهذا الإشكال الإنساني والتنموي بمختلف تفاعلاته ونتائجه الملموسة على ارض الواقع في إطار علاقات دولية إقليمية شمال- جنوب بين ضفتي البحر الأبيض المتوسط في سياق التعاطي المشترك على الحدود المغربية الإسبانية، وانعكاساتها في علاقات جنوب – جنوب في ما يرتبط بالعمق الإفريقي بالنسبة لواجهة السياسة الحدودية للمغرب مع دول الجوار . برزت هذه التطورات على بعد بضعة أسابيع معدود فاصلة عن تخليد الذكرى السادسة لأحداث 2005 في حق مهاجري دول جنوب الصحراء ،على حدود الثغرين المغربيين المحتلين سبتة ومليلية، في محاولات اجتياز الحدود المغربية الإسبانية من أجل العبور نحو القارة العجوز، للبحث عن فرص العمل، وما أسفر عن ذلك من مأساة إنسانية غير مسبوقة في الأرواح نتيجة سياسة تشديد مراقبة الحدود، مازالت المسؤولية الجنائية عنها محط مطالبة بالعدالة لفائدة اسر هؤلاء الضحايا وللضمير الإنساني . و ترتبط هذه الفترة الممتدة على مدى خمس سنوات بتحولات عميقة في معطيات الهجرة على ارض الواقع أمام انسداد آفاق العبور بالنسبة للتدفقات البشرية المرشحة للهجرة، من الإقامة المؤقتة إلى إقامة طويلة مفتوحة على وضعية صعبة تناشد العيش بكرامة وأمان، فكيف تتعاطى السلطات المغربية مع هذه المتغيرات، وما هو الثابت والتحول في هذه المعادلة بين التدبير السياسي المتشعب لهذا الملف، ومعايير احترام الالتزامات الدولية في مجال حقوق الإنسان. الهجرة وموسم الحصاد والمقايضة: تلاحقت الأحداث المرتبطة بهجرة رعايا دول جنوب الصحراء في المغرب انطلاقا مع بداية شهر غشت بما أعقبه من تصريحات رسمية متضاربة بين الطرف المغربي والاسباني تراشقت باتهامات إساءة معاملة المهاجرين المرشحين لاجتياز الحدود بعدم إعمال معايير حقوق الإنسان، عبرالبلاغ الذي أصدرته وزارة الخارجية المغربية يوم 6 غشت 2010، لإدانة سوء معاملة حراس حدود مدينة سبتة لثمانية مهاجري جنوب الصحراء بطرق مخالفة لمعايير حقوق الإنسان، وأجمل البلاغ جنسياتهم في:(4 كامرون) و(1سنغال) و(1شاد) و (1غينيا) و ( غابون)، وأمام استغراب صيغة البلاغ لتناقضات الطرف الاسباني مع المواثيق الدولية لحقوق الإنسان، وكذا الاتفاقيات الثنائية بين البلدين، واعتبار هذه المسلكيّات غير مسؤولة لا تخدم مصلحة البلدين المتجاورين. ولكن في المقابل فإن الطرف الإسباني نفي جملة وتفصيلا صحة هذه الإدعاءات وادعى صعوبة التحقق منها بناءا على تحقيقات باشرتها السلطات الرسمية ومنظمات المجتمع المدني المهتمة بالموضوع ومحامي الشعب . وقد شهدت هذه الواجهة في الأيام الموالية 11 غشت تصعيدا سياسيا حادا استعملت فيه جميع أشكال الاستفزازات المتبادلة بتدخل نشطاء إسبان برفع أعلام معادية للمغرب بالعيون، واندلاع توتر حدودي هدد بحصار اقتصادي على مدينة مليلية ،عقب زيارة رئيس الحكومة الإسبانية السابق للمدينة المحتلة، و جاراه تحرك احتجاجي مدني مماثل بباب سبتة 21 غشت في شكل مائدة فطور إبان شهر رمضان. ولكن سرعان ما أسدل الستار عن هذا المشهد في ظرف يومين بواسطة المحادثات التي جمعت وزير الداخلة المغربي بنظيره الإسباني في الرباط يوم الإثنين 23 غشت، توج باتفاق أمني وُصف في حينه بأنه "هشّ"، أعقبه تصريح مشترك عبّر فيه الوزير الإسباني :" أن المغرب لا يزال حليفا استراتيجيا وذو مصداقية ومسؤولية، وهنّأ نضيره المغربي على جهوده الهامة في مجال مكافحة شبكات تهريب المهاجرين والاتجار بالبشر، الأمر الذي ساعد على تجفيف تدفقات الهجرة غير الشرعية." وتمت برمجة تشكيل لجنة أمنية مشتركة لهذا الغرض مع قضايا الإرهاب. ويأتي هذا الاعتراف الإسباني الرسمي لجهود المغرب بناءاً على الحيثيات الجارية على أرض الواقع، والبعيدة عن المزايدات الظرفية، ففي نفس اليوم 23 غشت، أوقفت السلطات المغربية على سواحل الحسيمة زورقا يقل 72 مهاجرا من دول جنوب الصحراء، في محاولة للعبور نحو السواحل الإسبانية، وتم ترحيلهم مباشرة نحو الحدود الجزائرية ،لأن المصالح المختصة بمحاربة الهجرة السرية تتخذ الحدود الجزائرية الوجهة المفضلة لتجفيف هذه التدفقات في الصحاري القاحلة ،كما صرحت في نفس اليوم منظمة أطباء بلا حدود وهي منظمة إنسانية عالمية غير حكومية تتابع وضعية هؤلاء في المنطقة منذ 2003، بأن (40%)منهم يعانون من سوء معاملة الشرطة المغربية . وهذه الإجراءات الصارمة في الطرد ظلت سارية المفعول كما كانت من قبل، إذ تفيد مجموعة معطيات سابقة تعود إلى سنة2008 أقدمت خلالها السلطات المغربية ليلة 23-24 دجنبر على ترحيل 110 مهاجرا من جنوب الصحراء غير شرعيين من مختلف الجنسيات إلى الجزائر ، تم اعتقالهم على خلفية عمليات محاولة التسلل الجماعية إلى مدينة مليلية، وجاء الترحيل في حينه نتيجة عمليات اقتحام رجال الأمن المغاربة بعنف عدة منازل في مدينة الرباط، واعتقلوا 248 مهاجرا من دول جنوب الصحراء، رغم أن 42 منهم كانوا يحملون صفة لاجئ من طرف المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، وكانوا يحملون الوثائق التي تثبت صفتهم كلاجئين، لكن الأمن المغربي تجاهل كل ذلك، حيث تم تمزيقها على اعتبار أنها غير صالحة وغير معترف بها. وتقدموا بشكاية حينئذ ضد المغرب لدى الأممالمتحدة بسبب «التعذيب والطرد الذي مارسه في حق 42 مهاجرا إفريقيا معترفا بهم كلاجئين من طرف المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، إلى لجنة مناهضة التعذيب لدى الأممالمتحدة من طرف المحامي الإسباني ألبيرتو ريبويالتا، المسؤول عن الشكايات القضائية للهيئة الإسبانية لمساعدة اللاجئين، حيث أكد أن امرأة أجهضت نتيجة للممارسات التي قامت بها الشرطة المغربية ضدها، واثنتين تم اغتصابهما بعدما تم التخلي عنهما من طرف المغرب في الصحراء عند الحدود الجزائرية ". وإبان فترة التوتر السياسي بين المغرب وإسبانيا، وتبادل الاتهامات والاستفزازات، تداولت وسائل الإعلام في 16 غشت بأن (12) مواطنا من جنوب الصحراء مرشحا للهجرة نحو أوروبا مرحّلون توفوا عطشا في الصحراء الجزائرية، حسب شهادة ناجيين اثنين من الموت ،عندما تعطلت الشاحنة التي كانت تقلهم للرجوع إلى شمال مالي وسط الصحراء بين الحدود الجزائرية ومدينة تمنراست ،إذ وجدوا أنفسهم أمام نقص في الماء والغداء، وهؤلاء الأشخاص الذين لقوا حتفهم في الصحراء بسبب الجوع والعطش هم : (3كامرون) و (3مالي) و (2إفوار) و (2 سنغال) و(1غامبيا) و ( 1غينيا) لم يتمكنوا من البقاء على قيد الحياة في شهادة أحمد صاحب شاحنة نقل المهاجرين المعروف بين محيط مالي و الجزائر، وتتابعت هذه الوضعيات جمعيات مدنية من الدول الإفريقية التي ينحدر منها هؤلاء، وأصدرت بدورهما بلاغات في الموضوع مثل جمعية مبادرة التنمية بمالي التي يرأسها "مامادو دياكيطيط" ،ولذلك فإن المعنيين بالأمر واعون جيدا بالدور الذي يزاوله المغرب في هذه اللعبة:" بأن المهاجرين مجرد بضاعة وعملة الصرف للمقايضة على مصالحه الاقتصادية والإستراتيجية التي تجمعه علاقاته الثنائية مع إسبانيا في شأنها" كما يصرح المدعو عيسى أحد ضحايا الطرد على حدود سبتة:"نحن على علم بأننا مهاجرون ،وفقراء،ولكننا لسنا أغبياء..." في إشارة ذكية واضحة - التقطتها وسائل الإعلام النشيطة على الضفتين-إلى الممارسة المغربية في مجال سياسة الهجرة التي لا تحترم التزاماتها وتعهداتها الإنسانية . والخلاصة الثابتة في عمليات الطرد والترحيل التي تقوم بها السلطات المحلية المغربية في حق المهاجرين لا يتم التصريح بها إطلاقا في بيانات رسمية ومسؤولة رغم ضخامة أعداد المستهدفين فيها،وجسامة الانتهاكات المترتبة عنها، وهذا ما يحكم على هذه العمليات بأنها خارج نطاق المرجعية الدولية لحقوق الإنسان في مجال الهجرة ،وخصوصا وأن المغرب صادق على الاتفاقية الدولية لحماية حقوق جميع العمال المهاجرين وأعضاء أسرهم التي بدأ نفاذ العمل بها سنة 2003، وقع عليها المغرب في 15/8/1991، وصادق عليها ،وانضم إليها في 21/6 /1993 . وتابعت وسائل الإعلام من الرباط موسم الطرد المغربي الجماعي المكثف للمهاجرين ، خلال شهر شتنبر إلى غاية يوم السبت 30/9/2010 بواسطة حملات المداهمة الأمنية في حق مهاجري جنوب الصحراء في مدن مختلفة بالمغرب، و كذا حصيلة عملية الإجلاء الجماعي المكثف في اتجاه الحدود الجزائرية، من بينهم نساء، وأطفال، و رضع حديثي الولادة ،تُركوا في الخلاء خلال منتصف الليل بدون ماء ولا طعام، في ظروف إنسانية وصحية جد صعبة . و نددت منظمة أطباء بلا حدود بهذه الإجراءات في بيان صادر لها حول وضعية المهاجرين بالمغرب، وكشفت عن الحملات الأمنية للشرطة المغربية التي جرت بين 19 و 10 شتنبر والتي شملت مابين 600 و700 مهاجر، نقلوا إلى الحدود الجزائرية، وتم التخلي عنهم في وضعية صعبة، وقد تدهورت حالتهم الصحية والإنسانية عموما نتيجة هذا الطرد الجماعي الذي لحق النساء الحوامل والأطفال المرضى و الجرحى المصابين مباشرة أو غير مباشرة، بفعل تشديد التدابير الأمنية للشرطة خلال حملات المداهمات، والاعتقال، والتخلي عنهم في مناطق خلاء، تعرضهم لمخاطر قطاع الطرق واللصوص والمهربين العاملين في هذا المجال بالمنطقة . وصرح المنسق العام لمنظمة أطباء بالحدود بالمغرب"جورج مرتيني" بأن:" الإجراءات المتخذة في إطار سياسة مراقبة الهجرة بالمغرب تؤثر مباشرة على صحة وكرامة المهاجرين واللّاجئين، وأن التدخلات الأخيرة للشرطة جرت في مدن مختلفة مثل الحسيمة ،والناظور، وطنجة ، والرباط ،والدارالبيضاء ،وفاس ،ووجدة ، وعملية الطرد لهؤلاء المهجرين على الحدود الجزائرية تجعلهم أمام خيار العودة سيرا على الأقدام في محاولة عبور الحدود مجددا"، وقد لاحظ نشطاء هذه المنظمة العاملون في المنطقة زيادة حالات المرضى الذين يعانون من مشاكل صحية ترتبط بالعنف وانعدام النظافة ، وإصابات جراء العنف، وسوء الظروف المعيشية، وعدم وجود سكن ملائم ، وأفادت المنظمة بأنها:" تدخلت لفائدة 186من الذين تمكنت من إسعافهم، من بينهم 103 كانوا يعانون من إصابات جراء العنف الذي تعرضوا له خلال عملية الطرد على يد قوات الأمن المغربية• و (18%) كانوا يعانون من الالتهابات الجلدية ،و( 10% )يعانون من التهابات الجهاز التنفسي ، و(11%) يعانون من مشاكل في الجهاز الهضمي. من جهة أخرى؛ صرح هشام بركة أحد العاملين في المجال المدني بمدينة وجدة :"بوجود بعض الأسيويين الذين شملهم الطرد في سياق إستراتيجية جديدة للدولة في طرد المهاجرين ضمن مجموعات تتكون مابين 30و 40و 50 فردا" . و أكدت منظمة أطباء بلا حدود أن المصالح المغربية استعانت في تدخلاتها اتجاه المهاجرين المنحدرين من دول جنوب الصحراء وغيرهم المتواجدين فوق التراب المغربي بدون أوراق الإقامة الرسمية بالمروحيات في مدينة الناظور على سبيل المثال ،واستعمال الجرافات لهدم منازلهم ،وإتلاف ممتلكاتهم ،مما أسفر عن مواجهات وأحداث في المدن التي تمت فيها هذه الاعتقالات ، حيث لاتزال هذه الممارسات متواصلة. ويصف المنسق العام لأطباء بلا حدود بالمغرب هذا الوضع بأنه:"خطوة إلى الوراء انطلاق من مدينة وجدة الحدودية، وانتكاسة حيث أن الوضع كان قد عرف تحسنا على مدى خمس سنوات عن الترحيل الجماعي السابق بنفس المنطقة الصحراوية على الحدود، كما عكسه تقرير المنظمة خلال شهر مارس عن سنة 2007 بأن المهاجرين توصلوا إلى ولوج بعض الرعاية الصحية، وتمكنوا من التواصل مع الساكنة المحلية، وأنهم استقروا في منازل مهجورة، وأقاموا محلات تجارية مؤقتة للإيواء، ولكن قوات الأمن دمرت جانبا كبيرا منها، وهناك سيدة أنجبت قبل ستة أيام بقيت خلالها خمسة أيام في زنزانة مع ابنها الحديث الولادة، وبعد ذلك تم اقتيادها للطرد على الحدود، حيث تعرضت لالتهاب معوي حاد". ويعتبر المغرب آخر مرحلة في رحلة مواطني دول جنوب الصحراء بدون تأشيرة نحو دول الإتحاد الأوربي، ويقدر بأن هناك حوالي عشرة آلاف ينتظرون الفرصة لدخول إسبانيا. ويظل البعض منهم يحاول على مدى سنتين، والآخرون تخلوا عن ذلك واستقروا في البلاد ،خاصة في المدن الكبرى: الدارالبيضاءوالرباط. وتعلن هذه المنظمة عن أسفها لهذه الحملات والترحيل الجماعي التي تفاقم هشاشة هؤلاء، وتعرضهم لأخطار مضاعفة، وتطالب المغاربة ،بموجب الحقوق الوطنية والدولية ،احترام التزاماتهم الدولية في تنفيذ تدابير مراقبة الهجرة إذ:"يجب على الحكومة أن تحترم كرامة، وسلامة المهاجرين، و أن تبدل كل جهد لتفادي حدوث تزايد الهشاشة و الخوف لديهم،"و يشير الإعلان حسب المقتضيات التي ينص عليها القانون المغربي رقم 03.02 المتعلق بدخول وإقامة الأجانب بالمملكة وبالهجرة غير الشرعية في المادة 26 :" لا يمكن اتخاذ قرار الطرد في حق النساء الحوامل ، والأطفال،و الأشخاص ذوي الاحتياجات ممن يجب اقتيادهم إلى الحدود". ويرى أحد المراسلين الصحفيين الإسبان بالرباط "لويس دي فيغا" معلقا على هذه الأحداث بأن:" المسؤولين المغاربة قد تمكنوا عبر آلية إجلاء المهاجرين في الصحراء من جعلهم غير قادرين على القفز على السياج الحدودي لمدينة سبتةالمحتلة،" في إشارة ضمنية إلى الدور الدّركي الذي تقوم به السلطات الرسمية بالمغرب لفائدة دول الإتحاد الأوربي، وتوفير الحماية الأمنية للمدينة المحتلة التي تطالب باسترجاعها، وإرضاء حكومة مدريد بصورة ساخرة ومأساوية متطابقة مع ازدواجية تعاطى السلطات المحلية في المغرب لسياسة الهجرة تجاه مهاجري جنوب الصحراء الوافدين على ترابه، في معايير احترام حقوق الإنسان من خلال التزاماته تجاه العمال المهاجرين، والنساء على حد سواء، وخصوصا الحوامل والأطفال بعيدا عن اعتبارات وضعية الهجرة غير النظامية. وفي جانب آخر؛ ترى الصحافة الجزائرية المتتبعة للموضوع بأن: "..عمليات إبعاد المهاجرين غير الشرعيين تشهد وتيرة متسارعة في الأشهر الأخيرة، غير أن الجزائر تقع في موقع ملائم للمملكة المغربية لإيواء المطرودين، رغم أن أغلبهم لم يعبروا أراضيها للالتحاق بالمغرب ومن ثم الوصول إلى أوروبا• وتتحجج الرباط في كل مرة بكون هؤلاء يأتون من الحدود الجزائرية، غير أن العديد منهم يأتون من الجنوب عبر الأراضي الصحراوية... قادمين إليها من موريتانيا، وليس أسهل على الجارة المغرب من طرد هؤلاء المهاجرين إلى الحدود الجزائرية، لكن هذه المرة كانت العملية أكثر وحشية من سابقاتها•" إن هذا الواقع المرتبط بتشديد مراقبة الحدود كقاعدة ثابتة يلتزم بها المغرب في سياسته الثنائية مع اسبانيا ودول الإتحاد الأوروبي، يتم الإشادة بها رسميا، رغم التمويهات المغربية ، أجبرت المهاجرين على تمديد وضعية الاستقرار المؤقت في انتظار العبور إلى إقامة مفتوح في وجهة تقلبات سياسة مراقبة الحدود، و تؤكد هذه الحقائق نتائج دراسة سوسيولوجية تم تقديمها بالرباط يوم26/9/2010 ، وهي دراسة أعدها مركز "جاك بيرك" للدراسات في العلوم الإنسانية والإجتماعية ذات المناهج الأنتروبولوجية الحضرية المجالية، بشراكة المنظمات غير الحكومية الإيطالية للتعاون الدولي جنوب- جنوب ، تكشف عن أن :" نسبة كبيرة من هؤلاء المهاجرين اختارت العمل في المقام الأول في مجال البناء". و تبين النتائج الأولية لهذه الدراسة حول حقوق المهاجرين والتنوع الثقافي التي انطلقت في وقت سابق من هذه السنة :"أن الإقامة الدائمة مرتبطة في كثير من الأحيان بإنجاز وظائف رفضها المغاربة، تعمل فيها نساء الأسر المغربية المهمشة اجتماعيا، مثل المطلقات، أو الأمهات العازبات". وأكد مدير مركز جاك بيرك "ميشال بيرالدي على :" سقوط أسطورة الطيور المهاجرة- في إيحاء إلى التّصور السائد في المغرب حول المهاجرين - تساعد على إقامة وضعية ملائمة للاستقرار في البلد" ، وأضاف :" أن ليس هنا دائما آليات الدعم الكافية، وان تحول المغرب من بلد العبور إلى بلد الاستقرار تقتضي التفكير حول وضعية هؤلاء المهاجرين بغير وثائق ،وحول أولئك الذي لا يقدمون الإثباتات بفعل انعدام البيانات الرسمية" . اللّجوءومطالب الحماية والإدماج: و قبل ذلك بثلاثة أيام ، عقد ممثل المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بالمغرب، يوهانس فان دير كلاو، يوم الخميس، 23/9/2010 ندوة صحفية بالرباط، دعا فيها السلطات العمومية إلى مواصلة سياسة الحماية والمساعدة لفائدة اللّاجئين، لاحترام أفراد الساكنة المعترف بها الذين يوجدون في وضعية لاجئين منحدرين في الأغلبية من ساحل العاج، و جمهورية كونغو الديمقراطية، والعراق. و صرح "جوهنس فان ديركلاو" الممثل السامي للمفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللَّاجئين في المغرب بأن حالة اللّاجئين في المغرب هي أكثر من أي وقت مضى على جدول الأعمال الذي عقد بعد خمس سنوات من الممارسة لاستعراض تقييم سياسة الحكومة في مجال حماية ومساعدة اللّاجئين وطالبي اللجوء بحضور الصحافة ووسائل الإعلام. و لاحظ المفوض السامي بأن المغرب إذا كان نقطة عبور إلى أوروبا، فإنه أصبح بشكل تلقائي بلد استقرار، بالنسبة لعدد متزايد من المهاجرين غير الشرعيين وطالبي اللُّجوء، في سياق يتسم بتدفقات هجرة مختلطة تتألف في غالبيتها من العنصر النسائي والقاصرين غير المصحوبين بذويهم، المنحدرين من جنوب الصحراء الكبرى وقال أن :" المغرب يواجه تحديات جديدة في إدارة سياسة اللجوء"، و أوجز بأن 10.000 مهاجر يوجدون حاليا بصفة مؤقتة أو دائمة فوق التراب المغربي بينما 800 أحرزوا على وضعية لاجيء سياسي تحت وصاية المفوضية إلى غاية غشت الأخير وهو:" رقم قليل الأهمية بالنظر إلى 200.000 طالبي اللجوء في جنوب إفريقيا خلال سنة واحدة." و أكد "مارك فاوي" المسؤول المكلف بالعلاقات الخارجية بالمفوضية السامية مضيفا :" أن( 10%) فقط من طالبات اللجوء يتم قبولها في المغرب ". و تعمل المفوضية العليا في الوقت الراهن، خلال هذه المرحلة الانتقالية، على البث في وضعية اللجوء وفي حالة كل من يحتاج للحماية الدولية: " و المغرب بدوره يجب أن يكون قادرا على ذلك"، و أكد على نفس الرأي مختلف أعضاء المفوضية الحاضرين، لأنه يجب التذكير بأن المغرب سبق له أن صادق على اتفاقية جنيف سنة 1951 المتعلقة بوضعية اللّاجئين في 26 غشت 1957، وعلى بروتوكولها الإضافي لسنة 1967 في 20 أبريل 1971 و: " ينبغي عليه احترام التزاماته الدولية إلى النهاية"، كما صرح "جوهانس فانديركلاو". و تتضمن الأهداف الإستراتيجية للمفوضية، في هذا الصدد، مساعدة المغرب في دعم تقوية نظام الحماية القائم لطالبي اللجوء واللاجئين في إطار تدفقات الهجرة. و قال أحد أعضاء المفوضية بأنه:"يوجد مرسوم ملكي منذ سنة 1957 الذي بمقتضاه يعترف بنوعية اللّجوء، ولكن من الضروري تحيينه"، وهذا على العموم لحمل المغرب على إدراج إشكالية اللّاجئين في سياسة شاملة للهجرة، واعتماد إطار قانوني وتشريعي خاص، ومن الآن فصاعدا ، يتم تجديد رخص اللّاجئين المعترف بهم تحت وصاية المفوضية العليا تحميهم في واقع الأمر من الترحيل الآلي نحو الحدود التي ترصد أي مهاجر في وضعية غير شرعية فوق التراب المغربي، ويعترف "مارك فاو" ب: " تحقق تقدم هام لفائدة اللاجئين بالتعاون القيم للسلطات المغربية". ولكن حتى الآن؛ هؤلاء اللّاجئين ليسوا بعيدين عن الأخطار فيشير "ماركافو" بأنه:" لا يسمح لهم بالعمل سوى في حدود الاكتفاء الذاتي خاصة بفضل الأنشطة المدرة للدخل بمساعدة تنفيذ المفوضي"، فهي بالأحرى متواضعة، وغالبا ما تزاول في القطاع غير المهيكل، و تمكّن هذه الإرادات بصعوبة اللّاجئين، وخاصة النساء من تغطية جانب من احتياجاتهم. وفي الواقع يظل اللّاجئون مستبعدون عن سوق الشغل المهيكل والمعرض بقوة لتقلبات البلد المضيف، في غياب وضع قانوني ومنح تصريح الإقامة من طرف السلطات المغربية. ولمعالجة هذه الوضعيات ذات الجسامة الكبيرة التي يعيشها اللّاجئون، تنسق المفوضية العليا مع المجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية لترتيب الحلول الدائمة التي من بينها برنامج عريض للمساعدة تمكنهم من نفس صفة المواطنين للولوج إلى الخدمات الاجتماعية الأساسية في مجالي الصحة والتعليم. و تريد المفوضية أن ترى المغرب يطبق هذه السياسة عامة وكاملة مطابقا لالتزاماته، التي يجب أن تمكّن اللّاجئين من الاندماج داخل البلد المضيف، والعيش بكرامة في احترام لحقوقهم الأساسية. ومع ذلك؛ ينبغي للمغرب توفير الوسائل البشرية والاقتصادية في سياسته لليد الممدودة، حيث أن هناك ثلثي المغاربة ينشطون في القطاع الخاص. أحدثت مفوضية اللاجئين بالرباط مركزاّ للتكوين المهني أطلق عليه 'شرق غرب' بهدف مساعدة المهاجرين الوافدين من بلدان جنوب الصحراء في الحصول على فرصة عمل، ويستقبل المركز الحديث النشأة مابين 500، 600 مهاجر من منطقة جنوب الصحراء. وقالت فوزية شوقي مديرة المركز "إن المهاجرين يتلقون تكويناّ في الٳعلاميات والخياطة والصيانة، حيث يضاعف هذا التكوين حظ هؤلاء المهاجرين في الحصول على فرص عمل بالمغرب".وأضافت: "أن المركز يلعب دوراّ مهماّ في اندماج المهاجرين الأفارقة في المجتمع المغربي، حيث نُعلِّمهم اللغة العربية والدارجة المغربية لتسهيل تواصلهم مع فئات المجتمع". وقدّم المفوض السامي في هذه الندوة إحصائيات المفوضية العليا بالرباط حول الأعداد المسجلة لديها، التي من شأنها تسليط المزيد من الضوء على سمات اللاجئين بالمغرب في غياب أي إحصائيات رسمية دقيقة في الموضوع، وهي كما ساقها على الشكل التالي: " تتشكل الساكنة اللّاجئة بالمغرب إلى نهاية غشت 2010 من 760 فرد و 511عائلة، من بينهم 200 طفل بنسبة (20%) فيهم 99 إناث و 101 ذكور و 131 نساء راشدات بنسبة (17%). والفئة العمرية من 18 – 56 سنة تشكل المجموعة الأكثر أهمية بين اللّاجئين وطالبي اللّجوء، وأغلب اللّاجئين ينحدرون من ساحل العاج(36 %)، وجمهورة الكونغو الديمقراطية (27 %)، والعراق (22 %)، وتتمركز في الوسط الحضري الرئيسي الرباط /سلاوالدارالبيضاء، وإن أغلبية اللّاجئين فرانكفونية". و بموازات المسؤولية الإنسانية المباشرة للمفوضية العليا في متابعة وضعية اللجوء في المغرب ، إن منظمة العمل الدولية فرع المغرب بدوره أعد برنامجا تكوينيا موجها لفائدة منظمات المجتمع المدني المهتمة بقضايا الهجرة واللجوء في الجهة الشرقية في مجال آليات حماية اللاجئين و طالبي اللجوء، ورصد مجالات الانتهاك ، والتزام الدولة بتعهداتها في تدبير شأن الهجرة، تسجل من جهتها تقاعس السلطات عن إصدار بطاقات إقامة وغيرها من الوثائق اللازمة للّاجئين الذي اعترفت بهم المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة. وتعبر عن القلق الشديد من العدد الهائل من المهاجرون غير شرعيين الوافدين على المغرب من البلدان الإفريقية جنوب الصحراء الكبرى، سعيا للعمل أو مواصلة السفر إلى أوربا، يتعرضون للاحتجاز وسوء المعاملة. وترى منظمة العفو الدولية أن هذا الوضع يقتضي تضافر جهود المجتمع المدني والقطاعات الحكومية المعنية من أجل وضع، وتفعيل استراتيجيات وآليات لحماية حقوق اللاجئين والمهاجرين، وتحسين بعض المجالات الأساسية المتصلة بالقانون والسياسات، والتي لا تزال تؤثر سلبا على حقوق النازحين من ديارهم سواء كانوا من اللاجئين وطالبي اللجوء أو المهاجرين. وسطرت الورشة المنعقدة في هذا السياق : " حقوق اللاجئين وطالبي اللجوء: بين الواقع والقانون" المنعقدة بوجدة بين12- 13 يونيو 2010مجموعة توصيات مرفوعة إلى المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان لمساءلة الحكومة على مدى إنفاذ واجباتها الدولية تجاه حقوق اللاجئين باعتماد معايير حقوق الإنسان كإطار مرجعي، وإعداد خطة عمل لحماية حقوق اللاجئين والمهاجرين، وإدراج موضوع اللاجئين وطالبي اللجوء في صلب المناظرات حول اللجوء والهجرة، وإشراك اللاجئين وجمعياتهم في إعداد الاستراتيجيات والتحركات المناسبة لتعزيز حقوقهم. وكل هذه التوصيات متماشية مع المقاربات الجديد للتحولات الطارئة في مجال الهجرة واللجوء في حوض البحر الأبيض المتوسط نتيجة السياسات الأمنية الأوروبية، وانعكاساتها المباشرة على التركيبة الإجتماعية لشعوب المنطقة في ارتباطها بدول الجوار، على مستوى مجالات البحث عن فرص العمل، وانسداد الآفاق أمام هجرة الأفارقة، وأبعادها الإقتصادية والإجتماعية والثقافية والإنسانية من خلال تفاقم حالات التمييز والتهميش، والاستغلال، والاضطهاد، وجميع المسلكيات الماسة بكرامة الإنسان، وحرياته الأساسية، والإجراءات الإدارية خارج نطاق القانون، والتعتيم عليها من خلال استهداف المهاجرين وحقوق الأشخاص في التنقل. و يبقى الرهان حول نجاعة المجتمع المدني والمنظمات الإنسانية والكفاءات العلمية في القيام بأدوار فاعلة على مستوى الدفاع عن الحقوق، وإدماج شرائح المهاجرين في استراتيجيات تشاركية في مجالات الفعل المدني والإقتصادي والإجتماعي لصيانة حقوقهم الأساسية، ومحاربة العنصرية والتمييز وجميع أشكال الاستغلال والتضييق، التي لا يسلم منها حتى العمال الشرعيين، وتهدد حقوقهم وحرياتهم.