في خطاب افتتاح السنة التشريعية الجديدة، للبرلمان المغربي، عشية أمس الجمعة، 8-10-2010، أعلن العاهل المغربي، الملك محمد السادس، قرار التأسيس لمفهوم جديد لإصلاح القضاء، بجعله في خدمة المواطن. وفسر العاهل المغربي في خطابه، أن المبادرة الجديدة لإصلاح القضاء تهدف إلى قيام نظام قضائي متميز بقربه من المتقاضين وبساطة مساطره وسرعته ونزاهة أحكامه، وحداثة هياكله وكفاءة وتجرد قضاته وتحفيزه للتنمية والتزامه بسيادة القانون في إحقاق الحقوق ورفع المظالم. وفي الخطاب السنوي لافتتاح عمل البرلمان المغربي في سنته الرابعة من الولاية التشريعية الحالية لحكومة عباس الفاسي، الأمين العام لحزب الاستقلال الذي يقود الإئتلاف السياسي الحكومي؛ فسر الملك محمد السادس بأن القضاء بقدر ما هو مستقل عن الجهازين التشريعي والتنفيذي، أي البرلمان والحكومة، فإنه جزء لا يتجزأ من سلطة الدولة على اعتبار أن القضاء مؤتمن على سمو دستور المملكة المغربية، وسيادة قوانينها، وحماية حقوق والتزامات المواطنة، مشيراً إلى أن حسن تنفيذ هذا الإصلاح الذي نعته العاهل المغربي بالعميق والشامل، لا ينحصر فقط في عمل الحكومة والبرلمان، وإنما هو رهين أساساً بالأداء المسؤول للقضاة. مفهوم جديد لإصلاح القضاء وربط العاهل المغربي بين المفهوم الجديد لإصلاح القضاء في المغرب، وبين المفهوم الجديد للسلطة، الذي أعلن عنه في بدايات حكمه للمغرب، معتبراً أن الأمر ليس بإجراء ظرفي لمرحلة عابرة أو مقولة للاستهلاك، وإنما هو مذهب في الحكم، مطبوع بالتفعيل المستمر، والالتزام الدائم بروحه ومنطوقه، مضيفاً في السياق نفسه، أن الأمر لا يتعلق بتصور جزئي يقتصر على الإدارة الترابية، وإنما هو مفهوم شامل وملزم لكل سلطات الدولة وأجهزتها، تنفيذية كانت أو نيابية أو قضائية. وفي حضور البرلمانيين من الغرفتين من الأولى المسماة مجلس النواب والثانية والمسماة مجلس المستشارين، وبحضور كل أعضاء الحكومة، والكل يرتدي الجلباب الأبيض اللون، الزي التقليدي المغربي؛ شدد العاهل المغربي على إرادته الشخصية لإعطاء دفعة قوية للدينامية الإصلاحية في البلاد لاستكمال بناء النموذج التنموي المغربي، في تجاوب عميق مع تطلعات المواطنين المغاربة بمنهج عمل يحمل بصمته الشخصية قائم على سياسة القرب، إلى جانب المشاركة القائمة على تعبئة كل الطاقات وإطلاق شتى المبادرات، والتفعيل الأمثل لكل المجالس المنتخبة وعلى رأسها البرلمان، ديمقراطية لنموذج تنموي مغربي، بحسب تعبير الملك محمد السادس. الرغبة الملكية في الارتقاء بالبرلمان المغربي وبصريح العبارة، تحدث العاهل المغربي محمد السادس في خطاب لم تتجاوز مدته الربع ساعة، عن طموحه في الارتقاء بالبرلمان المغربي باعتباره مؤسسة ونواباً للأمة، ليكونا في صلب الدينامية الإصلاحية، وربط العاهل المغربي بين تحسين أداء البرلمان وبين اعتبار غرفتيه مكوناً لبرلمان واحد، داعياً في نفس الاتجاه الأحزاب السياسية المغربية والفرق البرلمانية إلى الأخذ بأسلوب حكم رشيد، عماده التشبع بثقافة سياسية جديدة وممارسة نيابية ناجعة قائمة على تعزيز حضور الأعضاء وجودة أعمالهم ومستوى إسهامهم في معالجة الانشغالات الحقيقية للشعب المغربي. ودعا الملك محمد السادس البرلمانيين المغاربة إلى الانخراط في المسار الإصلاحي دون تناسي أنهم يمثلون الإرادة الشعبية، فعضوية البرلمان ليست امتيازاً شخصياً بقدر ما هي أمانة، ما يفترض الانكباب الجاد بكل مسؤولية والتزام على إيجاد حلول واقعية للقضايا الملحة للشعب المغربي. ويذهب مراقبون في المغرب إلى أن العاهل المغربي، في خطاب افتتاح الدورة الجديدة للبرلمان المغربي، قرع البرلمانيين بنخبه السياسية المتعددة المشارب، عقب التقارير التي صدرت وتحدثت عن ظاهرة غياب البرلمانيين عن حضور الجلسات العمومية، وجلسات التصويت على القوانين الهامة خلال السنوات القليلة الماضية.