شكلت العلاقات الشائكة بين الرباط ومدريد محور الجلسة الافتتاحية في البرلمان الإسباني برسم الموسم السياسي الجديد، حيث شن الحزب الشعبي المحافظ حملة ضد المغرب، ما يجعل المراقبين يتساءلون عن كيفية العلاقات التي ستجمع هذا الحزب مع الرباط مستقبلا في حالة وصوله إلى الحكم. ومثل وزير الخارجية ميغيل آنخيل موراتينوس أمس الأربعاء في البرلمان للإجابة على أسئلة محرجة من طرف الحزب الشعبي تقدم بها النائب البارز غاسوتافو أريستيغي الناطق باسم هذه التشكيلة السياسية فيما يتعلق بالشؤون الخارجية. وأكد أريستيغي أن حكومة خوسي لويس رودريغيث سبتيرو تنهج سياسة الغياب والتنازلات في القضايا مع المغرب، مبرزا أن محور النزاعات الأخيرة يدور حول اسبانية سبتة ومليلية وكان على الحكومة تبني مواقف حازمة تجاه الرباط. ودافع موراتينوس عن سياسة حكومته بشأن المغرب، مؤكدا أنها تقوم على الاحترام والحذر بدل الاندفاع وأن المغرب بلد حيوي لإسبانيا خاصة بعدما تجاوز التبادل التجاري بين البلدين سنة 2009 خمسة مليارات يورو، وحيوي في التعاون الأمني وضد مكافحة الهجرة السرية. وفي الوقت ذاته، اعتبر أن الحزب الشعبي يقوم بخلط ما بين السياسة الداخلية والسياسة الخارجية التي تتطلب التوافق. وبهذا تكون العلاقات مع المغرب هي بداية الموسم السياسي الجديد بسبب توظيف الحزب الشعبي لهذا البلد المغاربي في الهجوم على حكومة خوسي لويس رودريغيث سبتيرو. وإذا كان الاختلاف بشأن التعاطي مع ملفات المغرب قد أصبح كلاسيكيا بين الحزب الشعبي المعارض والحزب الاشتراكي الحاكم خلال الأربع سنوات الأخيرة، فالتساؤل العريض هو كيف ستكون العلاقات بين الرباط والحزب الشعبي إذا ما وصل إلى الحكم مستقبلا؟ وترشح استطلاعات الرأي في اسبانيا الحزب الشعبي للحكم في حالة إجراء انتخابات عادية أو سابقة لأوانها، حيث يتقدم بحوالي خمس نقاط على الحزب الاشتراكي. وجرت العادة أن يستقبل ملك المغرب زعيم المعارضة الإسبانية، حيث كان الملك الراحل الحسن الثاني قد استقبل خوسي ماريا أثنار عندما كان زعيما للمعارضة، وبدوره استقبل الملك محمد السادس خوسي لويس رودريغيث سبتيرو في كانون الأول/ديسمبر 2001 عندما كان زعيما للمعارضة، وكان الجميع ينتظر أن يستقبل الملك زعيم المعارضة اليمينية ماريانو راخوي، لكن الاستقبال لم يحدث حتى الآن. مصادر مغربية رفيعة المستوى، أكدت ل'االقدس العربي' أن 'تحديد دعوات زعماء الدول والأحزاب الأوروبية الكبرى يبقى من اختصاص المؤسسة الملكية، لكن الحزب الشعبي لم يعمل على تسهيل العلاقات بينه وبين السلطات المغربية'. وتضيف المصادر 'لم يسبق في تاريخ البرلمان الإسباني منذ السبعينيات أن استعمل حزب ما المغرب بطريقة فجة ومبالغ فيها للهجوم على الحكومة كما يفعل الحزب الشعبي خلال الأربع سنوات الأخيرة، لقد جعل من المغرب موضوعا داخليا دون أن يأخذ بعين الاعتبار الانعكاسات السلبية لهذه الاستراتيجية السياسية الخاطئة'. والمثير أن أريستيغي الذي كان حتى الأمس القريب مقربا من المغرب أصبح من ضمن الصقور في تعاطيه مع الملفات المغربية. ويجري الاعتقاد أنه في حالة وصول الحزب الشعبي للحكم، فالعلاقة بين الرباط ومدريد ستكون شائكة ومعقدة وقد تكون شبيهة بالتوتر الذي خيم عليها إبان حكومة خوسي ماريا أثنار لا سيما في سنتي 2001 و2002 وأبرز مظاهر هذا التوتر الاختلاف الخطير حول جزيرة ثورة. وبدورها تشن هيئات وأحزاب سياسية مغربية حملة ضد الحزب الشعبي المحافظ، وكانت 'اللجنة الوطنية للمطالبة بتحرير سبتة ومليلية والثغور المحتلة' قد أصدرت بيانا الأسبوع الماضي تطالب فيه الهيئات السياسية المغربية وخاصة حزب الاستقلال بمقاطعة الحزب الشعبي، والتزمت بشن حملة ضده في العالم العربي بسبب إساءته للقضايا المغربية.