ما زالت كلية العلوم بتطوان تعرف اضطرابا وغموضا في مآلها الدراسي، خصوصا بعد الأحداث المؤلمة التي عرفتها الكلية يوم الثلاثاء الأسود 15/03/2016. والمسؤولية المباشرة لما يحدث في كلية العلوم يتحملها الطرفان معاً، وهما جامعة عبد المالك السعدي ووزارة التعليم العالي من جهة، والطلبة من جهة ثانية. ففيما يخص الإدارة، لم تعر اهتمامها لمطالب الطلبة لأكثر من شهر من الاضطرابات والإضرابات والاحتجاجات والمقاطعة، رافعة شعار اللامبالاة والتجاهل، وها هي الآن النتيجة المؤسفة للوضع الغامض والمشلول للكلية وعملها المعرفي والتكويني والإشعاعي وغيره. كما لا يمكن توقيع شيك على بياض بالنسبة للطلبة (خصوصا منهم المسؤولين والمسيرين عن تدبير هذا الملف). فالطلبة لم يكتفوا في البداية بالمناداة بالإضراب والمقاطعة، ولكنهم تجاوزوا ذلك لفرضهما على بقية الطلبة اللذين يريدون متابعة دراستهم وامتحاناتهم. عدد من الطلبة الساهرين على المقاطعة عملوا في خرق سافر لأبسط المبادئ الديمقراطية والطلابية النبيلة، عملوا على نزع أوراق الامتحان من الطلبة الذين يريدون اجتياز الدورة الاستدراكية، أي فرض المقاطعة بالقوة، وهو أمر غير مقبول. وقد أتى يوم الثلاثاء الأسود ليبين مدى تهور بعض الطلبة الذين اقتحموا بالقوة حاجز رجال الأمن الذين كانوا ينظمون الدخول لاجتياز الدورة الاستدراكية، لتكون تلك اللحظة بداية للمواجهة بين الطلبة و رجال الأمن الذين كانوا في حالة دفاع عن النفس. بعد ذلك اختلط الحابل بالنابل، وانهال مجموعة من الطلبة اللامسؤولون والشباب غير الطلابي (لا أحد يعرف ماذا كانوا يفعلون هناك) بالحجارة يضربون ويكسرون كل شيء من أملاك عمومية وخاصة، وهو عمل لا صلة له نهائياً بالنضال الطلابي النبيل. والآن، فقد ارتفع سقف المطالب الطلابية بالإفراج عن الطلبة المعتقلين بسبب الضرب والتكسير، والضائع الأكبر هم الطلبة أنفسهم وآبائهم وأوليائهم ومستقبلهم الدراسي والمعرفي. فكيف سيعالج المسؤولون هذا الملف الشائك، وقد ازداد تعقيداً ولخبطة. لماذا لم تتدخل الجامعة والوزارة منذ بداية المشكل؟ إن الوضعية التي تعرفها كلية العلوم بتطوان ليست فقط وليدة مطالب تقنية بسيطة، ولكن تقف وراءها أسباب عميقة وبنيوية يجب معالجتها بكل جدية، وإلا فإن المشكل يتم تأجيله فقط لانفجار أكبر. إن الطلبة يطالبون باعتماد نقطة صفر لاجتياز الدورة الاستدراكية، وهذا أمر مُحزن أن يطالبوا بنقطة صفر، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على المستوى الهزيل جدا لمعارف الطلبة وانعدام المجهود من طرفهم؛ لذلك لا بد من التساؤل كيف يُعقل أن يطالب الطلبة ويشهدوا في نفس الوقت على أنفسهم بالتدني الخطير لمستواهم المعرفي الصفري. إن كل تجاهل و لا مبالاة للأسباب العميقة والحقيقية لهذا الوضع لن يزيده إلا احتقانا، ولن يحل المشكل أبدا باعتماد صفر لاجتياز الدورة الاستدراكية. المسؤولون (الجامعة والوزارة بالتحديد) يجب أن ينكبوا بسرعة لإنقاذ الموسم الدراسي. كما أن الطلبة يجب أن يتوفروا على حدّ أدنى من المسؤولية والموضوعية للانخراط في إنقاذ مستقبلهم ومستقبل أقرانهم الذين يريدون متابعة دراستهم واجتياز امتحاناتهم