الدولة وصانع القرار بخصوص الإختيارات التي يمكن أن ينهجها المغرب في المرحلة الراهنة ، تجاه المجالس المنتخبة بعد أيام قليلة على صدور مسودة القانون التنظيمي للجهوية ، ظهرت معه إشكالية الديمقراطية الحقيقية تفرض أن نوسع صلاحيات السلطة المنتخبة ، وأن نجعلها سلطة تستمد مشروعيتها في التمثيل الديمقراطي الحقيقي عبر الإنتخابات ، لأن هناك مقتضيات كثيرة نص عليها الدستور الجديد ، تعتبر أن الجماعات الترابية شخصيات معنوية تسير شؤونها باستقلالية ، حيث ألغى مفهوم الوصاية ، وأعطى الحق للمنتخب لاتخاذ القرارات بخصوص السياسات الترابية ، مع إخضاعه لمسؤولية المحاسبة بواسطة الناخبين الذين سيملكون حينها سلطة التقييم صحيح أن ظروف المغرب العميق تثبت وبقوة أن غالبية المجالس الترابية الحالية ، تعاني من قلة الخبرات والكفاءات التي يتطلبها الشأن الترابي لتأهيل المحيط الإجتماعي والإقتصادي، الى جانب طريقة تدبير اللعبة الإنتخابية وما تشوبها من ممارسات فاسدة لكن رهان بلادنا الآن ، يتمثل في استكمال البناء الديمقراطي ، والذي يعطي القوة والإستقلالية للمؤسسات المنتخبة ، واتخاذ التدابير والإجراءات اللازمة لمعالجة الإختلالات التي تفسد اللعبة الديمقراطية وذلك بإقرار إصلاحات سياسية شاملة بالمغرب ، عكس اتخاذ الواقع ذريعة لإضعاف العملية الديمقراطية ، لتكريس منطق الوصاية والعمل على الحد من صلاحيات واختصاصات السلطة المنتخبة المسودة اليوم لم تحمل لنا تعريف فلسفي تعريفي لأي جهوية ينتجون ، ليبقى الحق للمواطن والمجتمع المدني والقوى النقابية والسياسية في الإختيار ، واكتفى بأبواب وبنود عامة كأن المسودة تتكلم عن مشروع تقني غير مرتبط بمشروع سياسي شامل هذا راجع أساساً لغياب النقاش المستمر والعمومي داخل الأحزاب والمجتمع المدني، الأمر الذي تسبب في تراجع على مستوى السقف الذي جاء به الخطاب الملكي،وتقارير اللجنة الاستشارية للجهوية حيث كنا نتحدث عن اختصاصات قوية للسلطة المنتخبة ، وإعطاء صلاحيات واختصاصات واسعة لرئيس الجهة ،لنصبح اليوم من خلال المسودة الجديدة أمام مشروع تقليدي ناقص غير تقدمي وفيه تحايل بالنص ، فقد عمدت الوثيقة على تكريس الوصاية المتعددة على السلطة المنتخبة ، انتجت لنا دوائر ومصالح كثيرة غير خاضحة لمحاسبة السلطة المنتخبة ، وتتقاسم في الكثير من الأحيان سلطاً قوية مع الجهاز المنتخب ، وتبقى مسألة تعيين مسؤوليها مقتصرة على السلطة الحكومية الملكفة بالداخلية ، حيث أن هناك إلتفاف على بعض الإختصاصات ، حيث يبقى الحق للوكالة الجهوية والمعينة من طرف وزير الداخلية هامش واسع للتصرف في مجموعة من الإختصاصات التي توكل إليه عملية تدبيرها معنوياً وباستقلالي مالي عن السلطات المنتخبةحيث يعتبر هذا تراجع ديمقراطي خطير ،ما يؤكد ارتباك الدولة والمجتمع المتمثل في التراكمات الديمقراطية بالدولة العميقة ، حيث جلعت الوثيقة تتعامل بنوع من الإستهتار وعدم الجدية مع السياسي، في غياب ديمقراطية حقيقية تمكن الجهات من جميع اختصاصاتها الحقيقية ، لتبقى الوصاية أخيراً هي سيدة الموقف دون تغيير حقيقي في الأمرفإذا كانت الديمقراطية تقول ، أن الشعب وممثلها هو من يجب أن يتحكم في مآل المجال ، أعتبر المسودة الحالية فيها انزلاق خطير في خط الديمقراطية ، وعلى المجتمع المدني والسياسي أن يتعبأ لنقاش الوثيقة واقتراح خطط عملية وتقنية تخرج المغاربة من منطق الوصاية ، حيث يعتر ذلك قلب التقدم في الجهوية ، التي اختارها المغاربة كبديل سياسي في .قضايا وطنية وأخرى مرتبطة بالمجال.