لقد شكلت السياحة أهمية كبيرة لاقتصاديات الدول، يوجد عدد من المناطق التي تعد من أكثر المناطق زيارة في العالم، حسب الترتيبات المنظمة العالمية للسياحة، وهي فرنسا ويليها اسبانيا ثم الولاياتالمتحدة وتركيا وإيطاليا وألمانيا والصين التي كانت منبع الفيروس الأول، وكذلك الحال مع كوريا الجنوبية واليابان وسنغافورة وتايلاند وماليزيا. من أكثر الدول المتضررة على خلفية انتشار فيروس كورونا مما سبب في اضطراب وشلل في القطاعات النقل الجوي والبحري، والتي تعتبر ضربة قاسية للسياحة العالمية، التي كانت تعتبر مصدر تساعد على رفع مستوى الدخل على الصعيدين القومي والفردي، وتتوفر فرصاً للعمل في العديد من المجالات: الفنادق، والمطاعم، وشركات السياحة المختلفة، بالإضافة إلى توفير عدد أكبر من وكالات تأجير السيارات، والمعدات الرياضية، ومحلات بيع الهدايا التذكارية… ممّا يُقلّل من البطالة، ويعيش 10 في المائة من العاملين في العالم من عائدات قطاع السياحة. السؤال الذي يطرح نفسه هو: إلى متى سيستمر هذا الوضع..؟ وما مصير قطاع السياحي في زمن كورونا؟ على سبيل المثال لا الحصر كان قطاع السياحي في الصين يزدهر بكثير، مع سفر الصينيين إلى مناطق قريبة وبعيدة أيضاً. لكن كل ذلك توقف في يناير الماضي بعد ضهر في مدينة وخان في الصين بؤرة الوباء للفيروس كورونا، محولاً المواقع السياحية البارزة إلى مدن أشباح، فرغم هذه الظروف لقد نجحت الصين في كسب الوقت وقدمت مساهمات إيجابية في المعركة العالمية ضد الوباء وهو أمر بات واضحا للعالم بأسره، بعد ثلاثة أشهر من المعاناة والحجر الصحي الذي دام حوالي شهرين، حتى انتهاء التفشي، ويعود قطاع السياحة إلى مستواه الطبيعي بشكل تدريجي، حيث ينفق السياح الصينيون مبالغ أكثر من غيرهم في الخارج، فالمغرب من بين الدول المستفادة من السياحة الصينية. وتشير التقديرات على ضوء نتائج تداعيات إنتشار فيروس كورونا إلى خسائر في قطاع السياحة العالمى إلى حوالي 80 مليار دولار، وأن أكثر الوجهات السياحية المتضررة هي منطقة آسيا والباسيفيك والتي تقدر خسائرها بحوالي 7 مليار دولار أمريكي حتى الآن. فإجمالي خسائر قطاع السياحة منذ بدأ ظهور الفيروس حتى الآن بلغت 12 مليار دولار أمريكي، حسب المنظمة العالمية للسياحة. إضافة إلى خسائر قطاع الطيران والتي قدرتها المنظمة الدولية للطيران المدني ICAO بحوالي 5 مليار يورو (5,5 مليار دولار أمريكي). وقد شكل هذا الفيروس ضربة قاسية لقطاع السياحة وكل ما يتصل به من فروع وأقسام، مثل الشركات السياحية وشركات الطيران والفنادق والمطاعم وعائدات الدول من التأشيرات السياحية والمطارات والمنافذ والمتاحف والأماكن السياحية ومعدلات الضرائب وغيرها.. فإن تفشي كورونا يمثل تهديداً خطيراً لصناعة السفر والسياحة، وهناك نحو 50 مليون وظيفة قد تغلق جراء انتشار هذا الوباء عالميًا، مع استمرار انتشار الفيروس وعدم السيطرة عليه سوف يدفع جزءاً كبيراً من ثمنه (العمال والكوادر العاملة في القطاع السياحي)، خاصة أن معظم الدول المتقدمة والناشئة لديها ملايين العاملين في قطاع الطيران والفنادق والمطاعم والخدمات اللوجستية وغيرها، والذين توقفت أعمالهم جراء هذه الأزمة. فحجم القطاع السياحي من الاقتصاد العالمي سنوياً – وفق الأرقام الرسمية- يبلغ قرابة 8.5 تريليون دولار، ما يعادل حجم اقتصادات الدول العربية. لاشك أن أزمة وأثر كورونا في المغرب لا يقل عن أثره في العالم، مثل الدول الذي خسر هذا القطاع بسبب تفشي كورونا، حيث تراجعت الحركة السياحية في المغرب، مما سبب في خسائر كبيرة بملايير من الدراهم منذ بداية أزمة كورونا. فهذه الأزمة ليست في المغرب فقط وإنما في العالم كله سيشهد ركوداً طويلاً حتى يزول خطر كورونا، وهذا الخطر سيشل حركة السياحة المغربية والعالمية، وفي هذا السياق قد أتخذ المغرب الإجراءات الاحترازية، من مبادرة ملكية القاضي بإعلان حالة الطوارئ الصحية، إبتداء من يوم الجمعة للحد من انتشار فيروس كورونا أو كوفيد 19 ستمتد حتى 20 أبريل المقبل. التي تندرج فى إطار التدابير الوقائية الاستعجالية التى اتخذتها السلطات العمومية، في وقت جد مبكر، ضمن البلدان الأوائل التي اتخذت تدابير احترازية ولكنها ضرورية، خاصة وأن غالبية حالات الإصابة في المغرب كانت حالات وافدة، معظمها قادمة من بلدان الخارج. ومن جهة أخرى إحداث صندوق خاص بتدبير جائحة فيروس كورونا – كوفيد – 19 والذي انطلق يوم الاحد 15 مارس 2020. وما تضمنه من إجراءات حول حماية العمال والحفاظ على مناصب الشغل من أجل التخفيف من تداعيات الاجتماعية. حيث تشكل السياحة في المغرب 7% من الناتج الداخلي الخام، ويوفر 750 ألف فرصة عمل، وهو ما يمثل حوالي 5% من إجمالي نسبة التشغيل اقتصاديا. وقد بلغ عدد السياح الأجانب نهاية عام 2019 حوالي 13 مليون سائح، بارتفاع نسبته 5.2%، مقارنة مع عام 2018. حيث حقق هذا القطاع عائدات بقيمة 78.6 مليار درهم (8.11 مليارات دولار) في عام 2019، بارتفاع7.7% عن عام 2018. أكدت السيدة نادية فتاح العلوي، وزيرة السياحة والصناعة التقليدية والنقل الجوي والاقتصاد الاجتماعي في تصريح له أن المغرب تعبأ لتيسير عودة السياح الأجانب بالمملكة نحو بلدانهم. " لقد تم وضع إجراء خاص، لا سيما من خلال الترخيص لما يقارب مائة رحلة خاصة مكنت من عودة عدة آلاف من السياح، والرفع من الطاقة الاستيعابية لآخر الرحلات الجوية التجارية للخطوط الملكية المغربية، وتعبئة كافة السلطات المختصة في العديد من المطارات، فضلا عن تحسيس منظمي رحلات الأسفار والشركات الشريكة لها، فإن مبادرة المغرب تمت في إطار روح الحوار والمسؤولية تجاه هؤلاء السياح الأجانب، مشددة على أن "المغرب لا يتصرف إطلاقا بناء على إملاءات من جهات أجنبية، بل بلدنا يعامل السياح من كافة الجنسيات على قدم المساواة". هذا في الوقت الذي لم يتم الإشارة إلى التداعيات الاجتماعية والنفسية للآلاف من المغاربة قالقون من فقدان أعمالهم في قطاع الخدمات السياحية والفندقية وغيرها من القطاعات ذات علاقة بالسياحة، بسبب كورونا، بعد إغلاق المرافق العامة والخاصة لمحاصرة فيروس كورونا المستجد. حيث يرى المراقبون الاقتصاديون أن بطالة العاملين في قطاع الخدمات يجب أن تفضي إلى التفكير في تطبيق قانون الشغل في هذه الأنشطة مستقبلا، رغم قرار اللجنة اليقظة الاقتصادية التي شكلتها الحكومة بإعطاء الشركات من المساهمات الاجتماعية وتجميد القروض المستحقة للمصاريف. وتفاعلاً مع الوضع المزري الذي بات يعرفه القطاع السياحي في المغرب يجب على الوزارة المعنية دعوى إلى عقد اجتماع استعجالي بمشاركة مهني القطاع والفاعلين في هذا المجال قصد التدارس التأثيرات المحتملة لقطاع السياحة بسبب فيروس كورونا ووضع خطط مستقبلية فيما يخص التسويق والترويج فى الخارج. ثم يجب أيضا تشكيل هيئة وطنية فى حالة طوارئ لمتابعة الحركة السياحية بشكل يومى مع شركات السياحة والفنادق فى كافة المقاصد السياحية، و إرصاد البيانات والارقام من قطاع الطيران والقطاع الخاص السياحى فيما يخص التغير فى الحجوزات الحالية والمستقبلية. وصياغة خطط ترويجية وتسويقية تتوافق مع الفترة القادمة ما بعد كورونا.