فيوض (رسالات أب لابنته المغتربة) هو عنوان إصدار مرتقب لأديب تطوان والعالم الإسلامي الدكتور حسن عبد الكريم الوراكلي، والكتاب صورة راقية لأدب الرسائل الوالدية، وهو وإن كان ينتمي إلى جنس الرسائل الأدبية، إلا أنه ضم بين صفحاته معظم أجناس الأدب، فتجد فيه نثرا أدبيا خالصا لذة للقارئين، وشعرا مصفّى يناسب مقامه، وتَلفي فيه جذبا إلى أدب الرحلات؛ إذ المؤلف من فرسان ميدانه، وتلتقط منه سيرة ذاتية لصاحبه بين رسالة وأخرى، ويأخذ بتلابيبك بطريقة قصه وحكيه للأحداث؛ أضف إلى ذلك ما اشتمل عليه من فسيفساء العلوم الإسلامية الشرعية والبحتة - فقه وحديث وتفسير وترجمة وطب...- متراصة بتناسق لتشكل زخرفة أدبية بهجة للناظرين. وهو مع ذلك لا ينسى حظه من الفكر الإسلامي وهو بصدد الحديث عن علاقة الإسلام بالغرب، وعلاقة الدين بالسياسة، وعن منهج الدعوة إلى الله في ديار الغرب وما تقتضيه من مؤهلات علمية وسجايا خلقية. إنه كتاب لا يسع العابد في محراب الأدب إلا أن ينحني إجلالا لبراعة مدبجه، ويقبل يراعته بكل احترام وتقدير، كيف لا وهي فيوض لا تصدر إلا ممن ذاق حلاوة الجوار، وانتشى بماء زمزم الزلال، ففاضت قريحته بفيوض ما نهله من علوم، منذ الكتاب المتجول، ومكتبة الأسرة، والكتاب محدثه ومؤنسه، إلى النوادي الأدبية (ندوة زمزم الجمعية)، ليزمزم ذلك كله في رسائل ممسَّكة أودعها أظرفة معرَّفة، فاح شذاها حتى غلب عليه، فأخرجها للقارئ علَّه يفوح بعطرها، أو يهدي عطرها إلى أحب إنسان لديه. وأنا أنتهي من الإخراج الفني للكتاب ، وجدتني مُخرجا مُخرج صدمه روحيا وأدبيا وجماليا، لما زخر به من عاطفة أبوية جياشة وبصسرة تربوية سامية، فَحُقَّ لكل أب أن يترنم قائلا: فيوض من العطف فاضت*** يرسلها أب لابنتيه هزت مشاعري وحركتها*** فيا ليت لي مثل ما لديه ذ.يوسف الحزيمري