يعد المغرب من أشهر الدول بدباغة الجلود، فهو يتميز منذ القدم بوفرة الجلود نظرا لغنائه بالمواشي التي بلغ عددها في ذلك الوقت حوالي عشرات الملايين رأسا، الشيء الذي شجع على ظهور صناعة الدباغة؛ وقد عرفت مدينة تطوان كباق المدن العريقة مثل فاس ومراكش منذ القدم بعدد كبير من الصناعة التقليدية والمهن الحرفية، وتوجت على رأسها حرفة الجلود وتصنيعها بطرق جد بسيطة وتقليدية لتصبح منتوجات جلدية مختلفة الألوان والأشكال يطبعها الطابع المغربي التقليدي الأصيل. وقد كان العمل بدار الدباغة التي تأسست في بداية القرن الخامس عشرة مصدرا للغنى توارثها أجيال منذ عقود فقد كانت تسمى دار الدباغة قديما ب"دار الذهب"، نظرا للمردود الغني الذي يحصل عليه صاحب الدار، وبذلك كان هؤلاء الدباغين في فترة من الزمن فئة اجتماعية ذات مكانة كبيرة في المجتمع. حيث كان لهم ادوار اخرى كعازفين للموسيقى في حفلات الزفاف وحماية العروسة أثناء ذهابها إلى بيت العريس.كما كان للدباغين دور كبير في بناء معهد الحر حيث قاموا بعملية جمع التبرعات لبناءه. وعمليات دباغة الجلود في تطوان ما تزال تجري بالأساليب القديمة ولم تعرف تطورا كباقي المدن الاخرى. الا أنه اليوم وكما جاء في حديث أجرته تطوان بلوس صباح يوم العيد مع محترفي مهنة الدباغة بتطوان ، ما يدمع له العيون ويتحصر عليه القلب، و أقل ما يقال عنها كارثية مزرية، اذ عرفت إفلاسا كبيرا على مستوى التسويق وتدني جودة الإنتاج من جهة و اقتحام الدخلاء والمضاربين لمجال صناعة الجلد من جهة ثانية. واكثر من هذا تحولت دار الدباغ الى مؤوى لبيع المخدرات واختباء السرقات . وفي هذا الموضوع أكد لنا احد الدباغة أنه في اطار تأهيل هذه الدار تم تسليم مجموعة من المحلات الى مدمني المخدرات بدل تسليمها لاحصاب الصنعة مما جعل هذا التراث التطواني يتحول الى دار الفساد والدعارة .كما أن أصحاب هذه الحرفة استنكروا لما أل إليه مكان رزقهم ولكن لا احد يجب او يسمع صوتهم واعتبروا أن هذا الاصلاح جاء بالخراب.