"دكاترة العدل" يكرمون الوزير وهبي    زيلينسكي: دعم ترامب حيوي لأوكرانيا    الوقاية المدنية تنفذ أزيد من 61 ألف تدخل بجهة بني ملال-خنيفرة خلال سنة 2024    وكالة بيت مال القدس تطلق عملية "إفطار رمضان" بقرية "الجديرة" ضواحي القدس    برقية تعزية ومواساة من الملك محمد السادس إلى أسرة المرحوم محمد بن عيسى    إسرائيل توافق على "هدنة رمضان"    دياز يُسجل في خسارة الريال ضد بيتيس    أوناحي يتألق بهدف وتمريرة حاسمة    فريق التقدم والاشتراكية يدعو إلى إحداث مجموعة عمل لتقييم ورش التغطية الصحية    كلية الحقوق بطنجة تحتضن يوماً دراسياً حول المنهجية القانونية وأخلاقيات البحث العلمي    "رمضانيات طنجة الكبرى" تقترح برنامجا غنيا ومتنوعا في دورتها الرابعة    ألبانيا تعتبر المبادرة المغربية للحكم الذاتي "أساسا جادا وموثوقا لحل النزاع الإقليمي"    شبح الإصابات يؤرق الركراكي قبل حسم لائحة مواجهتي النيجر وتنزانيا    أمير المؤمنين يهنئ ملوك ورؤساء وأمراء الدول الإسلامية بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك    عامل اقليم الحسيمة يدعو المواطنين للتبليغ عن التلاعبات في الأسعار والغش في الجودة خلال رمضان    الوقاية المدنية بالحسيمة نفذت 6639 تدخلا خلال 2024    حزب العمال الكردستاني يستجيب لدعوة زعيمه وينهي 40 عاما من القتال ضد تركيا    الإصابة تبعد الكعبي عن مواجهة "آيك أثينا"    "ذاكرة السلام" شعار الدورة 14 الناظور للمهرجان الدولي للسينما بالناظور    ارتفاع حصيلة العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة إلى 48 ألفا و388 شهيدا    فنربخشه يحسم مصير أمرابط نهائيًا استجابةً لرغبة مورينيو    غرق شابين أثناء محاولة الهجرة سباحة إلى سبتة    المنتخب المغربي يواجه فريقا أوروبيا كبيرا    مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال ال 24 ساعة الماضية    سلطات الحسيمة تُتلف حوالي 9 أطنان من المخدرات    أخنوش يشرف على تدشين متحف إعادة بناء أكادير    محكمة هولندية تدين مغربيا بتهمة اختلاس أموال دعم الشباب    تفاصيل اقتناء المغرب 40 قطاراً من الجيل الجديد لتعزيز النقل السككي    عمالة شفشاون تحدث خلال رمضان ديمومة لتلقي شكايات حول المس بالقدرة الشرائية    المغرب يمنح ترخيصًا جديدًا للتنقيب عن الغاز قبالة سواحل بوجدور لشركة إسرائيلية بشراكة مغربية    وزيرة التضامن تعطي من طنجة انطلاقة العمل بالشباك الجهوي الخاص بمهن العمل الاجتماعي (فيديو)    صاعقة رعدية تنهي حياة راعي غنم بإقليم برشيد    الملك محمد السادس يهنئ رئيسة مجلس رئاسة البوسنة والهرسك بمناسبة العيد الوطني لبلادها    تحديات عيد الأضحى: أمير المؤمنين يرفع الحرج    توقيف شخص يشتبه في تورطه في قضية تتعلق بحيازة وترويج المخدرات والمؤثرات العقلية (مصدر أمني)    الفاتيكان يكشف الوضع الصحي للبابا    وفاة وزير الشؤون الخارجية الأسبق محمد بن عيسى    نمو القروض البنكية للقطاع غير المالي ب3,3 في المائة في يناير (بنك المغرب)    من المصافحة إلى المشادة.. كواليس اللقاء المتشنج بين ترامب وزيلينسكي    مصرف يودع عن طريق الخطأ 81 تريليون دولار في حساب أحد عملائه    الصين: ارتفاع حجم انتاج بطاريات الليثيوم بنسبة 24 بالمائة في 2024    التعادل "لا يرضي" الشابي وشهاب    فاعلون سياحيون يبسطون أهمية الخط الجوي الجديد بين مراكش وأتلانتا    كتاب يتناول علاقة الدولة بالأمازيغية    رحيل محمد بنعيسى .. وزير الخارجية الأسبق الذي صيّر أصيلة قبلة للمثقّفين    تعيين أعضاء دعم الإنتاج السينمائي    أكرد بخصوص كيفية الحفاظ على لياقته: "رمضان شهر مقدس بالنسبة لنا ومع خبراء التغذية فإنه يسير بشكل جيد للغاية"    النائب البرلماني محمد لامين حرمة الله يشيد بهذا القرار الملكي    هذا هو موضوع خطبة الجمعة    في بلاغ توضيحي لأعضاء المكتب التنفيذي لاتحاد كتاب المغرب: أغلبية الأعضاء قدموا اقتراحات لحل الأزمة، لكن الرئيس المنتهية ولايته لم يأل جهدا لإجهاضها    في الحاجة إلى مثقف قلق    الفريق الاشتراكي بمجلس المستشارين يستغرب فرض ثلاث وكالات للأسفار بأداء مناسك الحج    المياه الراكدة    "حضن الفراشة" .. سلاح فتاك لمواجهة التوترات النفسية    شبكة صحية تدعو إلى تكثيف الحملات التطعيمية ضد "بوحمرون"    بعد مليلية.. مخاوف من تسلل "بوحمرون" إلى سبتة    متى تحتاج حالات "النسيان" إلى القيام باستشارة الطبيب؟    دراسة علمية تكشف تفاصيل فيروس جديد لدى الخفافيش وخبير يطمئن المواطنين عبر "رسالة24"    









البحث عن متغيبة
نشر في تطوان بلوس يوم 19 - 02 - 2014

لقد اختفت تطوان التي كنت أعرفها ، رغم صغر مساحتها ، وقلة سكانها ، و قلة الإنارة في ليلها ، و بساطة بياض ألوان جدرانها و تاويل نسائها و أناقة رجالها . نعم اختفت ، أتكلم عن وقت عشته في صغري وشبابي ، حين كنت طفلا أتذكر أن بعض بيوت جيراني كانت بيتا لي أدخلها أشعر و كأنني ببيتي والدي ، أتذكر أنني كنت ألعب في الدرب وحين يمرّ بنا رجل أو امرأة نتوقف عن اللعب وإن كان من حارتنا كنّا نتسابق على تقبيل يده ، أتذكر أن أمي كانت تدعو نساء العائلة والأحباب والجيران لأمسية يتناولون فيها الشاي والحلوى وخاصة " القراشل " و تضل الأمسية إلى غاية آذان المغرب وهن يتبادلن الحديث و ينشدن الأمداح و يمرحن .هذه العادة كانت تتنقل من بيت إلى آخر بينهن . كنا نخرج مع العائلة إلى " الجنان " رحلة يجتمع فيها أسرتان أو ثلاثة من عائلة واحدة ، في الصباح كانت النساء في جهة تهيئ ما يحتاجه الجميع والرجال في جهة أخرى يتحدثون أو يقومون بجمع الحطب ، والأطفال يلعبون ،" غميطة و مطيشة " ، بعد تناول الغذاء النساء يجتمعن على إنشاد الأمداح أو على لعبة " حمرتك جمرتك " أو لعبة " سالتك لا تخاف " أوغيرهما ،والرجال يلعبون الورق أو يتحدثون فيما بينهم ، والأطفال لا يتوقفون عن نشاطهم ولعبهم . وبعد شرب الشاي بالرغايف أو الحلوى مساءً ، تكون العودة ، كنت أشعر و كأنني قمت بسفر دام أيام .
أمّا حين صرت شابّاً ، أتذكر أن كل الأطفال الذين كانوا في حيّنا تفرقوا نظرا لظروفهم الدراسية أو العملية ، ولكن حين كنت أخرج من منزلي خارج باب العقلة متجها لشارع محمد الخامس لألتقي بهم ، ألتقي بحوالي عشرين شخصا في طريقي ، منهم من يسلم علي فقط ، ومنهم من يقف معي ونتبادل الكلام قليلا، أجلس مع أصحابي بإحدى مقاهي شارع محمد الخامس ، لم يكن فيه لا باعة متجولون ولا كثرة المتسولين ، وتمام السادسة مساء يتم منع مرور السيارات من الشارع بوضع إشارات منع المرور للسيارات ، فتجد الشارع بين ساحة الفدان و ساحة مولاي المهدي يمتلئ شيئا فشيئا بالمتجولين ، كلهم يلبسون ألبسة أنيقة و يمشون بخطوات ثابتة مهذبة ، ويتذاكرون فيما بينهم . إلى غاية العاشرة ليلا حيث يعود مرور السيارات مباحا في الشارع ، تبادل السلام كان بين المعارف والجيران ضروريا ، في ذلك الوقت كان الشباب المتسكع معروفا ، فلان وفلان ...وكانوا لا يعتدون على أحد ، بل كانت الصراعات و المشاجرات تقوم فيما بينهم فقط ، إلاّ في حالات ناذرة جدا ، كما كنا نلتقي بشرطيين يتجولان في كل أزقة المدينة وشوارعها ، و بعدها أصبح شرطي ورجل من القوة المساعدة .
أما اليوم ، فمن الصعب جدا أن تلتقي بمن تعرفه وأنت تتجول في الأزقة والشوارع ، اليوم لا يُفشي الجار السلام على جاره ولو كان يقطنان نفس العمارة ، الأطفال لا يحترمون الكبار وربما يصيبون بكرتهم الحامل أو العجوز ، شارع محمد الخامس أصبح " قلب شقلب " بالباعة المتجولين ولا يمكنك المرور فيه مرتاحا ، أما الأمن اليوم فقد غاب غيابا تاما عن أزقة وشوارع المدينة لا شرطي ولا رجل القوة المساعدة ، و لكننا نلتقي بشرطي المرور الباحث عن المخالفات ، ورجل القوة المساعدة المختص في تنظيم الباعة المتجولين ، يبعدهم عن الطريق حين تكون زيارة رسمية للمكان ما، ويتركهم في أغلب الأوقات يسترزقون في أماكن عار أن يتواجدوا فيها " ساحة المشوار السعيد ".
تطوان التي كنت أعرفها اختفت و ضاعت منذ زمن طويل ، فمن وجد من جمالها و ثقافتها و رونقها القديم شيء أرجوه و أستعطفه و أقبل يديه أن يُعلم السلطات المحلية ، لعلها تقوم بإرجاعه إلى حالته القديمة أو تحافظ على ما تبقى من تطاون الحمامة التي لطّخوا لونها الأبيض الناصع ببقع سوداء في كل جنابتها


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.