لم يكن يخطر ببال المسؤولين عن عملية العبور بولاية طنجة أن المهاجرين هذه السنة سيغيرون بكيفية مفاجئة وجهتهم من الميناء المتوسطي إلى ميناء طنجةالمدينة معلنين بذلك عن عودة الوادي الهادر إلى مجراه الطبيعي في شكل تدفق آلاف الوافدين الذين فضلوا الخروج عبر ميناء طنجة بدل الميناء المتوسطي الذي يبعد عن المدينة ب40 كيلومترا، وذلك في الوقت الذي كان الاعتقاد الراسخ هو انتهاء مهمة ميناء طنجة فيما يتعلق بنقل المسافرين منذ تاريخ تنفيذ القرار الخاص بترحيل بواخر المسافرين إلى ميناء طنجة المتوسط سنة 2007. ولم يكن أحد يتصور أن الإبقاء على 4 بواخر من الحجم الصغير بهذا الميناء سيشكل الثغرة التي سينفذ منها ذلك العدد الهائل من العائدين ليستمروا أزيد من أسبوع وسط طوابير الانتظار التي غطت كل الشوارع الممتدة إلى الميناء، وامتد طولها إلى منطقة مالباطا، في ظل غياب البنيات الأساسية للاستقبال، والمرافق الضرورية( كالمراحيض، وأماكن الاستراحة، والمساعدة الطبية والاجتماعية ..) وقد تولد عن ذلك حدوث ارتباك غير متوقع في عملية العبور وقف أمامه المسؤولون موقف الشلل والعجز الكلي بسبب عدم القدرة على مواجهة المتطلبات الطارئة، وغياب التصور الواضح والإعداد الجدي لتخطي كل مراحل عملية العبور. فمنذ ترحيل البواخر المخصصة لنقل المسافرين إلى الميناء المتوسطي، أطلقت سلطات طنجة اليد من عملية العبور، وظل تدخلها مقتصرا الدور الاحتفالي، بعد أن أصبح الأمر موكولا بالدرجة الأولى إلى وكالة طنجة المتوسط ، ومن أجل ذلك تم إغلاق محطات الاستقبال التي كانت متواجدة بكل من ميناء المدينة، ومالباطا، واكزناية، وفي المقابل تم إحداث محطة جديدة على الطريق السيار في الغابة الديبلوماسية من أجل حث المسافرين على التوجه نحو الميناء المتوسطي، ولكن دون توفير البنيات الأساسية الكافية لمواجهة مشاكل عودة المهاجرين بشكل جذري ونهائي بمنطقة الميناء المتوسطي . ففي ظل هذا التدفق الهائل والازدحام القوي، فرض على كل مسافر انتظار أزيد من 24 ساعة كمعدل من أجل إدراك دوره في الإبحار، بل هناك من طال به الأمد لمدة ثلاثة أيام بسبب صعوبة الوصول إلى الميناء، وظل الأكثر معاناة هم المسافرون بواسطة السيارات التي مر أصحباها بظروف صعبة وقلقة حينما فرض عليهم أن يظلوا سجناء داخل السيارات والعربات، غير قادرين على مغادرتها ، وذلك من أجل حماية أمتعتهم وأفراد أسرهم من جهة، وانتظار الحصول على الإذن بالتقدم لبضعة أمتار من جهة أخرى . وظلوا ينتظرون طيلة هذه المدة بالليل والنهار في ظل أجواء الصيف الحار وتحت أشعة الشمس المحرقة طيلة النهار دون توفر أبسط الضروريات للتخفيف من معاناتهم ، فقد افتقدوا المرافق الصحية العمومية على طول امتداد طوابيرالانتظار(4 كيلوميترات)، وكان الملجأ الوحيد هو قضاء الحاجة على جنبات الطرقات والأراضي العارية ، ورمال الشاطئ، أو المحلات الخاصة التابعة للمطاعم والمقاهي ، وأسوار المدينة ،لأن المرحاض الوحيد الذي تم نصبه في مدخل الميناء كان بعيدا جدا ولم يكن كافيا بالمرة، كما أنه لم يتم تخصيص مراحيض للنساء ، هذا بالإضافة إلى غياب مياه الشرب ، حيث عانى المسافرون من العطش وتعذر عليهم الحصول على قطرة ماء ، لآن قنينة الماء المعدني أصبحت تباع ب10 دراهم من طرف الباعة المتجولين، بالإضافة إلى غلاء أثمان المواد الغذائية والأكلات الخفيفة التي تباع داخل الميناء من غير الإعلان عن الأسعار من طرف أصحاب المحلات التجارية .. وقد نتج عن ذلك ظهور مجموعة من الأعراض الصحية في صفوف الأطفال بالدرجة الأولى ، كالإسهال ، والتقيؤ، والحصر ، والاختناق، والإغماء .. وكانت النقطة التي تثير غضب المسافرين العالقين بالميناء، هي الغياب التام للجهات المعنية التي يمكن التواصل معها في كل الأحوال، فلقد سجل غياب مؤسسة محمد الخامس للتضامن التي لم تتواجد مصالحها بالميناء كلية، وأيضا معظم المصالح الاجتماعية التي كانت تتكفل بعودة المهاجرين ، باستثناء مصالح الأمن والجمارك ، التي وجدت بدورها في وضعية لا تحسد عليها رغم جهودها المضنية لتأمين الحماية الأمنية للمهاجرين، وتسهيل عملية العبور .. وقد تجلى ذلك في العدد الهائل للقوات الأمنية المختلفة التي ظلت مرابطة في كل مناطق تواجد طوابير الانتظار، والتي حرصت على ضمان الأمن وتنظيم حركة تقدم المسافرين نحو الميناء لتلافي وقوع الفوضى ..كما سجل زوال يوم 31/8 حضور طاقم من أعوان السلطة بالميناء من أجل الإشراف على عملية رمزية تتعلق بتوزيع كميات من مياه الشرب على المسافرين مقدمة من طرف مؤسسة محمد الخامس للتضامن . وبالموازاة، سجلت عدد من السلبيات التي كانت تثير غضب المحتجين من حين لآخر، عندما يتم اختراق البعض للصفوف متجاهلين دور الأسبقية ، وكذلك حينما يجد البعض الآخر أنفسهم فائضين عن الحاجة بسبب محدودية الطاقة الاستيعابية للبواخر الأربع المتبقاة بالميناء، ، فيعودون أدراجهم خائبين للاحتجاج على الوكالة التي خدعتهم ، وقد ترتب عن هذا المشكل وقوع عدة احتجاجات أمام مقر إحدى الوكالات المتواجدة بالميناء، وكانت السلطات الأمنية مضطرة في كل وقت للتدخل من أجل فض النزاع وإيجاد حل مع مسؤولي الوكالتين الوحيدتين بالميناء بالنظر لمسؤوليتهم المباشرة عما حدث من اضطراب وتوتر .. وقد اتضح من خلال شكايات المتضررين أن الوكالتين كان لهما نصيب الأسد في خلق أجواء الاحتقان وإلحاق الضرر بالمسافرين، لأنه في الوقت الذي لا يتوفر لديهما إلا أربع بواخر من الحجم الصغير (السريع) لا تستوعب في مجملها أكثر من 400 سيارة ، نجد أن الشركتين قد أقدمتا خلال السنة على منح تذاكر مفتوحة بأثمان تفضيلية تقل بنسبة 50 % أحيانا عن الثمن المعتاد، مما مكنهما من استقطاب ذلك العدد الهائل من المهاجرين دون تقدير للعواقب والمسؤوليات الجسيمة، وقد اتضح أيضا من خلال أقوال المحتجين أن هذه الشركات قد تلاعبت بهم لأنها منحتم تذاكر لا تتضمن توقيتا محددا ولا المبلغ المالي المؤدى بالكامل، وخصوصا بالنسبة للمتعاملين بواسطة الأنتيرنيت .. وقد اشتكوا من الزيادة المهولة في ثمن التذاكر التي تجاوزت سقف أربعة ألف درهم . ولقد ظل الثمن خاضعا لأمزجة وعقلية الأشخاص الذين يقومون ببيع التذاكر عند نقط البيع الموزعة على عدد من المواقع، كالعرائش، واكزناية، الميناء ، وعرض الطرقات ، إذ يفرض كل بائع الثمن الذي يريد مستغلا حاجة المسافرين وضغوط العودة من أجل استئناف العمل بالنسبة لهم .. ولقد كان لهذه للمنافسة الشرسة بين الوكالتين أثر سئ على المسافرين لأنهما رفضتا العمل بنظام وحدة التذكرة (البول) لتسهيل المأمورية أمام المسافرين والحد من العراقيل. ومن وجهة نظر بعض الأطراف المعنية التي تحاول تقديم تفسير لهذه الظاهرة التي عادت إلى ميناء طنجة من جديد ، فقد اعتبرت أن الوضع لم يكن متوقعا بسبب اكتمال أشغال الميناء المتوسطي، وتوفره على بنيات حديثة للاستقبال، وتواجد11 باخرة من الحجم الكبير تشتغل دون انقطاع ..لكن اختيار أغلب المهاجرين الذين دخلوا إلى أرض الوطن منذ شهر ماي إلى الآن توقيتا موحدا للخروج خلال فترة وجيزة محددة في (سبعة أيام) يعد السبب الرئيسي لما يشاهد الآن من اضطراب في عملية العبور.. ففي ظرف 4 أيام يطلب خروج أزيد من 100 ألف سيارة وهو رقم يتجاوز الطاقة الاستيعابية لميناء طنجةالمدينة والميناء المتوسطي ، بسبب محدودية عدد البواخر، وبسبب النزوح المكثف للمهجرين إلى ميناء طنجة المحدود الإمكانيات. وكان من المنتظر يوم السبت 31 غشت 2013 وصول باخرة إضافية إلى ميناء طنجة من أجل توفير الدعم للمسافرين ، لكن ذلك لم يتحقق . ويذكر أنه قد بذلت بعض المساعي للرفع من عدد البواخر في الميناء المتوسطي وميناء طنجة ، لكن الجهات الاسبانية لم تستجب لهذا الطلب لأسباب تتعلق بالمنافسة معللة موقفها بانتهاء العقدة التي يحتاج تجديدها إلى اتخاذ إجراءات مسطرية جديدة ، علما أن معظم البواخر المستعملة هي تابعة للشركات الإسبانية التي تحتكر السوق، ولا يوجد بينها إلا شركة مغربية يتيمة(م.ط.س) بعد انتهاء العمل بخمس بواخر أخرى محلية كانت تابعة لشركة كوماريت وكوماناف عقب تعرضهما للإفلاس.. وقد سجل مساء يوم 31/8 احتجاج المسافرين أمام باب شركة (أ.ش) لنفس الأسباب والحيثيات. وكانت الأسر الأكثر معاناة تلك المرافقة لأشخاص من ذوي الاحتياجات الخاصة، حيث وجدت صعوبة كبيرة في نقل المعاقين والوصول بهم إلى نقطة المغادرة بالميناء ، فاضطر البعض تأجيل رحلته أكثر من مرة بسبب الصعوبات المطروحة، وغياب أية جهة يمكنها تقديم المساعدة في هذا الصدد، وبسبب عدم تفهم المسافرين أنفسهم لهذه الحالات الاستثنائية .. ولقد شكل هذا التحول اللغز المحير الذي يحتاج إلى تفسير وتقديم الجواب الشافي عن سر نزوح هذا العدد الهائل من المهاجرين عن ميناء طنجة المتوسط الذي كان يفترض فيه أن يظل هو القطب الرئيسي في عملية العبور ، فلماذا يفضل المسافرون العودة إلى ميناء طنجة رغم الصعوبات المطروحة والتي لسيت غائبة عنهم ؟ فهل يتعلق الأمر بالإشاعة أو بالدعائية السيئة المرافقة لانطلاقة المشروع المتوسطي ،ووجود منغصات ومثبطات تدفع المسافرين إلى الابتعاد عنه والعودة إلى الميناء الأم التاريخي ..؟أم أن الإختيار له ارتباط بجاذبية الميناء القديم ؟ وهل يعد ذلك مؤشرا على فشل المشروع الاستراتيجي طنجة المتوسط أم ماذا؟. وقد اختلفت الأجوبة والردود التي تلقيناها باختلاف الجهات المعنية وتباين وجهات النظر والقناعات المعبر عنها ، والتي تصب في اتجاه واحد هو تشخيص الوضعية، والبحث عن الحلول لإنجاح المحطات المقبلة من غير السقوط في المنحدر، والتعرض للكبوات التي تؤثر على المصداقية، وتلحق الضرر بالمصالح الاقتصادية والاجتماعية للوطن والمواطنين . رأي المسافرين : - استحضار هاجس الخوف من تكرار تجارب السنوات الماضية، حيث ظل الميناء المتوسطي يشكو من عدد من النقائص بسبب ضعف مستوى الخدمات ومحدودية البنيات الأساسية للاستقبال ، فكان المهاجرون يعانون من نفس المشكل سواء داخل الميناء وخارجه نتيجة ( صغر حجم المحطة البحرية ، غلاء الأسعار داخل الميناء ، عدم وجود الواقيات من الحرارة ، انعدام محطات الاستقبال خارج الميناء، ، غياب وسائل النقل العمومي وارتفاع تكلفة التنقل ، وعدم توفر فضاءات مجهزة للاستقبال، ضيق المحيط داخل المناطق المجاورة للمركب المينائي ، شدة الازدحام وطول الانتظار ، وغياب التنظيم، وسوء المعاملة، غلاء الأسعار الخاصة بالأطعمة والمواد الغذائية داخل الميناء ،غياب التنسيق بين الصالح المختصة ، عدم احترام وكالات الأسفار للائحة أسعار التذاكر المحددة من طرف مؤسسة تيمسا بالرغم من الزيادة الذي طرأت عليها هذه السنة والتي تقدر ب 20% . وقد سجل الميناء اليوم 31/8 /2013 في الساعة 22.00 و 22.00 وقوع احتجاجات داخل المحطة البحرية للميناء المتوسطي من طرف المسافرين بواسطة الحافلات القادمين من مختف الأقاليم بسبب تأخر حصولهم على تذاكر السفر في الوقت الذي كان حوالي 40 حافلة تنظر دورها في الدخول . وسجل من جانب آخر احتجاج مماثل في محطة الدخول من طرف أصحاب السيارات بسبب التلاعب بالأسعار، وذلك في الساعة 22.30 - عدم احترام الشركات لقائمة الأسعار المعتمدة من طرف مؤسسة وكالة طنجة المتوسط رغم الزيادة التي تم إقرارها ، حيث يتم فرض زيادة إضافية بتواطؤ بين الشركات . رأي إدارة الميناء المتوسطي : -إن النزوح إلى ميناء طنجة مرده حصول المسافرين على تذاكر رخيصة الثمن على خط طنجة طريفة بواسطة البواخر السريعة، وهو الخط الذي يفضله الكثير من الركاب بسبب قربه ، وسرعة المراكب الصغيرة المعتمدة ..- اعتدال أحوال الطقس التي ساعدت على استمرار عمل البواخر السريعة بميناء طنجة، وهو الأمر الذي يتعذر حينما تسوء أحوال الطقس فيضطر المهجرون في هذه الحالة للالتحاق بالميناء المتوسطي - استقبال الميناء المتوسطي لحوالي 33 ألف مسافر في اليوم، وقد بلغ معدل الانتظار مدة 7 ساعات خلال الأسبوع الماضي ، وتقلص اليوم إلى 3 ساعات بالنسبة لكل مسافر - توفر 11 من البواخر ذات الحجم الكبير التي تتراوح حمولتها بين 600 /700 راكب ، بالإضافة إلى 350 أو 400 سيارة – وجود أكثر من ألف مستخدم وموظف بالميناء يمثلون مختلف المصالح والخدمات– حرص الإدارة على تسهيل عملية العبور من خلال إدخال مجموعة من الإصلاحات هذه السنة على الميناء، حيث تم الفصل بين ممري الدخول والخروج، وتوفير المرافق الضرورية داخل الميناء (كالمراحيض الثابتة والكميائية ، وخدمات النظافة (بالمجان) وكذلك المقاهي (4) وأماكن الجلوس، ومطعم كبير ، ومساجد ..) بالإضافة إلى عدم استعمال الفحص بجهاز السكانير بالنسبة للسيارات العائلية إلا في حدود نسبة 2% ، - توفر محطة بحرية مجهزة بكل الوسائل الضرورية .. رأي مؤسسة محمد الخامس للتضامن : إن المؤسسة قد غادرت ميناء طنجة منذ 4 سنوات بعد انطلاق العمل بالميناء المتوسطي ونقل مجمل البواخر الخاصة بالمسافرين- تتوفر المؤسسة بالمنطقة على عدد مهم من الأطر من بينهم 14 طبيبا و10 ممرضين، وسيارتان للإسعاف و4 سائقين – مواكبة خدمات المؤسسة لصحة المسافرين، وتقديم المساعدة لهم على يد الأطر المتوفرة المتواجدة عند كل النقط المتعلقة بالعبور – إن عدم افتتاح محطتي الاستراحة باكزناية ومالباطا يرتبط أساسا بعامل انتهاء العمل بميناء طنجة .. وفي سياق مواكبة تداعيات هذا الحدث، حرصت رابطة الدفاع عن حقوق المستهلكين من خلال ممثلين عن مكتبها المركزي، ومكتب فرعها بمنطقة بوخالف، وممثل عن منظمة الخدمات الاجتماعية للجالية المغربية بالخارج والداخل ، على تتبع الوقائع المرافقة لعملية العبور والوقوف على أهم المشاكل والصعوبات المطروحة ، مع استقصاء الرأي حول الوسائل الممكنة والحلول المقترحة لتقديم المساعدة الآنية للمهجرين، وتلافي العودة مستقبلا إلى نقطة الصفر عند كل موسم للعبور. وقد مكن ذلك من ربط الاتصال بعدد من المسؤولين الذي عبروا عن تفهمهم لشكاوي المهاجرين وللصعوبات المطروحة، لكن الحلول تظل معلقة لأنها ترتبط بإرادة سلطات الولاية، وإدارة كل من ميناء طنجة ، والميناء المتوسطي . ومن أجل تلافي تكرار هذه الأزمة وإعادة إنتاجها كل سنة بصيغة أو بأخرى ، ندعو أصحاب القرار إلى مراجعة الذات، والبحث بكل تجرد عن مكامن الضعف والخلل الذي يرافق عملية العبور سنويا ، لأنه لا يعقل بعد 50 سنة من التجارب المرة، ألا يستفاد من التراكم المعرفي الحاصل من خلال تثمين الإيجابيات والقطع مع السلبيات التي تكون لها مضاعفات سيئة على سمعة الوطن ومستقبله : - إن عودة المشاكل بهذه الحدة دليل على أن ترحيل كل البواخر إلى الميناء المتوسطي كان سابقا لأوانه، لأنه تم قبل تهيئة الظروف الملائمة لاستقبال المهاجرين بشكل نهائي، ودون اتباع منهج التدرج للتغلب على الصعاب المحتملة . - إن تفضيل المهاجرين العودة عبر ميناء المدينة دليل على ارتباطهم العاطفي بهذا المكون ، وتشبثهم بموروث تاريخي وحضاري لا يمكن محوه من ذاكرة المدن بصفة كلية من الناحية العملية والوجدانية والثقافية، فلا بد من الحفاظ على موطئ قدم للملاحة البحرية الخاصة بالمسافرين داخل هذا الميناء، إلى جانب المشاريع الخاصة بالميناء الترفيهي والسياحي مما يفرض إدراج هذا الميناء ضمن البرنامج الشمولي لمواسم العبور، والإبقاء على كل العوامل المساعدة على إنجاز هذه المهمة ، ومواجهة كل التحديات . - إن مهمة إقناع المسافرين بالمرور عبر الميناء المتوسطي تتطلب بذل الكثير من الجهد لتدليل كل الصعاب ، وتوفير الشروط المحفزة وفي مقدمتها ( إحداث محطة للاستراحة مجهزة بمزارع عين شوكة وسط مركز القصر الصغير ، وأخرى بمركز جماعة ملوسة ، والثالثة بمنطقة سيدي قنقوش ، والرابعة قرب مركز جماعة خميس أنجرة في المنطقة المطلة على السد.. ثم تثنية الطريق الوطنية رقم 16 الرابطة بين طنجة والميناء المتوسطي، وإيجاد منفذ طرقي إضافي إلى القصر الصغير، والفصل بين ممري الدخول والخروج إليه – تثنية الطريق الوطنية الرابطة بين تطوان والقصر الصغير عبر خميس أنجرة لاستيعاب المسافرين القادمين من منطقة الشمال ، اعتماد أثمنة تفضيلية، وتخصيص مكافآت وهدايا للمسافرين وفق معايير يتم تحديدها ، ..) - إلزام الوكالات والشركات بوضع حد للمضاربات والتلاعب بالأسعار الخاصة بتذاكر السفر، وفرض احترامها لتقديم الضمانات للزبناء فيما يخص احترام جودة الخدمات والتوقيت، وعدم التحايل .. - توفير الولوجيات لذوي الاحتياجات الخاصة، وتمتيع المرافقين لهم بحق الأسبقية في الولوج إلى الخدمات .. - تخفيض الأسعار الخيالية المعتمدة من طرف أصحاب المحلات التجارية داخل الميناء، والذين يجب أن يلتزموا باحترام دفاتر التحملات والإعلان عن الأسعار، وعدم فرض أثمان خيالية على المسافرين واستغلالهم .. - إلزام قطاع الحافلات غير المهيكل بتوفير الضمانات الكافية للمسافرين، وبحجز تذاكر الإبحار قبل الوصول إلى المحطة البحرية، لوضع حد للمشاكل المتكررة والغير المفهومة ( طول الانتظار، الاحتجاج ، التملص من المسؤولية ، هروب بعض الحافلات..) - الإعلان عن انطلاق موسم العبور المقبل ابتداء من الآن ، وذلك باتخاذ كل التدبير اللازمة ، والإعداد الهادئ والرصين لكل المراحل الخاصة بعملية العبور المقبل ، لأن كل تأخير في هذا الصدد سيؤكد عدم إدراك الجهات المعنية للمسؤولية الملقاة على عاتقها وعدم أخذها العبرة مما حصل . - لم يكن من اللازم مغادرة مؤسسة محمد الخامس للتضامن ميناء طنجة نظرا لاستمرار تواجد أربع بواخر للمسافرين ،خاصة وأن خدمات المؤسسة ذات طابع اجتماعي وإنساني محض، فكيف يعقل ألا يستفيد المسافرون عبر هذا الميناء من خدماتها في كل الأوقات ؟ - وفوق كل هذا وذاك يجب الحرص على المصداقية والشفافية في التعامل مع الجالية المهاجرة ، وأن تكون الأقوال مطابقة للأفعال ، لأن هذه الشريحة من الموطنين تمتلك ما يكفي من الرشد والوعي للتميز بين الحقوق والواجبات، وبين ما يجب أن يكون وما لا يجب، لأنها تعيش في بيئات أخرى متقدمة تتيح لها فرصة المقارنة بين النظائر في أداء المهام وإنجاز الخدمات ، والوفاء بالالتزامات تجاه الوطن والمواطنين .. المكتب المركزي لرابطة الدفاع عن حقوق المستهلكين