بعد أن أقر جلالة الملك محمد السادس في خطاب العرش الأخير، عن قصور ومحدودية "النموذج" التنموي المعتمد خلال السنوات الأخيرة، لعدم "قدرته على تلبية الحاجيات المتزايدة لفئة من المواطنين، وعلى الحد من الفوارق الاجتماعية، ومن التفاوتات المجالية"، ستكون "اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي" التي يرتقب تنصيبها خلال الدخول السياسي المقبل، أمام مسؤولية وطنية وتاريخية في بلورة "نموذج تنموي جديد" يشكل معبرا آمنا للجواز نحو "مرحلة جديدة" قوامها "المسؤولية" و "الإقلاع الشامل"، وفق رؤية رصينة ترمي إلى توفير المناخ الملائم الذي يسمح بخدمة المواطن ابتداء وانتهاء، والتنزيل الأمثل لعدالة اجتماعية ومجالية، تجعل "ثمار الثروة" متاحة أمام جميع المغاربة على قدم المساواة في ظل دولة الحق والقانون، وقبل هذا وذاك، تهيئة أسباب وشروط وضع "المغرب" على السكة الصحيحة في اتجاه اللحاق بركب البلدان المتقدمة، وتفاعلا مع "النموذج التنموي المرتقب"، وحرصا منا على خلق نقاش وطني متعدد الزوايا والأطراف حول ما سيحمله هذا "النموذج" من متغيرات وتحولات عميقة، يعول عليها لبناء مغرب "الأمل" و"الازدهار" و"العدالة الاجتماعية" و"المساواة أمام القانون"، سنخصص سلسلة مقالات تحت عنوان "عين على النموذج التنموي الجديد" في محاولة متواضعة، كانت "المواطنة" قوتها الدافعة، حرصنا من خلالها، بلغة "البساطة" و"الصراحة" و"المكاشفة"، على تسليط البوصلة نحو ما يعيش بين ظهرانينا من ممارسات، جزء منها قد يجيب عن أسئلة "الفشل" و"الكبوة" و"الإخفاق" في مغرب "اللاعدالة" اجتماعية ومجالية ...
وإذا وجهنا سهام النقد نحو أطراف معينة أو أحاطنا جهات معينة بحبل المساءلة، فليس القصد الركوب المجاني على صهوة النقد الهدام، أو إشهار سلاح العدمية والتبخيس أو الجهر العلني بخطاب التيئيس، ولكن هي مساحة مجالية وزمنية، لا نجد فيها حرجا في قول "الحقيقة" الغائبة، حتى ولو كانت "مؤلمة"، إيمانا منا، أن أي "نموذج تنموي مرتقب" لن يتحقق إلا بقول "الحقيقة" والجلوس على "كرسي الاعتراف" بكل أخطائنا وهفواتنا وكبواتنا وزلاتنا، من منطلق، أن المرور نحو "المستقبل" أو التطلع المشروع إلى "مرحلة جديدة" قوامها "المسؤولية" و"الإقلاع الشامل"، يقتضي ليس فقط، قول الحقيقة والاعتراف بالفشل، الذي كرس جدارا عازلا بين أبناء الوطن الواحد، ولكن يفرض القطع الذي لارجعة فيه، مع كل الممارسات "غير المواطنة" التي عطلت عجلة الوطن لسنوات، وحرمت ملايين من مغاربة "الهامش"، أن يعيشوا وجها لوجه أمام "سياسة" لا ترحم، و"ساسة" سخروا كل الطاقات والقدرات للعبث بضرع الوطن بدون حياء أو حرج، والركض الهستيري، سعيا وراء تحقيق المكاسب والمزيد من المكاسب، وتسلق الدرجات واللهث وراء الريع والكراسي الشاغرة، على حساب "وطن" لايسمع أنينه، إلا "الأشراف" و"الأحرار" و"النزهاء" في الداخل كما في الخارج ..
هي إذن، مسألة حياة أو موت، فإما نقطع أيادي العبث والريع والفساد، ونضيق الخناق على صناع "اليأس" ونؤسس لدولة الحق والقانون، ونبني "بيتا مشتركا" نتقاسم فيه الخيرات على قدم وساق، بما يضمن "العدالة الاجتماعية والمجالية"، أو نتقمص دور"الكومبارس" ونترك "الوطن" رهينة من يجيد مص الدماء بدون حياء، وفي هذه الحالة، سنقود "الوطن" حثما نحو حافة الإفلاس، لما يتوهج جمر "اليأس" وتشتد طنجرة "الإحباط" ويذوب رويدا رويدا "جليد" ما ننعم به من أمن واستقرار، وما يتحرك في ذاتنا من وطنية صادقة، ومن وفاء لثوابت الأمة، يجعلنا ننظر بعيون مفعمة بالأمل والحياة، في أن يكون "النموذج التنموي الجديد"، فرصة سانحة لنبني "وطنا" بسواعد أمينة وقلوب رحيمة وضمائر حية، تضعه بأمانة ووفاء، على سكة "التقدم" و"الرخاء"بشعارنا الخالد "الله"،"الوطن"،"الملك"، بعيدا عن عيون العابثين والفاسدين والمتربصين ... يتبع ... [email protected]