إصابة عنصر من القوات المساعدة بحروق خطيرة في حريق سوق بني مكادة بطنجة    المغرب يعود إلى الساعة القانونية    المغرب ينجح في توقيف فرنسي من أصل جزائري مبحوث عنه دولياً في قضايا خطيرة    التحولات الهيكلية في المغرب.. تأملات في نماذج التنمية والقضايا الاجتماعية الترابية" محور أشغال الندوة الدولية الثانية    الأسير الإسرائيلي الذي قَبّل رأس مقاتلين من "القسام" من أٌصول مغربية (فيديو)    افتتاح أخنوش رفقة ماكرون للمعرض الدولي للفلاحة بباريس يشعل غضب الجزائر    تذكير للمغاربة: العودة إلى الساعة القانونية    نهضة بركان يحسم لقب البطولة بنسبة كبيرة بعد 10 سنوات من العمل الجاد    فيروس غامض شبيه ب"كورونا" ينتشر في المغرب ويثير مخاوف المواطنين    مقتل شخص وإصابة عناصر شرطة في "عمل إرهابي إسلامي" في فرنسا    الجيش والرجاء يستعدان ل"الكلاسيكو"    تمارة.. حريق بسبب انفجار شاحن هاتف يودي بحياة خمسة أطفال    التعادل يحسم مباراة آسفي والفتح    اختتام رالي "باندا تروفي الصحراء" بعد مغامرة استثنائية في المغرب    منتخب أقل من 17 سنة يهزم زامبيا    انطلاق مبادرة "الحوت بثمن معقول" لتخفيض أسعار السمك في رمضان    توقيف عميد شرطة متلبس بتسلم رشوة بعد ابتزازه لأحد أطراف قضية زجرية    في أول ظهور لها بعد سنة من الغياب.. دنيا بطمة تعانق نجلتيها    الملك محمد السادس يهنئ العاهل السعودي    أخنوش يتباحث بباريس مع الوزير الأول الفرنسي    توقعات أحوال الطقس ليوم الاحد    "مهندسو طنجة" ينظمون ندوة علمية حول قوانين البناء الجديدة وأثرها على المشاريع العقارية    المغرب بين تحد التحالفات المعادية و التوازنات الاستراتيجية في إفريقيا    تجار سوق بني مكادة يواجهون خسائر كبيرة بعد حريق مدمر    السينما المغربية تتألق في مهرجان دبلن السينمائي الدولي 2025    الصويرة تحتضن النسخة الأولى من "يوم إدماج طلبة جنوب الصحراء"    البطلة المغربية نورلين الطيبي تفوز بمباراتها للكايوان بالعاصمة بروكسيل …    مسؤول أمني بلجيكي: المغرب طور خبرة فريدة ومميزة في مكافحة الإرهاب    الرئيس الفرنسي يعرب عن "بالغ سعادته وفخره" باستضافة المغرب كضيف شرف في معرض الفلاحة بباريس    عجز الميزانية قارب 7 ملايير درهم خلال يناير 2025    "البيجيدي" مستاء من قرار الباشا بمنع لقاء تواصلي للحزب بالرشيدية    التخلص من الذباب بالكافيين يجذب اهتمام باحثين يابانيين    مساءلة رئيس الحكومة أمام البرلمان حول الارتفاع الكبير للأسعار وتدهور الوضع المعيشي    "الصاكات" تقرر وقف بيع منتجات الشركة المغربية للتبغ لمدة 15 يوما    مشروع قرار أمريكي من 65 كلمة فقط في الأمم المتحدة يدعو لإنهاء الحرب في أوكرانيا دون الإشارة لوحدة أراضيها    رئيسة المؤسسة البرازيلية للبحث الزراعي: تعاون المغرب والبرازيل "واعد" لتعزيز الأمن الغذائي    في حضور أخنوش والرئيس الفرنسي.. المغرب ضيف شرف في المعرض الدولي للفلاحة بباريس    رفض استئناف ريال مدريد ضد عقوبة بيلينغهام    بين العربية والأمازيغية: سعيدة شرف تقدم 'الواد الواد' بحلة جديدة    إحباط محاولة تهريب مفرقعات وشهب نارية بميناء طنجة المتوسط    الكوكب المراكشي يبحث عن تعزيز موقعه في الصدارة عبر بوابة خريبكة ورجاء بني ملال يتربص به    متابعة الرابور "حليوة" في حالة سراح    استثمار "بوينغ" يتسع في المغرب    السحب تحبط تعامد أشعة الشمس على وجه رمسيس الثاني    تحقيق في رومانيا بعد اعتداء عنيف على طالب مغربي وصديقته    الصين تطلق أول نموذج كبير للذكاء الاصطناعي مخصص للأمراض النادرة    رمضان 2025.. كم ساعة سيصوم المغاربة هذا العام؟    دراسة: هذه أفضل 4 أطعمة لأمعائك ودماغك    رفع الستار عن فعاليات الدورة الثالثة من مهرجان روح الثقافات بالصويرة    المؤتمر الوطني للعربية ينتقد "الجائحة اللغوية" ويتشبث ب"اللسانَين الأم"    حوار مع "شات جيبيتي".. هل الأندلس الحقيقية موجودة في أمريكا؟    "ميزانية المواطن".. مبادرة تروم تقريب وتبسيط مالية جهة طنجة للساكنة    الحصبة.. مراقبة أكثر من 9 ملايين دفتر صحي وتخوفات من ارتفاع الحالات    على بعد أيام قليلة عن انتهاء الشوط الثاني من الحملة الاستدراكية للتلقيح تراجع نسبي للحصبة وتسجيل 3365 حالة إصابة و 6 وفيات خلال الأسبوع الفارط    اللجنة الملكية للحج تتخذ هذا القرار بخصوص الموسم الجديد    أزيد من 6 ملاين سنتيم.. وزارة الأوقاف تكشف التكلفة الرسمية للحج    الأمير رحيم الحسيني يتولى الإمامة الإسماعيلية الخمسين بعد وفاة والده: ماذا تعرف عن "طائفة الحشاشين" وجذورها؟    التصوف المغربي.. دلالة الرمز والفعل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



برنامج "حنين" بإذاعة طنجة يناقش قضايا الهجرة والإعلام
نشر في تطوان بلوس يوم 02 - 12 - 2018

مواكبة من "إذاعة طنجة" لقضايا واهتمامات الجالية المغربية في بلدان المهجر، وفي إطار مده لجسور التواصل بين مغاربة العالم والوطن الأم، فتح برنامج "حنين " الذي يبث على أثير الإذاعة الوطنية -في حلقة يوم 01/12/2018- فتح الأحضان أمام "صوت المهاجر" لمقاربة قضايا "الهجرة" و"الإعلام" و"الاندماج" و"صورة المهاجر في الإعلام الغربي"، في إطار نظرة ثاقبة تحكمت فيها الرغبة في مقاربة الهجرة كما يراها المهاجر وكما يتمثلها في ديار الغربة وكما يتعايش و يتفاعل معها إيجابا وسلبا، وقد استضافت الحلقة على الهواء كل من السيد" عبد السلام الفزازي" الأستاذ بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة بن زهر بأكادير، والسيد" محمد وعيد" الباحث في الهجرة والإعلام" ورئيس المصلحة الثقافية بالقنصلية العامة للمملكة المغربية المعتمدة بمدينة"جينوفا" الإيطالية.
وقد تميزت الحلقة -في فقرتها الأولى- بنقاش مثير أداره باقتدار ومهنية ،مقدم البرنامج السيد " الحسين خباشي" الذي حاول مقاربة الموضوع من زوايا ورؤى مختلفة عبر بسط جملة من التساؤلات وزعها على الضيفين ، تنم عن اطلاع وإلمام واسع بقضايا واهتمامات وانتظارات مغاربة المهجر، تساؤلات تعاقب على مقاربة أجوبتها على التوالي ضيفا البرنامج كل من الأستاذ "عبدالسلام الفزازي" والباحث في الإعلام والهجرة "محمد وعيد"، أجوبة يمكن رصد معالمها الكبرى على النحو التالي :
تفاعلا مع الأسئلة الموجهة إليه، تطرق الأستاذ "عبدالسلام الفزازي" إلى عدة قضايا لامس من خلالها جملة من الإشكاليات ذات الصلة بالهجرة والاندماج، منها على سبيل المثال لا الحصر، إشارته إلى تغيرات طالت وضعية المهاجر المغربي بأوربا خاصة بعد الأزمة الاقتصادية التي عصفت بعدد من البلدان الأوربية كإيطاليا وإسبانيا، والتي لم يسلم منها حتى مواطني البلدان المستقبلة، مما دفع ببعض المهاجرين إلى السقوط في منزلق العنف والانحراف في ظل صعوبات الحصول على شغل أو وظيفة، وهنا لامناص من الإشارة إلى أن تلك الأزمة أرخت بضلالها على عدد من المهاجرين المغاربة الذين اضطرتهم صعوبات المعيش في أوربا إلى العودة اضطراريا إلى المغرب، والكثير منهم رجع "بخفي حنين" لاماديا ولا معنويا، فلاهم اندمجوا في بلد الإقامة و لاهم مستعدين نفسيا وذهنيا وماديا من أجل إعادة الاندماج في البلد الأم الذي غابوا عنه لسنوات، وهؤلاء يفرضون إعادة صياغة تحديد جديد للاندماج، يستوعب أيضا المغاربة الذي عادوا اضطراريا إلى وطنهم لسبب أو لآخر، وهم في حاجة ماسة إلى المواكبة والتتبع، خاصة فيما يتعلق بأطفالهم الذين ولدوا في المهجر.
وارتباطا بهذه النقطة، فقد أوضح الأستاذ المتدخل، أن المهاجرين القادمين من بلدان الجنوب وبشكل خاص من إفريقيا ، ساهموا في إعادة بناء اقتصاد أوربا الذي انهار بشكل شبه كلي بعد الحرب العالمية الثانية، وأوربا اليوم بصدد محاولة التنكر لما أسدوه لها من خدمات عبر التخلي عنهم إما بإبعادهم عن سيرورات الاندماج في المجتمعات الأوربية بسن تشريعات صارمة في مجال الهجرة واللجوء معاكسة لتطلعات وانتظارات المهاجرين، أو بتشجيع رحلاتهم الطوعية إلى بلدانهم الأصلية، وفي هذه النقطة، أوضح ذات المتدخل أن كندا تتعامل بشكل "ذكي" مع الهجرة، مستفيدة بذلك من الجوانب السلبية التي اعترت وتعتري الهجرة في أوربا.
وقد أثار المتدخل في نفس السياق، نقطة على جانب كبير من الأهمية، ويتعلق الأمر بضرورة "توثيق" الهجرة المغربية بالخارج، وهذا التوثيق يقتضي تجاوز مقاربة الهجرة من زاوية أكاديمية صرفة، والتي لا تستحضر خصوصيات المجال والزمن، عبر الانتقال إلى بلدان الإقامة ومعاينة المعيش اليومي للمهاجرين ورصد ما يتخلله من صعوبات مرتبطة بالاندماج، خاصة فيما يتعلق بالأطفال، والبحث والتقصي عن الوجه المشرق للهجرة عبر توجيه البوصلة نحو الطاقات والكفاءات المغربية بالمهجر، من أجل استثمارها إعلاميا في تحسين وجه الهجرة المغربية، ثم البحث عن السبل الممكنة لدفعها إلى الارتباط بالوطن الأم والإسهام في تنميته والدفاع عن مصالحه بالخارج.
وقد أشار -الأستاذ" الفزازي"- إلى بعض التجارب الناجحة في الهجرة المغربية في أوربا، وأعطى مثالا بالمحامية " كوثر بدران " التي حققت نجاحا في الديار الإيطالية في الدراسات القانونية، واستطاعت أن تجد لها موضع قدم في حقل المحاماة بإيطاليا، مقدمة بذلك الوجه المشرق للهجرة المغربية في أبعادها الناجحة والمتميزة، والدليل القاطع أن الاندماج الحقيقي، لابد وأن يمر عبر قنطرة التعليم الذي يتيح إمكانيات متعددة المستويات للتعرف على بلد الإقامة أو الاستقبال من حيث التشريعات والمؤسسات والثقافة والعقليات وغيرها، وفي هذا المستوى كما أشار إلى ذلك المتدخل، يبرز دور بعض الأسر المغربية، التي راهنت على التعليم وعلمت أبنائها وفق مناهج وبرامج بلدان الإقامة، إلى أن أمكن لهم الوصول وفرض الذات، بل وسيصبحون فاعلين في هذه البلدان في السياسة والاقتصاد والقانون والمحاماة والطب والمقاولة والفنون وغيرها، وحول هذه النقطة، فقد أوضح المتدخل، أن هناك عقولا مغربية بمختلف بلدان المهجر، تستحق ليس فقط الافتخار، بل أيضا العناية والاهتمام خاصة من جانب الإعلام الوطني الذي يبقى مطالبا اليوم، بالبحث والتقصي عن الخبرات والكفاءات المغربية بالمهجر، من أجل تقديم صورة إيجابية عن الهجرة المغربية، من شأنها الحد من الصورة النمطية التي تكرسها بعض وسائل الإعلام الأجنبية التي تعكس صورة سلبية للهجرة المغربية مرتبطة بالعنف والانحراف والخروج عن سلطة القانون.
وفي معرض أجوبته، أثار الأستاذ المتدخل مفهوم " الإسلاموفوبيا" مبديا في هذا الصدد، رغبته في عقد لقاء يجمع بين بعض الباحثين المغاربة ورجال الدين المسيحيين واليهود، لمناقشة هذا المفهوم، الذي لايوجد له مقابل -حسب تصوره - لا في المسيحية و لا في اليهودية، مؤكدا أن مبادرة من هذا القبيل، من شأنها تذويب الخلافات الدينية وتقريب الصورة الحقيقية للإسلام المعتدل، الذي تتجاهله الكثير من وسائل الإعلام الأجنبية، وقبل هذا وذاك، تدعيم روابط التعاون وتوطيد جسور التواصل والتعايش، بعيدا عن مفردات التطرف أو التعصب أو النبذ أو الكراهية.
أما السيد"محمد وعيد" الباحث في قضايا الإعلام والهجرة، وفي إطار تفاعله مع سؤال موجه إليه من طرف مقدم البرنامج، حول رد فعل المهاجر المغربي عن الصورة التي يرسهما الإعلام الإيطالي عنه من أجل تصحيحها، فقد أفاد أنه "لايغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم" وهي رسالة واضحة المعالم لا تدع مجالا للشك، في أن المهاجر المغربي بشكل خاص، لابد له أن يتعامل بقيم وأخلاقيات الإسلام في بلد المهجر من حيث السلوكات والتصرفات والمعاملات من انضباط وصدق وإخلاص في العمل والتفاني فيه والبعد عن الكذب والنفاق أو التهاون والتحلي بالجدية ونبذ العنف والالتزام التام بسلطة القانون والمؤسسات ذات الصلة ببلد الإقامة واحترام ثقافته.
وهذه النقطة لها أهميتها البالغة، من منطلق أن المهاجر يحمل جنسية بلده وفي نفس الآن يحمل صفة "المسلم"، وبالتالي فكل مهاجر مسلم، يتحمل المسؤولية الدينية والأخلاقية في التعريف بالديانة التي يحملها في مجتمع الإقامة، وتوضيحا للصورة، يمكن القول، أنه و كلما كان المهاجر يتصرف وفق قيم وأخلاقيات الإسلام، كلما كان مرآة عاكسة للإسلام -إيجابا- داخل الدولة التي يقيم بها، وكلما كان يتصرف ويتعامل بعيدا عن روح التعاليم الإسلامية كلما قدم لمواطني دولة الإقامة، صورة سلبية عن الإسلام، وعليه فصورة الإعلام الغربي عن الإسلام، تتحكم فيها طبيعة السلوكات والتصرفات الصادرة عن المسلمين، لكن في هذه النقطة لامناص من التذكير، أن بعض وسائل الإعلام الأجنبية، ترسم صورة قاتمة عن الإسلام، انطلاقا من بعض السلوكات والتصرفات المعزولة الغارقة في التطرف والكراهية التي تصل حد الإرهاب والإجهاز على الحق في الحياة، وفي هذا المستوى، لابد لهذه الوسائل أن تضع مسافة بين الإسلام المعتدل الذي يدعو إلى قيم المحبة والتعاون والتعايش والتساكن والسلام والعلم والإبداع، و بعض السلوكات والتصرفات المتطرفة التي قد تقترف باسم"الإسلام"، بينما "الإسلام"يبقى بريئا منها، وحتى وسائل الإعلام المغربية خصوصا والعربية الإسلامية عموما، لابد لها أن تنقل للغرب الصورة الحقيقية للإسلام، بالتركيز على الأوجه المشرقة للهجرة.
استرسالا في الأجوبة، أكد الباحث "محمد وعيد" أن المجتمع الإيطالي لابد له أن ينظر إلى الجالية كعنصر غنى وثراء، وهي فكرة حاملة لعدد من الدلالات في مقدمتها الدعوة الصريحة إلى التعايش والتساكن داخل المجتمع الإيطالي بكل ما يحتضنه من ثقافات، مما من شأنه أن يساهم في إغناء وإثراء الحضارة الإيطالية الممتدة عبر التاريخ، والتي أفرزت النهضة الأوربية التي غيرت من وجه إيطاليا وأوربا الغربية خلال القرنين 15و16م.
وعن سؤال وجه إليه حول الاندماج، فقد أكد -ذات المتدخل- أن الاندماج يعد قضية أساسية في المجتمع الإيطالي، لكن ربط ذلك بعدم الانسلاخ عن الهوية والخصوصيات المحلية، وهو بذلك، يفتح المجال للتساؤل عن "ماهية الاندماج" داخل بلدان الإقامة، هل يقصد به الاندماج في الثقافة الغربية والانصهار الناعم في بوثقتها؟ أم اندماج "حذر" يقتضي المحافظة على الخصوصيات المحلية(لغة، دين، هوية، ثقافة ...)؟ أم الاحتراس من فكرة الاندماج والعيش في مجموعات مغلقة؟ وفي هذا الصدد، لابد من الإقرار أن الاندماج الحقيقي يمر عبر التعليم الذي يتيح الإمكانيات المعرفية والقدرات والكفايات التواصلية، المساعدة على الاندماج الحقيقي داخل بلدان الإقامة، بشكل "واع" و"مسؤول" يصون الهوية ويحمي الثقافة ويحافظ على الدين، بل أكثر من ذلك، يساهم في التأثير الإيجابي في ثقافة بلد الاستقبال ويتفاعل معها بشكل يحقق "الثراء الثقافي المتعدد الروافد .
وفي نفس السياق أثار -المتدخل- نقطة مهمة ترتبط باندماج أطفال الجالية في المجتمع الإيطالي، حيث يدرسون وفق المنظومة التعليمية الإيطالية من التعليم الأولي إلى التعليم العالي، وهؤلاء مندمجون بشكل تلقائي كما أكد ذلك المتدخل، في المجتمع الإيطالي، لكن اندماجهم يطرح بعض الإشكاليات ذات الصلة بتعلم اللغة العربية وتعلم التقافة المغربية، وفي هذا المستوى، لامناص من تتضافر المجهوذات سواء على المستوى الرسمي، أو على مستوى جمعيات المجتمع المدني التي تنشط في بلدان الإقامة، من أجل تأطير أبناء الجالية على مستوى اللغة العربية والتربية الإسلامية والوطنية، ضمانا لارتباطهم بالوطن الأم.
وتفاعلا مع سؤال موجه إليه، أشار الأستاذ" عبدالسلام الفزازي" إلى مبادرة جديرة بالتنويه تبنتها جامعة بن زهر بأكادير (كلية الآداب والعلوم الإنسانية)، تنم عن رؤية متبصرة ترمي إلى الإنفتاح على الطلبة والكفاءات المغربية بالخارج، وإعادتهم إلى الجامعة المغربية، عبر تمكينهم من التسجيل ومتابعة الدراسة بالجامعة في مختلف الأسلاك(إجازة، ماستر، دكتوراه)، وهي مبادرة غير مسبوقة على مستوى الجامعة المغربية، من شأنها كما قال المتدخل، تنشيط الذاكرة الثقافية للطلبة المغاربة الذين درسوا بالخارج، عبر تمكينهم من كفايات معرفية وتواصلية ومنهجية تتوج بحصولهم على شواهد عليا وطنية، وخطوة من هذا القبيل لابد من تثمينها والحرص على تبنيها من قبل جامعات مغربية أخرى، لأنها ستساهم في خدمة "الاندماج" من زاويتين:
أولهما:أن تكوين المهاجر بالجامعة المغربية من شأنه أن يقدم له تكوينا جامعيا وفق المنظومة التعليمية المغربية، وهذا سيساعده على المزيد من الاندماج في بلد الإقامة بشكل "واع" و"مسؤول"، بل و تمرير ما تعلمه من كفايات إلى أبناء الجالية.
ثانيهما: أن المهاجر، وبعد تخرجه من الجامعة المغربية، قد تتاح له إمكانية للولوج إلى سوق الشغل بالمغرب، بمعنى أن تعليم المهاجر، سيساعده بأي شكل من الأشكال في الاندماج سواء ببلد الإقامة أو بالمغرب/الوطن الأم.
دون إغفال أن مبادرة من هذا القبيل، من شأنها مد جسور التواصل مع طلبة المهجر، وتمرير قيم المواطنة إليهم، بشكل يجعلهم أشد ارتباطا بوطنهم الأم وأشد حرصا على مصالحه بالخارج، وقد أعطى "المتدخل" المثال بالطالب "محمد وعيد" - المتدخل الثاني - الذي يدرس حاليا بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة بن زهر بأكادير، وتحديدا بماستر "التحرير الصحفي والتنوع الإعلامي"، بعدما أنهى مساره الدراسي بالجامعة الإيطالية(فيرونا) متخصصا في العلوم السياسية.
وقد ختم الأستاذ" الفزازي" تدخله بأن استشهد بمقولة للملك الراحل الحسن الثاني أكد فيها أن المغرب هو بمثابة "شجرة جذورها في إفريقيا وأغصانها في أوربا"، موضحا في هذا الصدد، أن المغرب بحكم "قدر" الجغرافيا، لم يعد فقط "بلد عبور" بل أضحى "بلد استقبال" نهج سياسة رائدة في مجال الهجرة بأبعاد إنسانية وتضامنية، تمكن من خلالها من احتضان الهجرة الإفريقية، في سياسة فريدة تعد الأولى من نوعها في الشمال الإفريقي، وفي هذه النقطة، لابد من الإشارة إلى أن تحول المغرب إلى "بلد إقامة " بالنسبة لعدد من الجاليات الإفريقية والعربية(السوريون نموذجا) ، يفرض على الفاعلين السياسيين والباحثين في قضايا الهجرة والإعلام، النظر إلى "مفهوم الاندماج" من زاويتين مختلفتين : اندماج مغاربة العالم واندماج الجاليات الإفريقية والعربية التي اتخذت من المغرب بلدا للإقامة والاستقرار.
بقيت الإشارة، إلى أن معدي البرنامج، وفقوا في اختيار الضيفين الكريمين، أحدهما يجسد نموذجا مشرقا للهجرة، ويتعلق الأمر بالسيد "محمد وعيد" الذي بدأت حكايته مع ايطاليا منذ حوالي "24" سنة، وكسب رهان الانخراط في التعليم الإيطالي، رغم الصعوبات والإكراهات المادية الصرفة، وأمكن له التخرج من الجامعة الإيطالية (فيرونا) متحوزا بشهادة عليا في العلوم السياسية، عبدت له الطريق للالتحاق بالقنصلية العامة للمملكة المغربية بمدينة "فيرونا" الإيطالية، مكلفا بالمصلحة الثقافية، ويحضى حاليا بفرصة متابعة الدراسة بماستر" التحرير الصحفي والتنوع الإعلامي" بكلية الآداب بجامعة ابن زهر، مستفيدا بذلك من المبادرة التي أقدمت عليها الجامعة ذات الصلة بالانفتاح على طلبة المهجر(رؤية للهجرة من الداخل "الإيطالي")، أما الضيف الثاني الأستاذ "عبدالسلام الفزازي"، فقد كان اختياره صائبا لاهتمامه بحقلي الإعلام والهجرة، ولما راكمه من تجارب وخبرات في المهجر، مما جعل تدخله، حاملا للكثير من المعطيات حول الهجرة والاندماج، والتي تقاطعت فيها نظرة "الباحث الأكاديمي" ونظرة "الخبير" الذي راكم تجارب الهجرة وتعايش وتفاعل معها.(نظرة للهجرة من الداخل).
عزيز لعويسي
-كاتب رأي، أستاذ التاريخ والجغرافيا بالسلك التأهيلي(المحمدية)،باحث في القانون، مهتم بقضايا الإعلام والهجرة و الأمن.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.