وكبر همي. كبرت، وكبر شوقي اشتقت إليك يا جنتي كبرت، وكبرت، ولازلت أشتاق. يعز علي الفراق، فراقك لا يطاق، وأنا أهوى العناق.
عنك أبعدوني، قسرا من حضنك انتزعوني قبل الأوان.
من صدرك حرموني قبل الفطام. حملتني وهنا على وهن فصلوني عنك قبل عامين. انقطع الحبل السري وصرت بلا وطن؛ أضعت هويتي، فقدت بوصلتي، انقطع وليته لم ينقطع لم أستطع أن أبثك سري. عذرا أمي، إن أثقلت عليك الشكوى. عذرا؛ فأنا أموت قهرا.
أراك في منامي أبني بأحلامي قصرا لكن مَن حسبتهم بشرا صارت قلوبهم صخرا هوى على قصر أحلامي فجعله جُحرا. في قانونهم حب أمي أصبح حظرا. ولكن، مهلا إن لم يلقوا من ضمائرهم زجرا فسيلقون من الزمن مكرا وغدرا.
اشتقت إليك يا أمي اشتقت إليك يا وطني؛ اقتلعوا جذوري من تربتك، حطموا جسر عبوري إلى جنتك، ذبلت زهوري في انتظارك. لم يرحموا انكساري ضعفي وانهياري. توسلت إلى أقداري تسولت منها الرفق بحالي. متى تصالحني؟ لتعيدني إلى أحضانك، لأتمرغ في ترابك وأحيا بأنفاسك. مللت من الانتظار مر الشتاء ومر الصيف تعاقبت كل الفصول وأنا في فصل واحد؛ كل شيء تغير إلا دمعي وألمي، فهو وسامي، وحكمي المؤبد.
أمي، أنا في بعدك حطام بقايا إنسان. قلبي معلق بين الأرض والسماء، بين اليأس والرجاء. أمي، كفى بعدا كفى فقلبي قد اكتفى. اشتقت إليك يا سكني أنا بدونك ضائعة بلا عنوان. أحبك، ولا أحتاج على حبك دليلا لم أرض عن ترابك بديلا أتعبد في محرابك ولم أستطع عن قبلتك تحويلا في بعدك، صار قلبي عليلا وجسمي نحيلا بدونك، محياي أصبح مستحيلا.
اشتقت إليك يا أمي ولا أجد لشوقي قدرا أنتظر لليلي فجرا وأنا الآن على الصراط أمضي على عجل وكُلّي وجل أن يسبقني الأجل. أسابق الزمن لعلي أحقق نصرا فأظفر بصدرك ظفرا؛ فأنا أعاني فقرا وأحتاج من حنانك بحرا يتدفق على آلامي وأسقامي وأدخل جنتك بسلام.