رحلت أمي الودودمندخمس سنوات , ودفنت في مثواها الأخير في ناحية من نواحي بلاد عزيزة جداً على قلبي فكان رحيلها زلزالاً حطم قلبي وبركاناً ثار في وجهي.. أمي مند ولدتني وذكراها باقية في قلبي الى يوم الدين ملامحها راسخة في مخيلتي ووجداني حتى أفارق الحياة . كانت بابا للحنان ونافذة للبهجة وممرا آمنا للسكينة.. كانت بيتا وبستانا وسحابة فرح في لياليي الحزينة.. كانت ولوجا لطيفا في آفاق الصوفية الرحبة وقبلة حانية على يد الزمان الموغل في قسوته كانت نهرا فياضا علمني أن أحب بلا حدود وأن أعطى دون انتظار المقابل كانت القلب الحنون المفعم بالعطاء والمحبة للآخرين والصدق مع الله عز وجل، كانت مثالاً للتضحية والإيمان والتسامح والإيثار، يا أمي … ما زالت صورة وجهك المضيء هي حلمي الذي أعيش من أجله، مرت الأيام دون أن ناشعر بها والشهور والأعوام هكذا وكلمح البصر.. مرت خمس سنوات بالتمام والكمال اليوم على رحيل أمي، بل أقول رحيل جسدها حيث روحها معي تحفني في كل مكان ولا اقول ذكرى لأن الذكري لمن لفه النسيان.. ولكن لن انساك يا أمي ماحييت ترى ماذا أكتب…. وكيف؟! أبدأتاهت أفكاري، وهربت مني أحرفي ماذا أكتب وكلماتي تنزف دماً وعيوني تذرف دمعاً.. وكل ما أعرفه أن أيامي ترغمني على تجرع كأس الحزن فتأسرني وتقذف بي في بحر عميق لا قرار له.. أمي.. ما زال القلب ينزف دماً لفراقك، وجرحي يكبر كلما تذكرتك، فقدت الصديق وأتمنى أن يتحقق بلقائك في جنات النعيم ها هي خمس سنوات مضت من عمري، ولكنها ليست كبقية الأعوام، هي أيام عمري ترحل عني لتتركني بقايا إنسان، والشهور تتسابق لتغادرني تتقاذفها الأقدار.. ويقسو عليها الزمان. منذ خمس سنوات دوت صرخة صامتة، مزقت قلبي.. ونزف دمي،,وصارت الدنيا من حولي فضاء من ألم، منذ اربع سنوات علمت معنى أن تموت الحياة، وعلمت معنى أن نحيا بلا حياة،خمس سنوات وأنا أضعف شوقاً وحسرة,وأبكي وحيدا بصمت أبكي لفراق أغلى وأعز وأحن إنسان، مَن لا يبكي أمه، كيف لا أبكيها وهي أمي ثم أمي ثم أمي..كيف لا أبكيها وقد كانت نبراسا ينير طريقي . كيف لا أبكيها وهي من علمتني سر الإنسانية الأصيل، وكيف لا…. وهي من أرضعتني مع حليبها الصبر والعطف والحنان، وقد كانت لي سندا وحاجزاً يقف أمام انهيار نفسي، ببسمتك الجأ اليك عند ضيقي، أسمع دعوتك الصادقة لي وكل يوم يمر أجد نفسي أقرب وأقرب اليك.. أمي القامة الشامخة، الكبرياء، الصبر، الحب الايثار …. منذ خمس سنوات اغلق الباب الأوسع، الذي كان الله يرحمنا من خلاله بسبب أمي أم الكرم، أم الوفاء، أم الأمانه والدين, أم الطهارة والشرف.. من بعدك يدثرني بأحضانه بالحب والحنان خوفاً وشوقاً وحنينا. رحلت يا أماه ونفسك مطمئنة راضية بقضاء الله وقدره، مرضية إن شاء الله، فلقد أديت رسالتك على أكمل وجه دون اي تقصير.. فنامي يا أماه في سلام على الأرائك بادن الله ووداعاً أمي يا أغلى البشر. اللهم إن مغفرتك أكبر من ذنوبها، ورحمتك أوسع لها من عملها، فاغفر لها وارحمها، واعفو عنها، ووسع مدخلها واكرم نزلها.. اللهم وسع لها في قبرها ومد لها فيه مد بصرها ,وافرشه لها من فراش الجنة.. اللهم انزل على قبرها نورا من نورك، وانزل على روحها نفحة من رحمتك يا أرحم الراحمين .