النقابة بين شيوع مظاهر الفساد، والحرص على إنتاج عمل نقابي سليم محمد الحنفي إن ما رأيناه حتى الآن من تحول النقابة، في اتجاه إنتاج الممارسة البيروقراطية، أو التبعية، أو الحزبية، أو الإطار للإعداد، والاستعداد لتأسيس حزب معين، ومن لا مبدئية النقابة، والعمل النقابي، ومن عدم احترام المبادئ النقابية، ومن استغلال النقابة، والعمل النقابي، في تحقيق التطلعات الطبقية، وما يترتب عن ذلك من ممارسات لا علاقة لها بالنقابة المبدئية، وبالعمل النقابي المبدئي، وباحترام مبادئ النقابة، والعمل النقابي، لا يمكن أن ينتج إلا ما يمكن تسميته بالفساد النقابي، الذي اصبح معروفا بين الخاص، والعام، نظرا لشيوعه في معظم النقابات، التي لم تعد بدورها تخفي فسادها، لتعمل على إنتاج كل أشكال الفساد النقابي، وتبني علاقتها بالعمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين على أساس ذلك، حتى صار كل صاحب ملف نقابي، يحتاج إلى تدخل النقابة، لا يعول إلا على النقابة الفاسدة، مهما كانت النتيجة. أي أن العمالن وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، أصبحوا لا يميزون بين الإدارة الفاسدة، وبين النقابة الفاسدة، من منطق الآية الكريمة: {ظهر الفساد في البر والبحر}، الأمر الذي يترتب عنه تفشي الممارسة الانتهازية اللا محدودة، في صفوف المسؤولين النقابيين، بمن فيهم الإطارات النقابية المختلفة، وفي صفوف المستهدفين في نفس الوقت، ليصير العمل النقابي قائما على المحسوبية، والزبونية، والإرشاء، والارتشاء، كما هو الشأن بالنسبة للإدارة المغربية، التي تقوم علاقتها بالمواطنين، على أساس المحسوبية، والزبونية، والإرشاء، والارتشاء. وفي مقابل هذا الفساد، الذي صار متفشيا في معظم النقابات، يوجد مناضلون أوفياء إلى العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، يحاربون الفساد في نقاباتهم، ولا يسعون أبدا إلى إنتاج، أو القبول بأي شكل من أشكال الفساد النقابي، كما توجد نقابات عمالية، أو قطاعية، أو خدماتية، يصعب ان تقبل بتفشي الفساد في صفوفها، وتعمل على فضحه، ومحاربته داخل القطاع النقابي، وخارجه؛ لأن الكارثة التي تصيب العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، هي المساهمة في حل مشاكلهم الفردية، على يد المسؤولين المعينين الفاسدين، نظرا لعلاقتهم بالمسؤولين في مختلف الإدارات، وبالباطرونا؛ لأن المسؤولين النقابيين الفاسدين، وحدهم، يعرفون من أين تؤكل الكتف، وكيف يتصرفون مع المسؤولين في القطاعين: العام، والخاص، ولا وجود عندهم لشيء اسمه الإقناع، والاقتناع.
وهؤلاء المسؤولون النقابيون الفاسدون، هم الذين يسيئون إلى النقابة، والعمل النقابي، وهم الذين ينفرون العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، من الانخراط في النقابة، وفي تفعيل العمل النقابي، وهم الذين يعطون الفرصة لكل من يقدم على محاربة العمل النقابي، باعتباره وكرا لكل اشكال الفساد، لأنهم ينتجون مبررات محاربة العمل النقابي. ولذلك، فإن النقابة، أي نقابة، تحرص على ان تعرف في صفوف العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، على أنها نقابة تحترم مبادئها، وخاصة مبدأ الديمقراطية، وتتقبل، في إطاراتها القاعدية، والقيادية، مبدأ المركزية الديمقراطية، المعلنة، وغير المعلنة، والنقد، والنقد الذاتي، والمحاسبة الفردية، والجماعية، وتنتج عملا نقابيا مبدئيا. إلا أنها، ونظرا لأن المقبلين على ممارسة النقابة، والعمل النقابي، هم المعانون من المشاكل الخاصة، في علاقتهم بالإدارة في القطاعين: العام، والخاص. ونظرا لأن المسؤولين النقابيين، في هذه النقابة، أو تلك، في هذا القطاع، أو ذاك، قد يكونون حاملين لعقلية البورجوازية الصغرى، مما يجعلهم مرضى بالتطلعات الطبقية، فإن النقابة لا تتخذ أي إجراء، في حق هؤلاء المسؤولين، عندما يستمرون في ممارستهم للفساد النقابي، بل إن هؤلاء يتسلقون سلم المسؤوليات، في أفق الوصول إلى المسؤولية القطاعية، ثم إلى مسؤولية النقابة المركزية. وهو ما يمكن اعتباره عملة صعبة، يتمكن منها المسؤولون النقابيون الفاسدون، لتصير النقابة معانية من شيوع مظاهر الفساد النقابي، فيما يمارسه المسؤولون، في مستوياتهم المختلفة، بهذه الصفة، أو تلك، ولكنها في نفس الوقت، حريصة على أن تظهر أمام الراي العام المحلي، والوطني، والدولي، على أنها نقابة مبدئية، وتحترم مبادئ الديمقراطية، والتقدمية، والجماهيرية، والاستقلالية، والوحدوية، وتعمل على إنتاج عمل نقابي نظيف، وسليم من كل أشكال الفساد النقابي. وهذه السمات، التي تسم النقابة، والعمل النقابي في المغرب، هي التي تسيء إلى النقابة، والعمل النقابي، كما تظهرها في نفس الوقت، على أنها هي النقابة البديل، للفساد الذي صار معتمدا في معظم النقابات، التي تبني علاقتها مع العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، على أساس أدلجة الدين الإسلامي، التي صارت أيديولوجية من لا أيديولوجية له. ومن المظاهر التي تسيء إلى النقابة، والعمل النقابي، التي لا تستطيع الحسم مع الجماهير العاملة من مسؤوليها، والتي تدعي المبدئية، واحترام المبادئ النقابية نجد: 1 إقدام قياداتها على تعيين العناصر الفاسدة، في المسؤوليات الفرعية، والإقليمية، والجهوية، والقطاعية، لتقطع بذلك الطريق على إمكانية دمقرطة العمل النقابي، ودمقرطة النقابة، مما يمكن القواعد النقابية، من اختيار المسؤولين عن النقابة، وعن تدبير العمل النقابي في الفروع، والأقاليم والجهات. وهو ما يعتبر ضربا لديمقراطية النقابة، التي تتحول إلى بيروقراطية، أو تابعة، أو حزبية، أو مجرد إطار للإعداد، والاستعداد لتأسيس حزب معين، لتصير بذلك غير مختلفة عن الممارسة المخزنية، المتسمة بالفساد، والاستبداد في هذا الواقع، وحتى يتم إعادة الاعتبار للنقابة، والعمل النقابي، يجب الحرص على رفض قيام القيادة النقابية، بتعيين المسؤولين عن الفروع، والأقاليم، والجهات، وأن يوكل أمر ذلك، إلى القواعد النقابية، من خلال الهيئات النقابية التقريرية: الفرعية، والإقليمية، والجهوية، والوطنية، التي يترسخ لديها الاقتناع بفرز جهاز معين، ودون إملاء من القيادة النقابية، التي تتدخل ضدا على إرادة القواعد النقابية، لصناعة خريطة نقابية معينة، تماما، كما تقوم المؤسسة المخزنية ،عندما تقدم على صناعة خريطة سياسية معينة، حتى تبقى متحكمة في الواقع الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والمدني، والسياسي. 2 استفراد القيادة النقابية، ومن تعينهم في مختلف المسؤوليات، بعدم احترام المبادئ النقابية، وبالممارسة النقابية اللا مبدئية، وبتجاوز القانون، الذي تبنى على أساسه النقابة، والعمل النقابي. وقد كان الأولى، أن تحترم القيادة النقابية، وكل المسؤولين النقابيين في الفروع، والأقاليم، والجهات، المبادئ النقابية، وأن يعملوا على استحضار مبدئية النقابة، والعمل النقابي، وأن يحرصوا على إشراك القواعد النقابية في التقرير، والتنفيذ، مستحضرين رأي المستهدفين بالنقابة، والعمل النقابي، حريصين، في نفس الوقت، على انتزاع كافة حقوق العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، بالإضافة إلى انتزاع حقوق الإنسان الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية. وإذا كان المفروض في القيادة النقابية، وفي مسؤولي الفروع، والأقاليم، والجهات، غير قائم على أرض الواقع، فإن على القواعد النقابية، أن تعمل على إعادة الاعتبار للنقابة، والعمل النقابي، عن طريق فرض دمقرطة النقابة، والعمل النقابي، حتى يتم إشراكها في كل مفاصل الحياة النقابية، حتى تصير القيادة منصاعة لإرادة القواعد، وملتزمة بالمركزية الديمقراطية، والنقد، والنقد الذاتي، والمحاسبة الفردية، والجماعية، حتى تنضج شروط تطور النقابة والأداء النقابي، مطلبيا، ونضاليا، وفي علاقة القيادة بالقواعد النقابية، وفي علاقة النقابة: قيادة، وقواعد، بالمستهدفين من العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، مما ينعكس إيجابا على واقعهم الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، وعلى واقع النقابة، والعمل النقابي. 3 والقيادة، عندما لا تصير مثالا يقتدى به، في احترام مبادئ النقابة، والعمل النقابي، فإنها تكرس مثالا نقيضا، في عدم احترام المبادئ النقابية، لتصير بذلك قدوة لمسؤولي الفروع، والأقاليم، والجهات، في عدم احترام مبادئ النقابة، والعمل النقابي، إلى درجة أنهم يصيرون لا ديمقراطيين، ولا تقدميين، ولا جماهيريين، ولا استقلاليين، ولا وحدويين. ومعلوم، أنه إذا لم تكن القيادة النقابية، والمسؤولون النقابيون، ديمقراطيين، وتقدميين، وجماهيريين، واستقلاليين، ووحدويين، فإن النقابة تصير مفتوحة على كل الاحتمالات، ومفتقدة مبدئيتها، ومبادئها، وستسود فيها الممارسة الانتهازية، بفعل ما يمارس في حق العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، مما لا علاقة له، لا بمبدئية النقابة في العمل النقابي، ولا بالمبادئ النقابية. وهو ما يجعل الممارسة النقابية، غير محصنة، ضد كل أشكال التحريف، التي صارت سائدة في معظم النقابات. وهو ما يطرح ضرورة امتلاك وعي نقابي صحيح، من قبل القواعد النقابية، حتى تتحرك على أساسه، من أجل فرض احترام مبدئية النقابة، والعمل النقابي، بالإضافة إلى فرض احترام مبادئ النقابة، ومن أجل وضع حد لكافة أشكال التحريف النقابي، التي صارت تمارس، على انها هي العمل النقابي الصحيح، ومن أجل أن تتحول النقابة إلى نقابة مبدئية، تحترم في إطاراتها المبادئ المختلفة، وعلى جميع المستويات التنظيمية: المبادئ النقابية المعتمدة، ويتم فسح المجال أمام امام إشراك القواعد النقابية، وعلى جميع المستويات، في التقرير، والتنفيذ، وفي إعادة هيكلة التنظيم، وعلى جميع المستويات، من أجل فرز القيادات النقابية المبدئية، التي تحترم المبادئ النقابية، وتعمل على إشراك القواعد النقابية، في كل ماله علاقة بوعي العاملات، والعمال، وباقي الأجيرات، والأجراء، وسائر الكادحات، والكادحين، حتى تستعيد النقابة مكانتها، ويستعيد العمل النقابي المبدئي السليم من كل اشكال التحريف مكانته، لتعرف حياة العاملات، والعمال، وباقي الأجيرات، والأجراء، وسائر الكادحات، والكادحين، ممارسة نقابية متقدمة، ومتطورة، تستجيب لطموحاتهم، في تحسين أوضاعهم المادية، والمعنوية، وتفتح أمامهم إمكانية الوعي بأوضاعهم المختلفة، وبالأوضاع العامة، وبالذات، من أجل تصليب عودهم، في الصمود ضد الاستغلال الهمجي، الممارس عليهم، من قبل الطبقة الحاكمة، ومن يدور في فلكها من المستغلين، وسائر المستفيدين من الاستغلال المادي، والمعنوي.