دشنت وزارة الثقافة المغربية انطلاق سنة وجدة الثقافية " وجدة عاصمة الثقافة العربية لسنة 2018" بتسلم المشعل من مدينة الأقصر المصرية بوفد ثقافي منه وفد شعري فيه ثلاثة شعراء مغاربة لا أحد فيهم من وجدة . وكأن شعراء هذه المدينة لاينتمون للشعر المغربي ولا تُطاول قاماتُهم قاماتِ الأفذاذ الذين سيتسلمون المشعل من الأقصر.. لا أحد من رموزنا الشعرية على الأقل حاضر .. لا محمد علي الرباوي ولا حسن الأمراني ولا عبدالسلام بوحجر ولا عبدالرحمان بوعلي ولا محمد لقاح ..لا أحد من مجايليهم أو ممن أتوا بعدهم...لا أحد من هذه الأرض اليباب .. فوجدة لم تنجب إلا الشعراء الأقزام القاصرين الذين ينوب عنهم ذوو الرشد في حمل المشعل الشعري إليهم من أرض الكنانة مهوى قلوبنا الثقافية، ومن شاعر رائد هو أحمد حجازي الذي نكن لتجربته كل التقدير. تؤكد وزارة الثقافة المغربية في شخص وزيرها أو من ينوب عنه في اتخاذ هذا القرار أن سياستها الثقافية فعلا شلاَّء تسير برجل واحدة هي رجل المغرب النافع بينما رِجْلُ مغرب الهامش مشلولة يجب أن تُجر تابعة رجلها السليمة بشكل مُهين. كنت أشفق على بعض أصدقائنا من مثقفي وجدة وهم يضعون بحسن نية أمام كل نشاط ثقافي أنجزوه بالعرق والصبر وقلة الدعم عبارة: "وجدة عاصمة الثقافة العربية لسنة 2018". وهم لايعلمون أن الدعم السخي سينطلق من صنابير ليسوا راسخين في علمها متدفقا إلى غير جمعياتهم الفقيرة المكافحة. آلمتني كثيرا هذه التمثيلية الشعرية نحو الأقصر ليس اعتراضا على الشعراء المدعوين فهذا حقهم كمغاربة حقهم ثم حقهم أن يحتفوا بوجدة وإنما اعتراضا على تغييب شعراء وجدة في الوفد الشعري حتى حَسِبْتُ وجدة في هذا المحفل - كما علق بعض الظرفاء - مجردَ قاعة للحفلات تُكترى وتُجهز ليحل بها غيرُ مثقفيها الذين سيقتصرون على دور "التريتور" المهندم الأنيق الحليق بما يليق بمن يرحب بالضيوف دون أن يتجرأ على الجلوس معهم إلى المائدة. وذكرني هذا بالمعرض المغاربي الأخير لوجدة حين سقط مديرُهُ أو مندوبه سهوا على المدينة من برجه العالي العاجي ونظم مهرجانا غيّب فيه من أراد وأخذ تعويضه السخي تاركا لمثقفي المدينة بياناتهم التنديدية . ما يقع في جرادة وما وقع في الحسيمة وفي زاكورة شبيه بما بدأ يقع في وجدة عاصمة للثقافة العربية هذا العام صراع المركز والهامش أو قل ظلم المركز للهامش، المركز الذي يصرعلى البقاء وحده النافع المنتفع. المركز الذي يعطل مسؤولُه الثقافي الأول روح الدستور المغربي القائم على تفعيل الجهوية ويسيء بهذا السلوك للورش الثقافي المفروض أن يكون رأس قاطرة التنمية بالجهة . وحين نتحدث عن الفساد ومحاربته فإن للفساد الثقافي تماسيحه وعفاريته كذلك، وأهم ما يجب أن يفتح فيه تحقيق هو ملف السفريات الثقافية لمن تمنح ؟ ومن يمنحها ؟ وبأي حق واستحقاق تمنح ؟ وكم من مرة استفاد البعض؟ ولماذا لا يستفيد الآخرون ؟ تحقيق محايد وكَشْفٌ عن غطاء هذه القِدر الدسمة سيحرق وجوها جميلة ببخاره الساخن . السيد الوزير المحترم منصبك تكليف وليس تشريفا. تكليف بتمثيلية مشرفة وعادلة للشعر المغربي ، وعليك أن تعرف رموزه وتقدرهم في أصقاع هذا الوطن ، ولا عذر لك بجهلهم وإلا سيكون عذرك أقبح من زلتك . هنيئا لوجدة بسنتها الثقافية ومرحبا بكل المثقفين ولكن معنا وبيننا وليس بدوننا.