نظم المركز الأوربي للعلماء المغاربة بأوربا دورة تدريبية لفائدة أئمة المساجد بعاصمة الأنوار باريس بشراكة مع اتحاد المساجد بفرنسا من أجل الرفع من مستوى المستفيدين من هذه الدورة وتأهيلهم وتمكينهم من القيام بأداء رسالتهم بالشكل الذي يتماشى مع السياق الأوربي لأجل المساهمة من جانبهم في تثبيت قيم العش المشتركة وقيم السلام والتعايش لتحصين مناعة الجسم الأوربي من أي انفلات فكري أو عقائدي هدام وحماية الاستقرار الاجتماعي والسلام المبني على التآخي والتنوع الثقافي الذي يشكل رافدا أساسيا من روافد الابتكار والعيش السلم . ويندرج هذا اللقاء التكويني في إطار استمرارية الجهود التي يقوم بها المجلس الأوربي للعلماء المغاربة ، حيث أشرف على تأطيره وتنشيطه كل من السيد الطاهر تجكاني رئيس المجلس والسيد عبد الله بوصوف الأمين العام لمجلس الجالية المغربية بالخارج والسيد محمد الموسوي رئيس اتحاد المساجد بفرنسا والسيد سعيد شبار رئيس مجلس العلماء ببني ملال. عبد الله بوصوف قدم عرضا تشريحيا ومفصلا حول وضع المسلمين بأوربا أبرز فيه العديد من المؤشرات التي توحي بوجود ظروف مقلقة ، موضحا أن الرأي العام الأوربي لديه انطباع سلبي حول سلوكات بعض المحسوبين على الأمة الاسلامية، نتيجة تراكم الصور النمطية السلبية في أذهان الناس سواء المسلمين أو باقي المكونات التي تعيش في المجتمع الأوربي. وفي السياق ذاته ، وبعد تطرقه لتجليات الوضع الاجتماعي والسياسي والاقتصادي التي ساهمت في إنتاج هذه الصور النمطية، دعا السيد عبد الله بوصوف بقوة إلى حركية جديدة ودينامية قوية وجديدة بهدف محو الآثار السلبية المتراكمة والتطلع بكل عزم وإرادة إلى تغيير حقيقي لأجل تكريس قيم العيش المشترك وتقوية الفرص المشتركة وتنسيق الجهود مع المجتمع الأوربي لتذليل هذا التحدي ورفعه لإرساء قيم العيش المشترك على أساس المحبة والأخوة والتضامن والتعايش بين الثقافات بمختلف تنوعاتها. وأكد بوصوف في سياق عرضه التأطيري على ضرورة التشبث بالقيم المشتركة الواردة في عقيدة الاسلام وضرورة "معرفة الآخر والسياق الذي يجمعنا"، مشيرا إلى أن القرآن الكريم يثمن قيمة معرفة الآخر كهدف في التجمع الإنساني ويحدد شرط هذه المعرفة لبداية أي علاقة بين الأفراد وداخل المجتمعات. ولأجل تحقيق هذا المسعى، شدد عبد الله بوصوف على ضرورة أن يكون هناك فهم واضح للسياق الذي يعيش فيه المسلمون، سواء كان محلي أو دولي ، لافتا أن هذه السياقات أحيانا تكون منفصلة عن الواقع والزمان، وأضاف "أن هذا الانفصال عن سياقه الواقعي والزماني يتجه بدينهم وتراثهم نحو إعادة إنتاج الماضي في شقيه الفكري والسلوكي مما يمهد الطريق نحو الخروج من التاريخ. ولم يفوت السيد بوصوف الفرصة لإبراز مضمون كتابه المعنون ب" "الإسلام والعالمية المشتركة"، الذي ينضاف إلى الحقل العلمي الاسلامي وإثرائه بمبادئ الاسلام السمحاء وترسيخ قيم العيش المشترك مردفا أن الاسلام يصر على التعددية والتنوع على جميع المستويات.
إلى ذلك دعا السيد بوصوف في سياق كلمته إلى ضرورة جعل المؤسسات الإسلامية جسورا للتفاهم والتسامح والتعايش وإسهامها في تثبيت هذه القيم الانسانية المشتركة والحفاظ على توازنها "بدلا من جعلها منفصلة عن عصرنا"، قبل أن يختتم كلمته بدعوته أئمة المساجد إلى ضرورة معرفة سياقات المجتمعات التي يعيشون فيها والاسهام في غرس بذور القيم المشتركة فيها ونهج سبل الحوار والتحاور التي تنتج المحبة والأمن والسلام والسلم الاجتماعي والتعايش.