في خامس أيامه بعد الإفتتاح، يُواصل المعرض الدولي للكتاب والنشر بالدارالبيضاء في دورته التاسعة عشر بإغراء عُشاق الكتب والقراءة من كل الفئات العُمرية ومن جميع ربوع المملكة، حيث يُعتبر الطلبة والتلاميذ من أكثر الفئات إقبالاً على المعرض. فقبل أن تدخل إلى المعرض، أول شيء سيلفت نظرك هي تلك الحافلات الكبيرة والصغيرة المركونة بمحيط المعرض وعليها أسماء الجامعات والكليات والمعاهد والمدارس من مختلف المدن المغربية أبرزها مدينة تطوان، مئات من الطلبة والتلاميذ يطالعون عناوين الكتب المعروضة في أروقة 780 دار نشر مغربية وعربية وأجنبية تمثل 47 بلداً تُهيمن عليها دور النشر اللبنانية والسورية والمصرية، إضافة إلى مراكز بحثية ومؤسسات جامعية وفعاليات المجتمع المدني. عدنان بنصالح طالب من تطوان جاء إلى المعرض الدولي للكتاب بهدف شراء كتب قد لا يجدها في مكان آخر، وقد يجدها ولكن بأثمنة مرتفعة، يقول " أنا أبحث عن كتب محددة أحتاجها في تخصصي الدراسي ولا تغريني العناوين المثيرة لأني أعرف أن غالبيتها لا تعبر عن المضمون الحقيقي للكتاب"، نفس الأمر يؤكد عليه صديقه محمد علي سليمان الذي كان يبحث عن كتب تهتم بالمجال الإعلامي، إلا أنه لم يجد غير تلك الكتب ذات العناوين المثيرة والتي ما إن يتصفحها حتى يتبين له أنها كتب عادية لا تهويه لشرائها، أما الطالب فاروق الخروبي القادم من كلية الآداب بتطوان فلم يشتري أي كتاب، كل ما عنده هو ورقة وقلم يسجل فيها عناوين الكتب التي لاقت إعجابه، يقول "أسجل أسماء الكتب التي راقتني حتى أتيح لنفسي فرصة انتقاء أفضلها وفق ما أملك من مال في انتظار عودتي بعد يومين لشرائها في الرحلة التي ستنظمها منظمة التجديد الطلابي لطلبة جامعة عبد المالك السعدي بتطوان " لكن صديقه الطالب وليد بنفارس يفعل العكس، فجل الكتب الفكرية والدينية التي تثيره يشتريها في الحين مشيرا إلا أن المعرض الدولي للكتاب هو فرصة لاقتناص الكتب الفكرية التي يصعب إيجادها في المكتبات"، وبخصوص الأثمة يقول الطالب محمد بوعاوني الذي جاء من جامعة ابن زهر بأكادير "ألمس ارتفاعاً ملحوظاً في كثير من الكتب هذا العام، إلا أن هناك كتب ذات أثمنة جد مناسبة". بين الحين والآخر ترى صفوفاً منظمة لأطفال المدارس من مختلف المدن المغربية يقودهم مدرسهم وهم يتجولون بين دور النشر التي تهتم بكتب الأطفال، هذه الكتب التي تعرف إقبالاً كبيرة جداً هذا العام مقارنة بالأعوام السابقة، نفس الأمر بالنسبة للكتب الدينية التي تُقبل عليها جميع الفئات والأعمار من الشباب والشيوخ والنساء المحجبات وغير المحجبات، "الإقبال الكبير على الكتاب الديني دليل على الصحوة الدينية عند الأشقاء المغاربة" يقول أحد الناشرين السعوديين. إذا رأيت لوحة رخامية مكتوب عليها " القدس 3910 km " فأنت حتماً في رواق بيت مال القدس حيث الأعلام والأناشيد الفلسطينية تؤثث هذا المكان، والرقم 3910 تعني المسافة الفاصلة بين الرباطوالقدس، وفي رواق منظمة العفو الدولية، يُطلب منك اختياراً أن تسجل اسمك وإمضاءك بخصوص مناشدة دولية موجهة للنظام والمعارضة في سورية من أجل حماية المدنيين، وثيقة أخرى موجهة للرئيس المصري محمد مرسي تطالبه بتطهير جهازي الشرطة والجيش من العناصر الفاسدة، وأخرى موجهة للرئيس اليمني تطالبه بوقف تنفيذ حكم الإعدام ضد أحد الأشخاص.. أما رواق حركة التوحيد والإصلاح فتجد فيه نقاشات حول القيم والهوية داخل المجتمع المغربي خصوصا وأن هذه الحركة القريبة من حزب العدالة والتنمية أطلقت حملة دعوية أسمتها "حملة العفة"، وغير بعيد عنها رواق موقع هسبريس الذي يعرض مجلاته ويتلقى ملاحظات رواده على ما ينشره هذا الموقع الإخباري الأول على المستوى الوطني. "ملاحظاتكم ستصل ويجب أن يُعمل بها، فالقنوات الوطنية هي قنواتنا نحن الشعب، ونحن من يؤدي فاتورتها" تقول إحدى صحفيات القناة المغربية الأولى في حديث مع طلبة في رواق القنوات الوطنية بعد أن أبدى أولائك الطلبة ملاحظاتهم وانتقاداتهم لعمل القنوات المغربية. "هذا المعرض هو فرصة جيدة للحصول على الكتب التي ستغني الرصيد الفكري والمعرفي عند الطلبة والشباب عموماً بالقراءة والتثاقف والوعي، ولقد صدق المفكر مالك بن نبي بقولته الشهيرة : الأمة التي لا تقرأ تموت قبل أوانها " بهذه العبارات يختم الطالب بلال كريكش جولته بالمعرض متوجهاً نحو الحافلة التي ستعيده إلى مدينة الحمامة البيضاء رفقة أصدقائه الطلبة. محمد عادل التاطو / الدارالبيضاء