في تحد غير مسبوق لقوات القمع, جسدت الأطر التربوية المنطوية تحت لواء المجلس الوطني ل 10 آلاف اطار مسيرة حاشدة بمراكش تنديدا بالعنف والتدخل القمعي الهمجي الذي طالهم صباح يوم السبت الماضي بساحة جامع الفنا. وقد جاءت هذه المسيرة في إطار التنديد بالعنف والمجزرة في حق أطر عزل اعتصموا منذ قرابة الشهر بساحة جامع الفنا, تحت قسوة البرد وصمت دولة لا تعير للمطالب الاجتماعية أية قيمة, خاصة وأنها المسؤولة عن وضعية هؤلاء الأساتذة وعن مصيرهم الغير معروف لحد الساعة. وقد حملت هذه المسيرة شعار '' لا لقمع الأطر التربوية'' و '' لا للعنف في حق أطر عزل'' في دولة تدعي السهر على حماية حقوق الإنسان. وجدير بالذكر أن أطر 10 آلاف اطار تربوي وإداري أعلنوا عصيانهم المدني في وجه حكومة تنكرت لمطالبهم الاجتماعية المنصوص عليها في الاتفاقية الإطار التي تضمن لهؤلاء الحق في المطالبة بالوظيفة في القطاعين الخاص والعام. وهذه المسيرة السلمية والحضارية تعبير عن الأسف و عن خيبة الأمل التي يعانيها هؤلاء الأطر منذ حوالي 8 أشهر من النضال والإعتصام المستمر في جل بقاع المملكة المغربية. 10 آلاف إطار أو ما يعرفون بأطر البرنامج الحكومي, هم بالأساس ضحية لسياسة حكومية فاشلة لم تراعي أبدا مصير هؤلاء ومصير أسرهم الفقيرة. فغالبية المنتمين الى هذا البرنامج ينحدرون من أسر فقيرة ومن ضواحي المدن البعيدة. إن خطوة من هذا النوع، التي أقدم عليها المحتجون بعدما سئموا من تجاهل الجهات المسؤولة لملفهم العادل، تعتبر جريئة وخطيرة في آن واحد. ولا يجب أن نتلافى أن هذا التوجه؛ هو أيضا رد فعل غاضب ضد سياسة العنف التي تحاول الدولة عن طريقها إسكاتهم والتخلص منهم. وليس من المغالاة أن يتحرك جيش من الأمن بكل أطيافه لمنعهم من التظاهر والاحتجاج السلمي. إن هذه التحركات الأمنية الكبيرة والأولى من نوعها, أبانت عن تخوف جهاز الأمن من هذه الفئة التي لم يعد لها خيار آخر سوى رفع سقف الإحتجاج حتى تحقيق مطلب الإدماج في الوظيفة العمومية. وتأتي هذه المسيرة أيضا، للتنديد بالمغالطات التي مررتها وزارة الداخلية حول وجود قنينات كحول وعوازل طبية خلال فض الإعتصام. وهنا يطرح السؤال : كيف لأطر لا تملك ثمن خبزة أن تشتري قنينات كحول ؟ وكيف يمكن لها ممارسة الرذيلة في ساحة عمومية وأمام الجميع؟ وليس غريبا عن وزارة الداخلية أن تمرر هذه المغالطات والأكاذيب لشرعنة تدخلها القمعي والهمجي في حق أبناء الشعب من المستضعفين. وخاصة أنها سبقت واستعملت نفس الأسلوب مع فئات احتجاجية أخرى محاولة إخفاء جرائمها اللا إنسانية عن طريق تلفيق التهم والأكاذيب. كما نستغرب ما نقلته الصحافة المحلية المراكشية التي كانت غائبة عن اعتصام الأطر وعن معاناتهم منذ شهر والتي نشرت هذه المغالطات وجعلت منها حدث السبق لجدب القراء, بعيدا عن المهنية والموضوعية في نقل الخبر. 10 آلاف اطار ينددون بالتدخل القمعي الوحشي الذي خلف في صفوفهم 45 حالة, منها 16 خطيرة جدا، حيث تلقت الأطر التربوية ضربات على مستوى القلب والتي ما تزال في قسم الإنعاش, إضافة الى حالة أخرى مصابة على مستوى الرأس و كسور خطيرة جدا، و لم تجد الأطر التربوية ملجأ لها سوى مقرات الايواء التي توفرها النقابات التعليمية. كما قامت السلطات الأمنية بتوفير عدد كبير من الحافلات و القطار لترحيل الأطر التربوية بالقوة من مراكش. لكن الأطر التربوية تتوعد الدولة المغربية بمزيد من التصعيد والاحتجاج الى حين تحقيق مطلبها المتمثل في الادماج في الوظيفة العمومية.