تفيد كل المؤشرات أن مدينة تطوان ونواحيها تعرف رواجا كبيرا للمخدرات القوية والصلبة، نظرا للعدد الكبير من المتعاطين لها، والذي يشهد تصاعدا مستمرا، فأغلب المدمنين على مادة الحشيش تحولوا إلى تناول المخدرات ذات المفعول القوي مثل مادة الهروين، وهذا التحول يكاد يصل إلى 180 درجة. فرغم تصريحات بعض المسؤولين الأمنيين، التي أكدت أكثر من مناسبة أن الجريمة شهدت انخفاضا ملموسا بإقليمتطوان. وتم تفكيك بعض الشبكات المختصة في ترويج المخدرات السامة، إذ وحسب التصريحات – حجز أكثر من 1260 جرعة من مادة الهروين و585 "دوز" من مادة الكوكايين. صرح نفس المصدر الأمني أن السياسة الأمنية الجديدة تهدف إلى نهج وتفكيك شبكات ترويج المخدرات، وأيضا محاربة التطرف. لكن المشكل الكبير والحقيقي الذي تعيشه مدينة تطوان والنواحي في الشهور الأخيرة هو الانتشار الخطير والذي يعد – سابقة -، للمخدرات القوية، ونخص بالذكر مادة الهروين والكوكايين – بنسبة أقل – في بعض الأحياء الشعبية نذكر على سبيل المثال : سانية الرمل، البربوري، جبل درسة، ودار أحصاد بالطويلع...،و رغم الحملات التي قامت بها القوى الامنية مؤخرا والتي أسفرت على نتائج ملموسمة حيث تم اعتقال بعض مروجي هذه السموم في كل من حي كويلمة و-عقية الحلوف مما دفع بمروجي هذه السموم لنهج طريقة جديدة للتوزيع تتمثل اساسا في التركيز على وسائل متطورة كالهاتف النقال مع تحديد المكان لتسليم المادة المخدرة والموزعين يتنقلون بسيارتهم بعد ان يتم تحديد المكان مع الزبون ويتم ذلك على الطريق العام دون ان يثير ذلك الشبهات ، حيث ان بعض الأماكن أصبحت آمنة للالتقاء هؤلاء المروجين لمادة الكوكايين والهروين اخص بالذكر مدخل المنطقة الصناعية التابع لأمن تطوان، كما أن منطقة الساحل هي الأخرى لم تنج من عصابة المخدرات وحي السكة بالمضيق يعتبر المركز الرئيسي للتوزيع بمنطقة الساحل أما مدينة الفنيدق المجاورة لسبتة السليبة فهي النقطة السوداء التي تنطلق منها هذه السموم في اتجاه أماكن أخرى والزائر الى بعض الأحياء سيكشف حقيقة ذلك ، أما مدينة مرتيل السياحية فقد استطاعت القوى الأمنية خلال هذه السنة اعتقال عدد مهم من مروجي هذه السموم ، وما زالت تتابع بعض العناصر التي تثار حولها ا لشبهات رغم النقص الحاصل على المستوى البشري والآليات خاصة ان هذه المدينة عرفت في السنوات الأخيرة توسعا عمرانيا ونموا ديموغرافيا كبيرا .. وهذا الانتشار الواسع لشبكة ترويج المخدرات، خاصة في الأحياء الشعبية التي تعرف كثافة سكانية كبيرة، يرجع إلى ارتفاع عدد المتعاطين لهذه السموم، خاصة من فئة الشباب العاطل الذي لم يجد مهربا من واقعه المظلم سوى الارتماء في أحضان هذه السموم، وأيضا لانخفاض ثمنها. وكما هو معروف، كان التعاطي للمخدرات، خاصة مادة الكوكايين والهروين، حكرا على الطبقة الميسورة، لارتفاع ثمنها وجودتها. حيث كان يصل ثمن الجرعة أو "Papela" من مادة الهروين 200 و300 درهم. أما الشباب الفقير فكان يكتفي بمادة الحشيش المحلي. لكن اليوم وحسب بعض المصادر انخفض ثمن جرعة من الهروين إلى 20 درهم، مما أفسح المجال أمام أصحاب الإمكانيات المحدودة الدخل للمغامرة في تعاطي هذه المادة. "ففي التقرير الذي أنجزه المركز الجيوستراتيجي للمخدرات بباريس سنة 1992، ثم نشره 1993 يؤكد أن استعمال المخدرات القوية والصلبة لم يعد منذ أواسط الثمانينات بالمغرب مقتصرا على أعيان البلد وأبنائهم بل انتقل إلى الطبقات الشعبية ووصل إلى المناطق القروية..." والخطير من كل هذا أن ترويج هذه المادة وصل إلى مدارسنا وجامعتنا وثانويتنا، فلابد من دق ناقوس الخطر،– للأسف الشديد – فقد تم إغراق إقليمتطوان بشتى أنواع هذه السموم: الهروين الباكستانية والتركية والقادمة حتى من التايلاند... مما يؤشر على التنافس الحاد ما بين عصابات ترويج المخدرات والسموم، عبر خفض ثمنها ورداءة نوعيتها. وهذه العصابات مرتبطة بشبكة دولية، يعلم الله ما تصدره أيضا إلى بلدنا، وشبابنا. إن الأمر يتطلب حملة وطنية شاملة يتم التركيز فيها على الجهات والأقاليم التي تعتبر نقطا سوداء يتم عبرها إدخال هذه السموم إلى التراب المغربي، وتجنيد كافة الإمكانيات الرسمية، انطلاقا من المستوى الأمني إلى وسائل الإعلام المرئية والمكتوبة والقيام بحملات في كافة القطاعات، خاصة التعليمية منها، وغير الرسمية المتمثلة في المجتمع المدني الذي لابد له هنا من أن يلعب أدواره كاملة عبر ندوات وحملات تحسيسية والعمل داخل الأحياء التي تروج فيها مثل هذه السموم. إن محاربة هذه السموم هي مسؤولية الجميع بدءا من المواطن والأحزاب والهيئات المدنية والسلطات والأمن. وللتذكير، فإن تعاطي المخدرات بجميع أنواعها ما هو إلا انعكاس ونتاج للسياسة الاقتصادية والاجتماعية المتبعة في هذا البلد منذ عقود. سعيد المهيني