إذا كان من طابع بارز يتميز به تدبير الشأن العام بالجماعات القروية التابعة لإقليم تطوان، فهو الفساد المعمم والفوضى العارمة والرشوائية في التسيير في غياب تام لأي قانون يذكر، ليحل محله قانون الغاب المبني على منطق "الغلبة للأقوى والبقاء للأصلح"، يؤدي دائما ضريبته الباهظة المواطن البسيط المغلوب على أمره الذي يعاني كل أشكال الحيف والقهر والتسلط مع هذه اللوبيات السلطوية والانتخابوية التي مافتئت تحكم قبضتها على كل المصالح والإدارات والمؤسسات وتبسط سيطرتها على أرزاق المواطنين وخيرات البلاد مستغلة في ذلك ما تتوفر عليه من مال ونفوذ وجاه لشراء ذمم ضعاف النفوس وعديمي الضمير وكسب تواطؤ المسؤولين والسلطات المختصة بكافة أسلاكها ومراتبها. والنموذج يأتينا هذه المرة من جماعة وقيادة بني سعيد القروية التابعة لدائرة تطوان، حيث أقدم رئيس هذه الجماعة، محمد العربي المطنى، رفقة نائبه الأول على الترامي على قطعة أرضية تعود ملكيتها لإحدى الأسر المحلية المعروفة بالمنطقة، من أجل توسيع سوق السبت الأسبوعي بالجماعة دون سلكه المسطرة القانونية المعروفة في مثل هذه الحالات، والمتعلقة بضم عقارات الخواص عن طريق التراضي أو نزع الملكية من أجل المنفعة العامة، كما أنه لم يقم بإدراج هذه النقطة في دورة المجلس الجماعي للمصادقة عليها ولم يستشر أعضاء المجلس في ذلك، ليقوم ببناء أزيد من 10 دكاكين فوق القطعة المترامى عليها دون أي سند قانوني يخول له ذلك، ودون استشارة أو إعلام الورثة أصحاب القطعة الشرعيين بالأمر أو تعويضهم عن ذلك، علما أن السوق الأسبوعي ببني سعيد في غنى عن إضافة أية دكاكين أخرى، لتواجد العديد من دكاكينه مازالت مغلقة إلى حدود الساعة ويطالها الإهمال، إلى جانب كون هذا السوق يعرف حالة من الفوضى والعشوائية، إضافة إلى الإهمال والتخريب الممنهجين اللذين يلحقاه من طرف المنتخبين والسلطات الوصية، حيث سبق لبعض الهيئات المدنية والسياسية بالمنطقة أن نبهت مرارا لهذه المعضلة وأصدرت بيانات للرأي العام المحلي في هذا الشأن. ونظرا لهذا الإجراء اللاقانوني لرئيس الجماعة ونائبه الأول والذي يشكل تجنيا وتعسفا خطيرين على حقوق الغير، فقد تقدم ورثة القطعة الأرضية المذكورة بالتعرض على القرار لدى رئيس المجلس الجماعي، إلا أن هذا الأخير مؤازرا بنائبه الأول أبيا إلا أن يقوما بطمس الملف وإقباره، وذلك "بعدما لجأ الرئيس إلى كافة الأساليب الالتوائية من إغراء الورثة وترغيبهم ومحاولة إرشائهم قصد سكوتهم عن القضية وتكميم أفواههم، وقد انساق وراءه بعض منهم عبر تلقيهم منه مبالغ مالية وبعض مواد البناء للقيام بعمليات إصلاح أو بناء دون رخصة، حيث زودهم بهذه المواد نائبه الأول الذي يعتبر متخصصا في هذا المجال بامتلاكه مستودعا لبيع مواد البناء.."، حسب ما صرحوا لنا به بعض من المعنيين بهذا الملف، مضيفين أن "النائب الأول للرئيس يساعده في ذلك سمسار معروف ب "كريمل"، هذا الأخير الذي وجهت كثير من الشكايات في حقه خاصة ما يتعلق بإصدار شيكات بدون رصيد.." إلا أن باقي الورثة أكدوا أنهم "لن يتوانوا في الدفاع عن حقوقهم المسلوبة بواسطة الشطط في استعمال السلطة والظلم الصارخ الذي لحقهم من طرف رئيس الجماعة ونائبه الأول..". والأدهى من هذا كله، أن رئيس الجماعة تورط مع نائبه الأول المذكور في تسجيل عقود بيع عرفية والتصديق على إمضاءاتها بمقر الجماعة التي يفوتها هذا الأخير باسمه الخاص، في خرق سافر وواضح للقانون أمام صمت مطبق للسلطات المحلية التي لم تحرك ساكنا اتجاه هذه التجاوزات الخطيرة الصادرة عن هذين المنتخبين اللذين يعتبران أنفسهما فوق القانون. ومما تجدر الإشارة إليه، أن رئيس هذه الجماعة مافتئ يستقوي بجهات نافذة يدعي أنها توفر له كامل الحماية لارتكاب ما يحلو له من تجاوزات وخروقات دون أن تطاله أية مساءلة القانونية أو متابعة، على حد تعبيره. علما أنه يعتبر من أقرب مقربي البرلماني عن دائرة تطوان ورئيس مجلس جهة طنجةتطوان ورئيس الفريق التجمعي بمجلس النواب، رشيد الطالبي العلمي، الذي ينتسب إلى حزبه، وأحد أبرز مدعميه، حيث استفاد من العديد من إكرامياته، كانت آخرها استفادة شقيقه (م. المطنى) من دكان بسوق الإمام مالك الشهير، إضافة إلى تستره على العديد من ملفات الفساد التي تنخر الجماعة، مقابل الخدمات التي يسديها له بدوره هذا الرئيس، خصوصا خلال فترات الانتخابات، إلى جانب تغاضيه عن عدم حضور البرلمانية التجمعية التي ولجت القبة عن طريق اللائحة الإضافية للنساء خلال استحقاقات 25 نونبر 2011 التشريعية، إلى مقر الجماعة التي تشتغل فيها كموظفة شبح.. ولنا عودة للموضوع... محمد مرابط لتطوان نيوز