مِن الواجبات المهمة التي يجب أن تتبناها الحكومة والجامعات الرياضية حاليا هي عملية التأمين على الرياضيين ضد الاصابات خصوصا أثناء الممارسة . إلى وقت غير بعيد كانت الرياضة المغربية تفتقد إلى بنود قانونية ترسى عليها قواعد الممارسة تحمي الرياضيين والمسيرين حيث مورست مفطومة على الهواية الصرفة . فجميع المتعاملين في الحقل الرياضي كانوا يتعاطون الرياضة من اجل الترفيه والحفاظ على اللياقة البدنية عكس ما نجده الآن إذ يغلب الهاجس المادي من اجل الكسب وتحسين الوضعية الاجتماعية ومع التطورات التي يعرفها العالم بصفة عامة والرياضة بصفة خاصة خصوصا بعد تغيير المناهج والقوانين الرياضية التي أبرزت ظاهرة الاحتراف . إلا انه للآسف الشديد أن المغرب لم يضع لنفسه كل الضوابط والقواعد الكفيلة بتحصين الممارسين للرياضة وحمايتهم سواء في الحاضر أو المستقبل . فالظهير 19/5/1989 المتعلق بالرياضات لم يشر إلى التغطية التأمينية للرياضي بل اقتصر فصله العاشر على وضع إلزامية التامين بالنسبة للجمعيات الراغبة في الاستفادة من اعتمادات الدولية بينما الجمعيات الأخرى فتكتفي بإرسال لوائح اللاعبين إلى الجامعة كل في اختصاصه بحوالة بريدية تدل على تأمينهم . فهذه العملية غير قانونية وان كانت تغطي نسبة ضئيلة جدا من مصاريف الطبية أو الإصابات المستديمة الناتجة عن الحوادث الرياضية أو الوفاة . وفي غياب القانون الصريح والمنظم لعملية التامين لجأت بعض الجمعيات والممارسين لتامين أنفسهم بطرق مازالت ارتجالية حفاظا على سلامتهم وذلك على حساب المسؤولية المدنية سواء كان الأمر يتعلق بتضرر الجسد أو الممتلكات الجمعية أو النادي . ومؤخرا تبلورت فكرة التأمين الرياضي بصفة عامة عندما تأهل منتخب المغربي للأدوار النهائية لكاس العالم بمكسيك سنة 1986 إذ تنبه المكتب المسير للجامعة آنذاك لخطورة الأمر وبادر إلى اكتتاب عقدة خاصة تضمن تغطية محترمة للاعبين الدوليين . أما باقي اللاعبين التابعين للمجموعة الوطنية قسم الكبار فقد نضم لهم تامين مستقل وذلك حسب التفاوض مع الشركة التأمينية المتفاوض معها ، بينما تحملت المجموعة الوطنية على عاتقها تكاليف أقساط التامين . أما باقي الفئات فيطبق عليها ما يسمى بالتامين المدرسي والرياضي الذي تم إبرامه سنة 1999 بين وزارة التعليم ووزارة الشبيبة والرياضة من جهة وشركة التامين ، من جهة أخرى يغطي هذا النوع كل الرياضيون وتلاميذ المدارس أثناء التداريب مقابل أقساط التامين . حيث يؤدي كل تلميذ بما قدره12 درهم بالنسبة لتلاميذ الوسط الحضري، و8 لنظرائهم القاطنين بالعالم القروي، علما أن التأمين المدرسي يعتبر إلزاميا لجميع التلاميذ بغض النظر عن أوضاعهم الاجتماعية. في حين أن المؤسسات الخصوصية تؤدي أكثر من 600 درهم . أما باقي الرياضات فلم تقتدي بأي طريقة وضلت للأسف الشديد دون تامين خاص .علما انه جزء لا يتجزأ من الثقافة الرياضية ولهذا يجب استعابه والتعامل معه . إلا انه لوحظ أن شروط الاستفادة من التأمين المدرسي وضعت له شروط صارمة تقتضي التصريح بالحادثة خلال 24 ساعة، إضافة إلى ضوابط أخرى تجعل من الصعب على أولياء التلاميذ استيفاء شروط الاستفادة من التأمين المدرسي المعقدة مما يعفي شركة التأمين من صرف التعويضات للتلاميذ المصابين. وهذا ما حقق للشركة أكبر هامش ربح في عملياتها من خلال الاتفاقية المبرمة مع وزارة التربية الوطنية بالنظر إلى هزالة ملفات التعويض التي تصل إليها ،إلا انه مازال يشوبه مجموعة من النقائص في بعض الحالات منها : ضمانات اقل من متوسط في حالات الوفاة والعاهة المستديمة والمصاريف الطبية . استثناءات التامين عن حالة الوفاة اثر سكتة قلبية باعتبارها لا تخضع لمواصفات الحادثة حسب مفهوم التامين . غياب قاعدة الاستشفاء بدون أداء مسبق كما هو الحال المعمول به في مسطرة حوادث الشغل . رفض شبه جماعي للأطباء والمؤسسات الصحية لمعالجة مصابي الحوادث الرياضية بدعوى أن شركة التامين تفرض سعرا خاصا على عمليات التطبيب . ولهذا تبقى التغطية التأمينية للرياضة مقتصرة على التعويض عن الإصابات الجسدية التي يتعرض لها الممارس أثناء التداريب والمباريات الرسمية في شكل محدود جدا . وكان لزاما على الشركات التامين إسراع في تحسين ضمان عقد التامين وتوسيع التغطية لتشمل تامين عن المرض والتقاعد. نورالدين الجعباق