ليلة أمس، كما سبق في ليال مرت، كانت مدينة تطوان في حلة مغايرة لما عهدناها عليه في الأيام العادية ، تمثل في استعداد المشجعين المتيمين بفرقة المغرب التطواني للحاق بها بملعب شباب الريف الحسيمي، و الذين شدوا الرحال في شكل قوافل متجهة نحو المحطة الطرقية. كان المنظر مثيرا للغاية، يسترعي الانتباه، و يدعو للوقوف أمامه للتأمل في قوة عزيمة هؤلاء. فرغم برودة الجو ، و طول السفر الذي سيستغرق ليلة كاملة، و قلة المواصلات نحو الحسيمة، إلا أن هذا كله لم يثن من عزيمة الأنصار. كانت وفود الشبان تتجه صوب المحطة، محملين بحقائب ظهر، و في آذانهم سماعات الهواتف ينصتون فيها للاغاني التي ستكسر ملل طول السفر، و ملثمين بشعارات الفرقة. كما وجدنا مجموعات أخرى بعدة أحياء تنتظر سيارات سياحية مستأجرة، اتفقت معها على موعد اللقاء للانطلاق في جو احتفالي رائع، يسوده الإخاء و المحبة و التفاهم. أحسسنا بأن الجميع قد اتفق على ما سيقوم به دون اللقاء، و كأنهم على علم بظروف بعضهم، و ما سيتطلبه هذا السفر من مصاريف ، و من يملك سيعطي لمن لا يستطيع، و هكذا... جو الإخاء الطاغي على هذا الاستعداد يكسر الفوارق الطبقية، كما يبعث روح الإيثار في نفوسهم، و يعلمهم احتماء بعضهم ببعض، فيصبحون إخوة لما للكلمة من معنى. لا أحد يستطيع آنذاك أن يفرق بين صغير أو كبير، فقير أو غني، مثقف أو أمي، عامل أو عاطل siempre paloma أو los matadores.لا يوجد أدنى فرق بين هذا و ذاك، يجمعهم هدف واحد: تشجيع هذا الفريق، و أمل واحد: تحقيق الانتصار. و لهذا يكو ن الجميع على حق عندما يرددون بصوت واحد:“كنسا فروا بعرقنا ، و ماشي سعايا... أمام هذا المشهد النادر لا يسعنا نحن النساء إلا أن نردد:“الله يكمل بالخير”. نرجو أن يحذو باقي المشجعين حذو هذه المجموعة، و ألا يعود منظر التسول لباب المحطة عندما يستضيف فريقنا فريقا زائرا ، فنشاهد شبابا في عمر الزهور يقضون الليلة تلو الليلة و هم يتسولون ، و يستعطفون من يعطيهم بعض الدراهم لإتمام ثمن تذكرة العودة إلى مدينتهم.هذا المشهد يعاكس تماما المشهد الذي رأيناه الليلة، فنرجو ألا يتكرر، و أن يبحث المسؤولون في كيفية تأمين أسفار هؤلاء، لان المنظر يكون حقا مخجلا ، و ينقص من قيمة هذه اللعبة التي أسرت قلوب العديد من محبيها... نتمنى كذلك أن يظل أبناء مدينتنا العزيزة مشرفين لنا بهذه التصرفات، و في هذا المستوى الأخلاقي الرفيع، وأن يجدوا فريقهم عند تطلعاتهم اللامحدودة... آمنة أحرات