تابعت،مثلما تابع غيري من عشاق كرة القدم،المباراة التي جمعت بين "المغرب التطواني" و"الوداد البيضاوي" على ملعب "سانية الرمل" بتطوان،تابعت هذه المباراة عبر النقل التلفزي.ولقد أثارت انتباهي عناصر كثيرة ميزت المباراة وميزت أيضا نقلها التلفزي سلبا وإيجابا. على مستوى تقنيات النقل التلفزي،لا تزال هناك هفوات وأخطاء تجعله لا يرقى إلى مستوى النقل الاحترافي الإبداعي،وخاصة تقنية تتبع الكرة،واللجوء إلى العرض البطيء في حالة اتخاذ الكرة مسارا سريعا يصعب تأمله بالعين المجرة،فترى الإعادة يتم فيها تقديم المشهد بنفس السرعة،تقنيات إبراز حالة التسلل،تحديد المسافة الضرورية في ضربات الأخطاء،توضيح أخطاء اللاعبين ومدى الخشونة المرتكبة،وهل هي متعمدة أم لا،غياب تعدد زوايا النظر لتوضيح المشهد.باختصار لم يكن النقل التلفزي في مستوى المباراة. مرت المباراة في أجواء رياضية احتفالية مثيرة للدهشة الممتعة،أبدع فيها الجمهور التطواني إبداعا يستحق التنويه،بحضوره الكثيف وشعاراته المتنوعة،كما أبدع الفريق التطواني في اللعب الجماعي المتوازن دفاعا وهجوما.كما أبان الفريق الودادي على جرأة وانضباط رياضي، ولعب كرة نظيفة بروح رياضية عالية مثله مثل فريق الحمامة البيضاء.وساد المباراة جو من اللعب النظيف المعتمد على التكتيكات الهجومية والدفاعية،وغياب تام للجوء إلى الخشونة والعنف المفسد دائما لهذه الرياضة الشعبية الجميلة. لكن ما كان جديرا بالانتباه هو الجو الذي ساد في نهاية المباراة،ورغم أن الفريق المحلي كان منتصرا بهدفين للاشيء،فقد تم تبادل التحايا بين الجمهورين التطواني والودادي.تسمع الحناجر التطوانية تصدح في أرجاء الملعب: "تحية تطوانية للجماهير الودادية"،وتعلو وراءها مباشرة الأصوات الودادية ترد التحية: "تحية ودادية للجماهير التطوانية" .تأثرت كثيرا بهذا المشهد الرياضي الراقي الذي أبدعته الجماهير الكروية على المدرجات.وبدا لي أن هناك تقدم ملحوظ وملموس في الوعي الكروي داخل المدرجات، وعي بأن الكرة لعبة شعبية للتعارف والتآخي والتسامح،وليست للعنف والكراهية والتنابد.وفكرت كثيرا في الدور الذي يمكن أن تكون قد لعبته الجمعيات الكروية المؤطرة للجماهيرمثل "Siempre Paloma"..و.."Mat-Adores" ..وخمت أنه ربما، وبعد كل هذه السنين والأعوام التي مرت على تأسيسهما، يمكن أن يكون مجهودهما التأطيري قد أتى أكله، وظهرت نتائجه.فهنيئا لهاتين الجمعيتين على مجهودهما،وهنيئا للجمهور التطواني على وعيه الرياضي المتقدم والراقي.جمهورنا التطواني صورة عن حمامتنا البيضاء،وسفيرها في كل المدن المغربية،نريده أن يقدم صورة حضارية راقية عن مدينتنا وأهلها الطيبين،صورة تستحقها مدينة تطوان،مدينة التاريخ العتيد المعتق بالحضارة والتمدن.فهنيئا لتطوان بجمهورها الحي الفاعل المتحضر. مصطفى بودغية