ضمن العشرات من التعاليق والتعزيات التي عج بها الفضاء الازرق إثر وفاة خالد مشبال أحد رواد الاعلام المغربي المكتوب والمسموع والمرئي ،استوقفني تعليق الصحفية (الاعلامية) فاطمة الافريقي التي كتبت على صفحتها بالفايسبوك ما مفاده أنه باستثناء المقدسات أو الثوابت الوطنية المتعارف والمتفق عليها ،لا توجد خطوط حمراء في الصحافة والاعلام المغربي تحول دون أن يعالج الصحفي قضية من قضايا الساعة التي تهم وتشغل الرأي العام.وأضافت فاطمة الافريقي بأن الراحل خالد مشبال، انطلق من هذا المبدأ ليغرد خارج السرب في اذاعة طنجة ابان حرب الخليج الاولى وبعدها ،الامر الذي جلب له متاعب من طرف المسؤولين المركزيين إبان الزواج الشاذ مابين الداخلية والاعلام في عهد ادريس البصري . أحيل خالد مشبال على المعاش وهو في قمة عطائه ،.بيد أنه بعد مسار اعلامي طويل وغني، تقلد فيه مسؤوليات متنوعة، وجد نفسه يغادر دواليب وزارة الاتصال وهو في سلم اداري (السابع أو الثامن) لا يؤمن له متطلبات العيش الكريم، بل لم يتملك حتى الشقة التي قطن فيها خلال السنوات الاخيرة من عمره إلى أن غادر هذا العالم المجحف . على النقيض تماما، لما نتأمل كواليس المشهد الاعلامي الراهن ( المحلي على سبيل المثال لا الحصر)، نجد الالتزام بأخلاقيات مهنة الصحافة عملة نادرة ،حيث أصبح عديد من الصحفيين يكتبون تحت الطلب أو لمن يدفع أكثر، والادهى من ذلك نصادف أشباه صحفيين يجهلون صياغة جملة مفيدة ،يجدون من أصحاب المهنة أحيانا، من يكتب لهم لتصدر المقالات باسمهم ،لان غايتهم خدمة أجندة لوبيات المال والسياسة التي تمكن هاته الزواحف من تملك شقة وبقع أرضية ورصيد بنكي في ظرف زمني وجيز،بينما يعاني باقي الصحفيين الذين ينأون بأنفسهم عن "العلاقات الخطرة" من شظف الحياة اليومية. الامراض والفيروسات التي أصابت الجسد الاعلامي وطنيا ومحليا ، و تروم تحريفه عن أداء رسالته ودوره النبيل المتمثل في إيصال نورالحقيقة إلى الرأي العام، هي ذاتها التي استوطنت ادارتنا وأحزابنا ونقاباتنا ونخبنا ، وتحاول جاهدة تهميش وعزل الذين لا يسايرونها في هواها ويشاطرونها مبتغاها ، و في سعيها لخلط الاوراق تجدها تطالب بدورها بمحاربة الفساد وإرساء الديمقراطية. فما أحوجنا وأحوج الاجيال الجديدة من نساء ورجال الاعلام الى استلهام سيرة الاعلامي القدير الراحل خالد مشبال ا الذي اختار أن يكون عشقه وولاؤه الاول لمهنة المتاعب ولأخلاقيات المهنة وأدى ضريبة العفاف والكفاف بدل التزلف والانحناء كقصبة فارغة جوفها الهواء ،فكسب احترام وحب الناس لان حياته لم تكن قدرا بل اختيارا له نتيجته وتكلفته.