لعلني اليوم يستوقفني القلم عن كتابة ما هو تاريخي بعيدا قليلا ما عن المواضيع السياسية الراهنة، و القضية اليوم أو الموضوع المقارب اليوم ما يزال الى حد الان معالمه خفية و يعتبر من المواضيع الشائكة التي يبتعد جل المؤرخين عن النبش حولها، لهذا سوف أخصص للموضوع حلقات متتالية ،و اليوم سأقف حول مقاربة شمولية للموضوع على أساس أن نقوم تقسيمه إلى محاور و مواضيع مصغرة في المقالات القادمة إنشاء الله. حيث يشكل الموضوع الذي بين يدي مرحلة حاسمة و أساسية في تاريخ المغرب المعاصر، وسوف نمضي إلى نفض الغبار عن هذه القضية و إلى الحيثيات التي أدت الى "مباحثات ايكس ليبان" و دورها في حل القضية المغربية. أدت مجموعة من العوامل فرنسا الى فتح مائدة "مباحثات ايكس ليبان" و ذلك بشدة المقاومة المسلحة و مدى تنامي الوعي السياسي للحركة الوطنية و التفاف عموم المغاربة و جل الأطياف الإجتماعية حول مطلب الاستقلال و عودة الملك المنفي، بالاظافة الى إنطلاق عمليات الإرهاب الفرنسي التي أودت بالعديد من المغاربة و الشخصيات الفرنسية الليبرالية إلى جانب إنطلاق المقاومة المسلحة بالجزائرو تصفية القضية التونسية بما يسمى ب " الاستقلال الداخلي " ، يضاف إلى ذلك فشلها في الهند الصينية و هزيمة " ديان بيان فو " (1) و كما جاء على لسان عبد الرحيم بوعبيد الذي مثل حزب الاستقلال في المكتب الذي أنشأه الحزب في باريس بعد ان أفرج على اللجنة التنفيذية يقول : " إن اجتماع [ايكس ليبان ] إقترحه [إد كارفور] صدفة بعد عدة إجتماعات تمت بينه و بين السيدة حرمه [لوسي] و مدير ديوانه اليسد [ دوهاميل] و بين بعثة الحزب، و في أحد الإجتماعات قال الرئيس الفرنسي، يجب ان تتدبر أمر إجتماع بين الحركة الوطنية و بين [بيني pinay] وزيرالخارجية، و تطورت الفكرة عنده إلى ان يكون الاجتماع على مائدة مستديرة تجمع مختلف إتجاهات الراي العام المغربي، و يحضر هو إلى جانب [بيني] و يستدعي أيضا وزير الدفاع الجنرال [كوينغ]، ذلك أنه لا يمكن الاستماع الى رأي حزب الإستقلال وحده، لأن عقدة المشكلة بين المغارية إختلافات أساسية و يجب الإستماع إليهم جميعا" (2) و لكن قبل أن تشرع فرنسا في هذه المباحثات، إتخدت إجراءات، إذ أوفدت إلى جلالة الملك محمد الخامس شخصيات فرنسية للتباحث معه في موضوع الأزمة المغربية و السبل الكفيلة لمعالجتها و إيجاد مخرج لها (3). غير أن فكرة " ايكس ليبان" لم ترق المقيم العام بالمفرب "غراندفال"، هذا الأخير الذي إعتبر أن الحكومة تتدخل في سلطاته، و لذلك تقدم باستقالته يوم 26 غشت، مؤكدا براءته من سياسة الحكومة في تقرير تقدم به إلى رئيس الجمهورية، و ما كان يخشاه "غرندفال" من خلال رفضه هذا هو عودة محمد بن يوسف إلى العرش، و هذا ما أكده في تقريره : " على أن مهمته كانت تعتمد على مبدأ أساسي و هو رجوع محمد بن يوسف الى العرش يجب تجنبه بكب حزم" (4)، خاصة و تزامن هذا الإجتماع مع الذكرى الثالثة لنقي محمد الخامس، كما إعترض ممثلوا جزب الإستقلال على مباحثات ايكس ليبان، بأن الحزب غير مستعد أن يجري مباحثات مع خصوم محمد الخامس و خصوم إستقلال المغرب، و مساندين لإبن عرفة بالإظافة الى عامل اخر هو غياب زعيم حزب الإستقلال علال الفاسي الذي كان موجودا بالقاهرة علاوة على الدعاية التي أحاط بها الإعلام الفرنسي هذا الإجتماع، حيث صوره على أنه مباحثات مع الراي العام المغربي، و حزب الإستقلال لا يمكن أن بتفاوض مع ممثلون كان يعتبرهم الممثلون التقليديون للشعب المفربي. الهوامش : 1_ الشاوي ( عبد القادر)، حزب الاستقلال 1944_1982، مطبعة النجاح الجديدة، الطبعة الاولى، الدارالبيضاء، 1990 ص:34. 2 _ غلاب ( عبد الكريم)، تاريخ الحركة الوطنية بالمغرب من نهاية الحرب الريفية حتى استرجاع الصحراء، ج2، ط3، مطبعة النجاح الجديدة، الدارالبيضاء، 2000. 3 _ مبارك (زكي)، محمد الخامس و ابن عبد الكريم الخطابي و اشكالية استقلال المغرب، الطبعة الاولى، الرباط، 2003، ص:146. 4 _ غلاب ( عبد الكريم)، تاريخ الحركة الوطنية....، ج2، م.س، ص: 279.