تبدو كتابات جلال الدين الرومي الصوفية كأنها منبجسة من تجارب الحياة أكثر ماهي ناجمة عن نسق ثقافي. إن صوفية جلال الدين الرومي تتمظهر أولا في هذا الارتباط الروحي، الباطني بالله. إن الله هو الملجأ والمآل والمصير، وهو الذي يعرف بالباطن، إنه يسكننا بقدر مانسكنه. في هذا المنحى يغدو الله جوهر العالم، إنه موجود في كل مكان ولايسعنا إلا أن نتحد به . الله يحبنا ويحفظنا و يبصر كل أفعالنا وأخطائنا... ومهما بلغ جبروت الإنسان وطغيانه، واستبداده، ومكره، وخداعه، وريائه، ونفاقه، وكذبه، فإنه لايفلت من العقاب، ومن الناحية الدينية، فالعقاب موجود في الدنيا وفي الآخرة، ولايعلم بذلك إلا الله. ومن يكسر قلب أحد بجبروته، لن يحصد سوى مازرع من كراهية وسموم وكرب. وماذا لوكان الله يحب هذا القلب المكسور. إن هذا القلب المكسور ليس أي قلب، عند جلال الدين الرومي، إنه قلب كبير: قلب طفل أو شاعر. هكذا يصبح الله عند جلال الدين الرومي حافظا لهذا القلب. إن كل اللمعان الصوفي في هذه الروح السمحاء، المنيرة، التي هي القدرة على الحب، واستبعاد الكراهية والبغض. وفي القلب يزهر الحب، ويتجلى نور الحق. وعلى هذا المستوى، يمسي كسر القلب عملية هدم، ولايداوي جرح هذا الكسر سوى الله الذي يرشدنا لطريق الحب، ويحفظنا من كل أذى، أو إساءة.