تضطرنا كثير من الكتابات الصحفية، للبحث عن قواسم تجعل القارئ يطمئن إلى اعتبار الصحافة مصدرا رئيسيا للمعلومة ورافدا معرفيا وساحة فسحة... إن حال صحافتنا في حاجة إلى تعاقد مع القارئ، سنحاول بسط منطلقاته من خلال العناوين التالية: 1- الوضوح: لا يخرج اللسان العربي عن اعتبار الصحافة كتابا ووجها واضح المعالم وجها بشريا كان أو وجه بسيطة،لذلك تحبذ اللغة الواضحة والمتداولة، في تأليف يتجنب التعقيد. 2- القبول: يتقاطع في الكتابة الصحفية خطاب معقول وخطاب مقبول وخطاب منقول، فالمعقول - في قصدنا هنا – يعني المنطقي وما يدعمه التاريخ ومعطيات الواقع. والمقبول ما يستجيب لحاجة اجتماعية أو ينسجم مع ذوق أو يلبي رغبة أو يحقق متعة، وقد يتجاوز هذا النوع من الخطاب مختلف وسائط الإكراه المسخرة ضد حرية الصحافة وحقها في الوصول إلى المعلومة... وما لم تكن إرادة في التجاوز تجعل الكتابة الصحفية مقبولة لدى شرائح واسعة من القراء،فقد يسيطر الخطاب المنقول ، النمطي منه أو المستند الى ثقافة شائعة أو جمل مكرورة. 3- الوظيفة: فضلا عن التثقيف و الترفيه، يعتبر الإخبار وظيفة الإعلام الرئيسة... ولا يمكن للصحافة أن تؤدي هذه الوظيفة إذا رفضت معايير الخبر ومقوماته. 4- المصداقية: ترسخت عبر تاريخ الممارسة الصحفية العالمية معايير تميز الخبر عن الإشاعة لخصها المشتغلون في هذا الحقل في أدوات السؤال التالية: من؟ ماذا؟ متى؟ أين؟ ثم لماذا إذا كنا بصدد تحقيق أو تحليل.. لذلك تكون الإشارة إلى الأسماء ضرورة ، وإذا تمت مراعاة شروط خارجية يفترض الإشارة إلى الصفة ، مهنية كانت أو سياسية . ورغم صعوبات الوصول أو الإعلان عن موارد ومصادر الخبر في دول ومجتمعات لم تنتقل بعد إلى الديمقراطية، فلا يمكن للصحفي العدول عن هذا السند في المصداقية. 5- العمومية: من حق أي مواطن أو مسؤول على أي صحفي وصحيفة احترام خصوصيات شخصه وحياته، لكن إذا اختار مسؤول أو لا مسؤول أن يخلط حياته الشخصية بممارسته لشؤون التسيير والتدبير، تدخلت حقوق المجتمع ، وتحول الفردي جماعيا وصار الخصوصي عموميا، كأن يكون فراش بيته من مال عام أو هاتف الإدارة أو النقابة في خدمة خصوصياته، وحين تتدخل علاقاته العائلية والشخصية في لوائح الخدمات والتوظيفات والترشيحات والتكليفات ، يصير من حق الصحافة إخبار القراء بنوع الخضر والفواكه التي تلج أمعاءه مجانا، وبعدد أفراد أسرته الذين ركبوا سيارة "الجيم " أو "الميم " في اتجاه ذاك المطعم أو ذلك الشاطئ... 6- الرؤية: ولكي يكون للصحافة دور في تعميم الصحافة ، ستجد نفسها مضطرة إلى التعامل مع كثير من قوانين الزجر بما يمكنها من تحقيق التجاوز ضمن رؤية تعتبر الإعلام أحد دعامات المجتمع الديمقراطي الضامن لحرية الرأي والتعبير ولحق المجتمع في المعلومة والخبر. إن الظروف العامة التي تعيش في كنفها الصحافة المغربية ، دفعت كثيرا من الصحف والصحفيين إلى فرض رقابة ذاتية قاسية تضر بمصداقية الخبر مستسلمين لبيت أبي تمام: السيف أصدق أنباء من الكتب في حده الحد بين الجد واللعب هذا الوضع يدفعنا إلى التمسك بكتابة صحفية تستند إلى منطلقات الميثاق السالفة الذكر، فإذا كان أهل القوة يكتبون بالتاريخ ويخطون بالمال ، فإن قوة الصحافة في ضعفها، في خبر ملفوف بالسخرية ، فيه من عناصر المصداقية ومن سمات القبول ما يجعله قابلا للانتشار، واضرب لهم مثلا من فضائحهم في صحائف الانترنيت ، والتي لم يستطيعوا إلى وقفها سبيلا رغم تعدد مظاهر القوة ووسائل الإخراس، أفلا يعقلون؟ خلاصة القول أن الصحافة ثقافة وقوة الثقافة في هشاشتها.