حتى وإن لم تأت الحرب إلينا ،ذهبنا إليها سبايا طائعين، نهدي للفرسان الوهميين قصب الخيزران سيوفا لمعركة وهمية على جبهة قتال عدو اسمه الجوع. قال بطلنا: الغمام على من اتبع الندى وسكت واجما، ونسي أن في زمن طوائف الماء و الهويات المستحيلة والخيبة المشتركة، كل من يملك مزمارا أعوجا يبحث عن لحن رديء ليعزفه ليقتل الورود ويزرع الجثث … قال : كل الحروب شنت بسبب الدفاع عن الأوطان ولم يعلم أنه في سباق في الحقوق مع الجميع وفي الواجبات أين الجميع وهو والوطن في أنشودة الضجر ؟ إني أعشق مقصلة الكلمة وأحن إلى قهوة أمي لكن ماذا عن أبي ؟ سأسجن نفسي بين أحرفي لأرسم نوافذ وأبواب في برزخ دماغي هروبا من طواحين الكلام وسراديب الخيانة لأنبث ورقة شاحبة في شجرة الرصيف لأني لا أتقن إلا اجترار الكلمات ونفث الأصباغ لأهرب من مهازل السياسة ورفيقات الليل والآخر النافي لوجودي في خرائط الكرامة ليرسم بطولاته على أنقاض قصيدتي ليمشي في جنازتي وهو يصافحني على منصة التأبين على ثكنة قلبي أه ،كل الأصدقاء انتحروا بحبل مودتهم لم أكن أعلم أن حبل مودتهم هو اقصر من حبل الكذب لقد قالوا لي يوما : إنك من طينة الاستثناء ولم يعلموا أن الاختلاف عن الآخرين معناه ، أن تحسن اقراع أجراس لا يراها أحد إلا أنتِ، لكن الجميع يسمع طنينها وضجرها وغضبها ونغمها ولذا عليك أن تنزف الكثير و الكثير من دمك وعرقك وعليه فإنك مطالب بإيقاظ الثنين النائم بداخلهم جميعا لينفث من فمه نارا تشعل شموع موكب الحضرة ، لتزف امرأة من زمن الضياع سموها امرأة الاستثناء أو هكذا وهبها الجميع هذه الهوية ، وأصروا على أن يثبتوها بجواز سفرها لكن أجابت على غير انتظار: تبا لهذا الجواز لن يسفرني إلى أي مكان كان لقد ضجت أعماقي برنين الحزن الدفين ، وهذا العالم اللئيم هو من سيسافر إلي إنه يشرئب نحوي بعنقه الأعوج ليسرق مني سمكة ميتة أو قصيدة يتيمة يراقبني هذا الثنين العجوز المرقع المثخن بجراح العفن ، كم هو فسيح ،لكنه لا يتسع لقصيدة مبتورة من قصائدي اليتيمة ، لا أعرف لماذا تم اختراع الجنسية وجواز السفر إن كننا جميعا أبناء آدم وحواء ؟ ألا يعلمون أننا نحمل أوطاننا بقلوبنا حيثما رحلنا؟ ألا يعلمون أننا أوطانا لوطننا ؟ لماذا قزموا كل الأشياء فينا وربطونا برقعة قد لا تستوعب صراخ الغاضبين والمحتجين والمحتاجين والفرحين و الكادحين والسياسيين والمعتوهين ؟ ألا يعلمون أن نحن والأرض هم الوطن ؟ إنه سؤال عبثي لي أنا ولضدي أنا ولضد ضدي أنا معادلة لا يفهمها إلا المجانين مثلي فقط فلك المجد يا وطن وطني ، يا قلبي ومرتعي. خيرة جليل 28-5-2015