توصلت " تطوان نيوز" ببيان من المركز المغربي لحقوق الإنسان حول فاجعة ورزازات يتضمن موقف المركز من نتائج التحقيق هذا نص: فاجعة أخرى لحادثة سير، في أقل من شهر، بعد فاجعة طانطان، تشهدها أحد الطرق الوعرة والخطيرة ببلادنا، تلك الطريق الرابطة بين مراكش ووارززات، وبالتحديد منعرجات الموت، المسماة "تيشكا"، حيث أودت بحياة 8 مواطنين، فيما جرح 22 آخرون، حسب آخر حصيلة، لتأتي الفاجعة في يوم إصدار لحكومة تقريرها حول فاجعة طانطان، والذي أفضى إلى تحميل المسؤولية حصرا لسائق الحافلة، الذي خرج عن مساره وانحرف نحو الشاحنة، وما إلى ذلك من مبررات نكاد لا نستسيغها، ولا نملك ما نفند به استنتاجات لجنة التحقيق في الفاجعة. تلك إذن مصيبة حقيقية، يعيش على إيقاعها المواطن المغربي، حيث تنامت بشكل مضطرد حاجيات المواطنين في التنقل ونقل البضائع والمؤن بين الجهات والمدن والقرى، في مقابل طرق وممرات، كثير منها يعيش على الهيكل والبنيان الذي شيده الاستعمار أو شيد بعده بقليل، أو ما بني حديثا، لكنه كثيرا منه غير قادر على الصمود، بسبب الغش ولفرط الفساد في تدبير الصفقات العمومية، المتعلقة ببناء وصيانة الطرق. وإذا كان هول المصيبة ينسينا بالتي مضت، فإن الاستمرار في تقديم ذات المبررات فيما حدث، وتحميل الخطأ البشري ما جرى، يجعلنا نعترف بأن ثمة خطب ما، يحول دون القدرة على وضع حد لنزيف الأرواح في بعض الطرقات القاتلة ببلادنا، لأن ترديد ذات المبرر لم يعد مستساغا لدى الرأي العام المغربي. ولذلك، فإن المركز المغربي لحقوق الإنسان، يثير للرأي العام رأيه كما يلي : إن الخطأ البشري في جزء منه طبيعي، كطبيعة البشر في ارتكاب الأخطاء، وجزء منه نابع من جشع أرباب المركبات (حافلات وشاحنات…)، وعدم احترام الشروط الصارمة في التعاطي مع مهنة السياقة، بسبب حرمان السائقين من محفزات مادية معقولة نظير مخاطر مهنتهم، وغياب الشعور بالاستقرار المهني، حيث أن ضغوطات العمل، وتأجير السائقين بمنطق الرحلات وليس بمنطق الأجير المستقر مهنيا في مؤسسة، وتعريضهم لمشاكل عديدة تفقدهم التركيز اللازم خلال السياقة، مما يجعل ارتكابهم لخطأ بسيط، وفي زمن دقيق، كفيل بصنع فاجعة الموت، وذهاب أرواح المواطنين. إن ترهل البنى التحتية للطرق، من ضيق شديد، وحدة الجوانب، وهشاشة الإسفلت وما يترتب عنه من حفر مخربة للعجلات، كلها اختلالات بنيوية، تجعل من الأخطاء البشرية، مهما قلت حدتها، فضلا عن الوضعية الميكانيكية للمركبات، عنصرا مكملا في صناعة الموت على الطرقات. إن المغرب بحاجة إلى كافة أبناءه من أجل النهوض بالبلاد وتحقيق التنمية العادلة، وكل طفل أو طفلة، أو شاب أو شابة، مات على الطريق دون ذنب اقترفه، إنما هو فقدان لأحد كوادر البلاد. إذا كانت الدولة عاجزة على تأمين ميزانيات ضخمة من أجل إعادة النظر بشكل بنيوي في الطرقات، خاصة الهشة، فإن الإرادة السياسية تكفي، كي تعبر نحو تفعيل إرادة المواطنين في بناء طرق بلادهم، بدل انتظار أخبار مفجعة بزهق أرواح بريئة هنا أو هناك، عبر هذا المسلك الخطير أو ذاك. وعليه، فإن المركز المغربي لحقوق الإنسان : ينعي شهداء فاجعة طريق تيشكا، راجيا من العلي القدير أن يتغمدهم بواسع رحمته، ويسكنهم فسيح جناته، وأن يلهم ذويهم الصبر والسلوان، يعتبر نتائج التحقيق في فاجعة طانطان غير كافية، ومغرقة في البعد القانوني الصرف، حيث تضيق دائرة المسؤولية نحو الطرف الأخير، في سلسلة صناع الكارثة، ألا وهو خطأ السائق، دون أن تطال مسؤولية الفاجعة باقي الأطراف، التي كان لها دور فيما صار قضاء وقدرا. يقترح على الحكومة المغربية، إذا ما كانت غير مستعدة لتأمين مخصصات الإنفاق على مشاريع إعادة هيكلة البني التحتية الطرقية ببلادنا، نظرا لإكراهات الموازنة العامة، أن تفتح باب الاكتتاب الوطني من أجل المساهمة في بناء الطرقات، وإدراج مشاريع ترميم الطرقات وتوسعتها ضمن أهداف وبرامج الإحسان العمومي، بدل احتكارها من قبل لوبيات العمل الجمعوي، بما يوفر فرص ربط القرى بمداراتها الحضرية، وأن تمنح لمالكي آليات بناء الطرق، ولأصحاب المليارات، فرصة حقيقية للمساهمة في بناء بلدهم عبر بناء الطرق بالمجان، باعتبارها واجبا وطنيا يعكس روح المواطنة الحقة، وواجبا أخلاقيا ودينيا، باعتبارها صدقة جارية، سينتفع بها الناس كانتفاعهم من حفر بئر على قارعة الطريق أو أكثر، لما فيه من أجر إنقاذ أرواح الأبرياء من مهالك الطريق، مع التنبيه إلى تجنب التعاطي مع المبادرة بمنطق الصفقات، حيث لا مجال لإضافة تكاليف إضافية عن أساسيات بناء الطرق، مع إعفاءها من كافة الضرائب. كما يطالب بضرورة أن تبادر الحكومة بإعادة بناء طريق الصحراء، وإحياء مشروع النفق الذي كان مبرمجا تنفيذه، والرابط بين مراكش ووارززات، بما يؤمن سلاسة الربط الطرقي بين مدن الشمال والجنوب من جهة، وبين الوسط والصحراء الشرقية، والعمل على بناء الطرق السيارة، وتخفيض تسعيرتها إلى المستوى المعقول، حتى تكون في متناول المواطنين البسطاء. وحرر بالرباط بتاريخ 30 أبريل 2015 المكتب التنفيذي للمركز المغربي لحقوق الإنسان إمضاء الرئيس : عبد الإله الخضري