هيئة المعلومات المالية تحقق في شبهات تبييض أموال بعقارات شمال المغرب    المغرب يخطط لإطلاق منتجات غذائية مبتكرة تحتوي على مستخلصات القنب الهندي: الشوكولاتة والدقيق والقهوة قريبًا في الأسواق    تشييع جثمان الفنان محمد الخلفي بمقبرة الشهداء بالدار البيضاء    فريق الجيش يفوز على حسنية أكادير    شرطة بني مكادة توقف مروج مخدرات بحوزته 308 أقراص مهلوسة وكوكايين    حفيظ عبد الصادق: لاعبو الرجاء غاضبين بسبب سوء النتائج – فيديو-    دياز يساهم في تخطي الريال لإشبيلية    المغرب يحقق قفزة نوعية في تصنيف جودة الطرق.. ويرتقي للمرتبة 16 عالميًا    مقتل تسعة أشخاص في حادث تحطّم طائرة جنوب البرازيل    المغرب يوجه رسالة حاسمة لأطرف ليبية موالية للعالم الآخر.. موقفنا صارم ضد المشاريع الإقليمية المشبوهة    فرنسا تسحب التمور الجزائرية من أسواقها بسبب احتوائها على مواد كيميائية مسرطنة    وزارة الثقافة والتواصل والشباب تكشف عن حصيلة المعرض الدولي لكتاب الطفل    فاس.. تتويج الفيلم القصير "الأيام الرمادية" بالجائزة الكبرى لمهرجان أيام فاس للتواصل السينمائي    التقدم والاشتراكية يطالب الحكومة بالكشف عن مَبالغُ الدعم المباشر لتفادي انتظاراتٍ تنتهي بخيْباتِ الأمل    مسلمون ومسيحيون ويهود يلتئمون بالدر البيضاء للاحتفاء بقيم السلام والتعايش المشترك    الرجاء يطوي صفحة سابينتو والعامري يقفز من سفينة المغرب التطواني    العداء سفيان ‬البقالي ينافس في إسبانيا    جلالة الملك يستقبل الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني    بلينكن يشيد أمام مجلس الأمن بالشراكة مع المغرب في مجال الذكاء الاصطناعي    وقفة أمام البرلمان تحذر من تغلغل الصهاينة في المنظومة الصحية وتطالب بإسقاط التطبيع    الولايات المتحدة تعزز شراكتها العسكرية مع المغرب في صفقة بقيمة 170 مليون دولار!    الجزائر تسعى إلى عرقلة المصالحة الليبية بعد نجاح مشاورات بوزنيقة    انخفاض طفيف في أسعار الغازوال واستقرار البنزين بالمغرب    رسالة تهنئة من الملك محمد السادس إلى رئيس المجلس الرئاسي الليبي بمناسبة يوم الاستقلال: تأكيد على عمق العلاقات الأخوية بين المغرب وليبيا    مباراة نهضة الزمامرة والوداد بدون حضور جماهيري    رحيل الفنان محمد الخلفي بعد حياة فنية حافلة بالعطاء والغبن    لقاء مع القاص محمد اكويندي بكلية الآداب بن مسيك    لقاء بطنجة يستضيف الكاتب والناقد المسرحي رضوان احدادو    بسبب فيروسات خطيرة.. السلطات الروسية تمنع دخول شحنة طماطم مغربية    غزة تباد: استشهاد 45259 فلسطينيا في حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة منذ 7 أكتوبر 2023    مقاييس الأمطار المسجلة بالمغرب خلال ال24 ساعة الماضية    ندوة علمية بالرباط تناقش حلولا مبتكرة للتكيف مع التغيرات المناخية بمشاركة خبراء دوليين    الرباط.. مؤتمر الأممية الاشتراكية يناقش موضوع التغيرات المناخية وخطورتها على البشرية    البنك الدولي يولي اهتماما بالغا للقطاع الفلاحي بالمغرب    ألمانيا: دوافع منفذ عملية الدهس بمدينة ماجدبورغ لازالت ضبابية.    بنعبد الله: نرفض أي مساومة أو تهاون في الدفاع عن وحدة المغرب الترابية    تفاصيل المؤتمر الوطني السادس للعصبة المغربية للتربية الأساسية ومحاربة الأمية    أكادير: لقاء تحسيسي حول ترشيد استهلاك المياه لفائدة التلاميذ    استمرار الاجواء الباردة بمنطقة الريف    خبير أمريكي يحذر من خطورة سماع دقات القلب أثناء وضع الأذن على الوسادة    حملة توقف 40 شخصا بجهة الشرق    "اليونيسكو" تستفسر عن تأخر مشروع "جاهزية التسونامي" في الجديدة    ندوة تسائل تطورات واتجاهات الرواية والنقد الأدبي المعاصر    استيراد اللحوم الحمراء سبب زيارة وفد الاتحاد العام للمقاولات والمهن لإسبانيا    ارتفاع حصيلة ضحايا الحرب في قطاع غزة إلى 45259 قتيلا    القافلة الوطنية رياضة بدون منشطات تحط الرحال بسيدي قاسم    سمية زيوزيو جميلة عارضات الأزياء تشارك ببلجيكا في تنظيم أكبر الحفلات وفي حفل كعارضة أزياء    لأول مرة بالناظور والجهة.. مركز الدكتور وعليت يحدث ثورة علاجية في أورام الغدة الدرقية وأمراض الغدد    وفاة الممثل محمد الخلفي عن 87 عاما    دواء مضاد للوزن الزائد يعالج انقطاع التنفس أثناء النوم    المديرية العامة للضرائب تنشر مذكرة تلخيصية بشأن التدابير الجبائية لقانون المالية 2025    أخطاء كنجهلوها..سلامة الأطفال والرضع أثناء نومهم في مقاعد السيارات (فيديو)    "بوحمرون" يخطف طفلة جديدة بشفشاون    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«تيزي نتيشكا»: الموت الجاثم على الطريق!
نشر في الأحداث المغربية يوم 08 - 10 - 2012

كانت الفاجعة جديدة، عندما نظمت الأنسجة الجمعوية بالجنوب الشرقي، بورزازات أخيرا مرافعات مطالبة بتحقيق حلم «نفق تيشكا». طفقت أرواح الضحايا وذكرياتهم تطوف في قصر المؤتمرات، لعل الأمل يجد طريقه إلى التحقيق بعد طول انتظار، وفي الطريق إلى ورزازات كانت الرهبة تقودنا، رغم أن رحلتنا قادها سائق محترف، خَبِرَ تيشكا ومنعرجاتها.. الروبورتاج التالي يرصد مسار الرعب الذي انتابنا، نشاركه مع قراء «الأحداث المغربية»، في انتظار الفرج المأمول الذي تجدد الإلحاح على تحقيقه مع فاجعة «تيزي نتشكا» التي أزهقت أرواح أزيد من 40 شخصا…
سارت السيارة مسرعة تتجاوز سرعتها حاجز الثمانين كلمترا في الساعة. كانت تسابق الزمن في طي المسافات سريعا. كيف لا وهي تقطع الكلمترات طيا في الطريق السيار، الممتد من البيضاء إلى مراكش. فالطريق إلى عروس الجنوب الشرقي، مدينة ورزازات، تمر عبر جماعة أيت أورير، دون أن يضطر المسافر إلى ولوج هذه الجماعة. لأن طريقا تمر على مقربة من تيغدوين تقوده إلى وجهته دون الحاجة للمرور أو اجتياز وسط هذا المركز .
أربعاء تيغدوين حيث عيون المياه العذبة التي تسهل الهضم، والطريق إليها تحفل بالحوانيت الصغيرة والمقاهي الشعبية المشيدة بالقصب، والمسقفة بالقصدير، حيث تحلو كؤوس الشاي المنعنع والمعطر بنسمات أعشاب الطبيعة الطبية. نودع تيغدوين، لننطلق في طريق منبسطة، حتى وإن كانت ضيقة فإنها تتيح السير بنوع من «الأمان»، دون رهبة من الآتي في الجهة المقابلة.
تيشكا ترفع أهبة السائقين
رن في الأذن طنين، إيذانا بالسير في مرتفع، ابتعد عن مستوى سطح الأرض. ضاقت الطريق، وهي ترتفع عندما غادرت السيارة المدينة الحمراء، متجهة صوب مدينة ورزازات. غادرنا حمرة المباني بمراكش، لنلج حمرة الطبيعة التي طبعها لون التربة، وعينات من صخور الجبال. الطريق إلى ورزازات عبر مراكش تمر حتما عبر تيشكا. تسير وسائل النقل متسارعة. لكن أعين راكبيها، وتفكيرهم يُشد صوب الأعالي، حيث الطريق تمر صعبة وضيقة عبر الجبال. في ممر حلزوني يأخذ منحى الصعود في رحلة الذهاب صوب الجنوب الشرقي، تترآى للعابر منعرجات تخفي بقية الطريق.
لا يعلم السائر ماهية القادم من الوجهة الأخرى، سيارة خفيفة أو وسيلة من الحجم الثقيل. تخفي الجبال رفيق الدرب في رحلة العبور. وحدها الحافة قريبة تجعل يد السائق تمسك بدفء على المقود. تضغط عليه ولا تكاد تفارقه. فقبل معبر تيشكا كانت اليد الواحد تكفي. يضعها السائق بأريحية، ودون ضغط على الحلقة الدائرية للمقود. لكن منعرجات الطريق بين علو الجبال تفرض عند العبور الامساك بكلتا اليدين، تحسبا لكل انعطافة تأخذ السيارة يمنة، قبل أن ترجعها صوب اليسار في حركة دائرية صعودا.
منعرجات متوالية
سكون الموت يلف المكان من كل جانب. هدير وسائل النقل ينتشر سريعا في المدى دون أن يخلف أي صدى وراءه. هنا تتكسر قوة المحركات فلا تعدو إلا متثاقلة، ليس من حمولة زائدة ترهق كاهلها، وتجعل حركتها متعثرة. ولكن لأن الطبيعة رفعت أديم الأرض بمئات الأمتار عندما تشكلت الجبال عالية لتفصل هذا الجزء من الوطن عن باقي المناطق. لذلك يمعن أبناء الجنوب الشرقي، حين الحديث عن منطقته، بضمها ضمن التوصيف الذي يجعلها ترزخ ضمن مسمى «المغرب العميق» وعندما تبلغ الحسرة مبلغها منهم، يمعنون على أن «المغرب المنتفع» يحاول الإبقاء على صفة «المغرب غير النافع» على هذا الجزء وغيره من المناطق «المقصية» في نظرهم من مخططات التنمية..
بعد تجاوز مدينة مراكش والوصول إلى تيزليدا، تبدأ أولى نقط منعرجات «طريق الموت». منعرجات شديدة سايرتها السيارة السياحية من صنف «هيونداي» صاعدة نحو القمة، وقليل من مظاهر الطبيعة تتبدى على قمم الجبال وجنباتها. أما السفوح فتبدو عميقة، ومقفرة. لكنها قد تغدو كذلك «مقبرة» لكل من زلت رجله أو عجلات وسيلة نقله صوب العقر السحيق.
في الطريق صعودا إلى الجبل، تظهر صخور جبال تيشكا ضخمة، تتخذ أحجاما وأشكالا مختلفة. تطل مرعبة تفرض سطوتها على الطريق، لكنها تهدد كذلك مستعمليها في كل وقت بامكانية تهاطلها. وهنا فقط يمكن للمسافر أن يتذكر مقطع الشاعر الجاهلي حين وصف فرسه ك «جلمود صخر حطه السيل من عل».
صخور تيشكا، ومنعرجاتها تتلوى وترتفع، تحجب رؤية الآخر القادم من الوجهة الأمامية. ووحدها المفاجأة تستبد بالصاعد أو المنحدر في طريق العودة. ويبقى الترقب على أشده.
سير حثيث يحترم السرعة في أدنى مستوياتها. لا تجاوز لمؤشرها للحدود، ولا تجاوز لمن سبقك ببعض الأمتار. بمهل وترو ينبغي السير. هي إدارة الطبيعة التي سمحت خلال عقود مضت بشق هذه الطريق، وعندما ركنت السياسات إلى الإهمال، وعدم تطوير بنياتها استمرت الطريق وعرة ضيقة، حينا، ورديئة في بعض المقاطع. الحافة جدار اسمنتي لا يتجاوز المتر، شيد بالحجارة الصلبة والصخور، لكنها لا تصمد طويلا أمام تقلبات الجو وعوارض ما تشهده رطيق الموت من حوادث، فسرعان ما تنتاب الجدار نتوءات بفعل اصطدام وساذل نقل لم يضع سائقوها وعورة معبر تيشكا في الحسبان، فخروا صرعى في الأعماق السحيقة لبعض الوديان.
حتى الحواجز الحديدة التي تتلوى على منعرجات طريق تيشكا، تسقط أو تقتلع، رغم أنها ثبتت بإحكام لتقي مستعملي الطريق من الانزلاق. ففي نقط عديدة من طريق الموت تنهار هذه الحواجز، لتذكر المسافر بقصة حادثة أليمة وجد ضحاياها أنفسهم في العقر. غير أن قصص معبر تيشكا في الشتاء، تظل أكثر رعبا وتهديدا منها خلال باقي فصول السنة.
تيزي نتيشكا قاهرة جبروت وسائل النقل الثقيلة
مشية السلحفاة سارت. لاتقوى على رفع إيقاع السرعة. واذا شئنا التدقيق فإنها لا تجد إليها سبيلا. هي ذي حالة شاحنة من الوزن الثقيل، كانت تشق طريق تيزي نتيشكا. صادفتها رحلتنا، فأدرك سائق السيارة السياحية التي كانت تقلنا أنه لا مفر من الانتظار، وتحين الفرصة للافلات من حاجز “السلحفاة الحديدية”. وعند نقطة اتسعت مساحة الطريق فيها نسبيا تحين السائق، بدربة المجرب، الفرصة فسلك إلى الأمام ليضغط على المحرك، محاولا تجاوز حاجز العشرين كلمترا في الساعة الذي فرضته عليه الشاحنة الطويلة
الداخل مفقود والخارج مولود
الممر الوحيد الذي يربط ورزازات وزاكورة بمدينة مراكش هو الطريق الوطنية رقم 9 التي تمر عبر جبل تيشكا. وكل أبناء هاتين المدينتين وقاطنوها ملزمون عند الرغبة في زيارة بهجة الجنوب، بالمرور من هذا المعبر المرعب على امتداد كلمتراته، حيث تلتقي رداءة الطريق ووعورة المنعرجات مع ضعف بعض وسائل النقل التي تعبرها، فتجد مقولة «الداخل مفقود والخارج كأنه مولود» تجسيدها على طول الكلمترات التي يعبرها كل مضطر لطريق الموت.
يحكي السائق الذي كان رفيق رحلتنا في الطريق لاجتياز «تيزي نتيشكا» أن مستعمليها في الغالب يفضلون السفر عبرها ليلا، كي لا يدركوا ما مروا به من منعرجات تدخل الرعب والفزع في النفوس. ولأن سيارتنا كانت في وضعية جيدة، لم ترتفع حرارتها، ولم تستعصي على السائق في العبور بنوع من الأمان. وعند بلوغ مكان الفاجعة كان لابد من الوقوف. استنبد بنا الخوف، لأن النظرة إلى العقر حيث هوت حافلة ضحايا رابع شتنبر، جعلت مشاهد الموت ترتسم في الأذهان، ولا تكاد تفارقها. صخرة كبيرة اعترضت الحافلة، قبل أن تلفظها إلى نقطة أعمق، كان ضامنة للتوقيع على شهادات الوفاة لعدد أكبر من الضحايا.
صخور الجبل توحي بالشموخ، لكنها ترتفع لإعلان التحدي، لكل من رغب في خوض السباق، أو دخول التنافس. سباق لا يعتمد على طي المسافات بسرعة، بقدر ما يتطلب اليقظة واستمرار الإمعان. “هْنَا طاح الكار”، هكذا أراد سائقنا ومرشدنا التأكيد على دقة المكان، ليدرك مرافقوه أنه لم يكن من مجال للإفلات من الهلاك أو عند أخف الضرر، الخروج بإصابات بليغة.
فالرحلة من مراكش إلى ورزازات تفرض على من يخوضها قطع ممر تيشكا، لأنه المعبر الوحيد الرابط بين مراكش وورزازات . لكن السائقين الذين خبروا تفاصيلها يحفظون منعرجاتها ويعرفون قوة انحدارها أو علوها. الولوج إلى تيشكا يفرض طقوسه على مستعملي هذه الطريق. طبعا فالسير في هذه الطريق له طقوس لابد للعابر أن يستسلم لها، ولامجال لأي تعنت في مجابهتها. منعرجات تيشكا تفرض على جميع السائقين التريث، والسير ببطئ شديد. فالسرعة القصوى لن تتعدى هنا 40 كلمترا. وقد تنخفض لكي لا تتجاوز العشرين. وكل مغامر بالضغط على المحرك أكثر، حتى إن خبر الطريق، يضع نفسه في خانة التهور غير المحسوب العواقب، في طريق تستعصي على المجابهة، لأنها تقهر المتعنتين، وتصطاد الغافلين. أما المتهورون فقد يجدون أنفسهم في العقر السحيق سريعا.
منعرجاتها تيشكا تتجاوز التسعين منعرجا، بزويا حادة لا تتيح أي امكانية للرؤية في بعض المنعرجات. وإذا التقت في منعرج حافلتان أو شاحنات تسيران في اتجاهين مختلفين، فلابد لإحداهما من التنازل قسرا وليس طوعا وأن تتراجع لتفسح الطريق للثانية، فالتجاوز أشبه بالمستحيل عند المنعرج..
النفق الحلم المنشود
نبرة الأمل ما انفكت تلوح في الأفق.. عند الوصول إلى ورزازات ومتابعة تفاصيل مرافعات الأنسجة الجمعوية بورزازات، تنغير وزاكورة. أمل يتغيى «فك العزلة ورفع التهميش» عن منطقة تتموقع في سياق جغرافيا المغرب في الجزء الموصوف ب «الجنوب الشرقي»، ومن أجل رفع الصوت وإبداء الملاحظات حضر أبناء المنطقة بكثافة للتعبير عن آرائهم في يوم دراسي، اتخذ من عبارة «جميعا من أجل نفق تيشكا» شعارا له. وأراد بعض المشاركين فيه «محاكمة سياسات متعاقبة»، «لم تسع حسب المتدخلين إلى وضع حد لعزلة المكان، تحججا بصعوبة الجغرافيا» في إطار مقاربة قالوا إنها «تكرس» وضع «المغرب الصعب الإعداد ترابيا» مقارنة ب «المغرب السهل الإعداد».
فمن جميع الأعمار كانوا، شيوخا، كهولا وشبابا.. ذكورا وإناثا.. ومن مناطق ومدن متعددة حلوا.. لحضور ومتابعة اللقاء المنعقد بقصر مؤتمرات ورزازات. لبوا دعوة الأنسجة الجمعوية، للمشاركة وإبداء الرأي. فإذا كانت المناسبة شرطا كما يقال فإن الأنسجة الجمعوية ومعها بلدية ورزازات واللجنة الجهوية للمجلس الوطني لحقوق الانسان، لم تشأ أن تجعل فاجعة تيشكا الأخيرة، تمر دون «التذكير والإلحاح على مطلب قديم/جديد»، مطلب توحد حوله جميع المتدخلين، كل من زاوية تحليله وتدخله، عِلْمية كانت أو تفاعلية للتحسيس بالإقصاء، والتأكيد على اقتراح طالما ظل يراود صاحبه ليعلنه أمام الملإ في جلسة المرافعات، تحقيقا ل «النفق/ الأمل»، لأنه «السبيل إلى تنمية حقيقية»، تقطع مع المقولة التي تصنف المغرب إلى «نافع وغير نافع»، أو «مغرب مهمش وآخر منتفع».. ففي هذه الكلمات وجد المتدخلون المفاتيح المعبرة عما يخالجهم من أحاسيس، ترفض «استمرار العزلة والتهميش».
تيزي نتيشكا
تيشكا جبل يفصل بين مدينتي مراكش ووارزازات، والعبور بين الحاضرتين يفرض شق الجبل صعودا في رحلة الذهاب، ونزولا في رحلة العودة. طريق تتسم بالمنعرجات يمينا ويسارا في الاتجهاين، إلى حين بلوغ قمة الجبل، على امتداد مسافة تصل إلى مائة وستة وأربعين كلمترا. أما علوها فيقترب من ألفين ومائتين وستين مترا.
مشروع النفق
ممثل وزارة التجهيز المهندس «محمد بجغيط» في عرضه أمام المشاركين في جلسة مرافعات النسيج الجمعوي من أجل نفق تيشكا، أشار إلى أن التكلفة الإجمالية لإنجاز النفق على طول 10 كلمترات تقدر ب 10 ملايير درهم. أما تكلفة الدراسات التفصيلية فحوالي 15 مليون درهم. وأشار إلى أن دراسة الجدوى التقنية انتهت سنة 1996، ودراسة الجدوى الاقتصادية انتهت سنة 1998، والدراسة التمهيدية انتهت في يناير 2012. ويتكون المشروع من تشييد نفق على طول 10 كلمترات، وبناء مداخل النفق، وتهيئة حوالي 96 كلمترا من الطرق المؤدية للنفق، وبناء حوالي 12 كلمترا من الطرق الجديدة، وبناء جسور ومنشآت فنية: التهوية، الاشارات، الاستغلال ، منظومة السلامة الطرقية ،الوقع البيئي ، الجدوى الاقتصادية، اشكالية الاشراف والصيانة ، الشركاء…
مرافعات المتدخلين
مرافعات المتدخلين، ركزت على «انعدام التوازن المجالي والعدالة الاجتماعية والثقافية بين المناطق المكونة للتراب الوطني. فالممرات الطرقية بمنطقة «تيشكا» تعود إلى مرحلة الاستعمار الذي شيدها عن طريق “السخرة”. وبقيت هذه الطريق على حالها، تشهد بعض الإصلاحات، لكنها تستمر في حصد الأرواح. وكانت السلطات الاستعمارية قد شرعت في بناء النفق قبل أن تتراجع عن المشروع. لذلك طالب المتدخلون باستثمار الأرشيف الفرنسي والدراسات المنجزة لإغناء بنك المعلومات حول المشروع.
تم تشييد هذه الطريق منذ سنة 1924م من طرف المستعمر الفرنسي لغزو قبائل جنوب الأطلس الكبير، وتعتبر من أخطر وأوعر المسالك الطرقية في المغرب بالنظر إلى ارتفاعها الذي يبلغ 2260متر، وكذا بمنعرجاتها التي تبلغ 146 كيلومترا.
وسبق لمصالح وزارة التجهيز، أن أنجزت دراسة لمشروع إحداث “نفق تيشكا” سنة 1974ووفق هده الدراسة، فإن النفق سيقلص المسافة الفاصلة بين ورزازات ومراكش ب 45 كيلومترا.
نهاية حياة رجل أمن ب «تيزي نتيشكا»
أقل من شهر مضى على الفاجعة التي وقعت يوم 4 شتنبر 2012، لقي رجل أمن مصرعه في حادثة سير في منعرجات تيزي نتيشكا على الطريق الوطنية رقم 9، مساء الاثنين الأخير من شهر شتنبر الماضي. كانت الساعة تشير إلى حوالي الساعة 6.30.‬ وكان الهالك الذي يشتغل مفتشا للشرطة في مفوضية الأمن بزاكورة ويتحدر من مدينة الرشيدية، متوجها لإجراء فحوصات طبية بمراكش، بسبب إضراب قطاع الصحة بورززات‫.‬
الضحية كان برفقة زوجته يقود سيارته في منعرجات “تيزي نتيشكا” قادما من ورزازات في اتجاه مراكش وبعد اجتياز منطقة “إغرم نوكدال” انزلقت السيارة في إحدى المنعرجات بسبب تهاطل الأمطار، ودوسه على الفرامل ما جعله يفقد السيطرة والتحكم في القيادة، وأصبحت السيارة معلقة لفترة وجيزة فوق حاجز إسمنتي قبل أن تتدحرج نحو الأسفل بنحو أزيد من40 مترا، حيث توفي الهالك فورا فيما أصيبت زوجته بجروح على مستوى الوجه والرجلين.‬ شهود عيان أثناء وقوع الحادثة قالوا إن السيدة كانت بعد الحادثة في كامل وعيها، ولم تكن في حالة خطيرة، ونقلتها سيارة الوقاية المدنية إلى مستشفى سيدى احساين بناصر بورزازات لتلقي العلاجات، كما نقلت جثة الهالك إلى مستودع الأموات بنفس المستشفى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.