تجده أستاذا، جامعيا أو غيره، ويمارس مهمة الخطابة، ومهمة الوعظ والإرشاد، أضف إليها تأطير الأئمة…(اللهم لا حسد) وكل مهمة تدر مبلغا ماليا، ويا ليت هم الدعوة كان هو الدافع، ولكن هو الاستكثار من الدنيا وحطامها إلا من رحم ربي. إن وظيفته كافية وعفيفة، وراتبها يحصل له ضروريات الحياة وكثير من كمالياتها، ومع ذلك يزاحمون حفظة القرآن من خريجي التعليم العتيق على هذه المهام الدينية ولا نعرف كيف يجمعونها…؟؟؟ إن حفظة القرآن خريجي التعليم العتيق كابدوا من المعاناة و القساوة في الحل و الترحال مالم يكابده هؤلاء المزاحمون، وذلك في حفظ كتاب الله لسنين عديدة، وبعدها الانخراط في سلك التعليم العتيق والذي مواده ومقرراته{لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ} [القصص: 76]. كل ذلك والأمل يغمر قلوبهم، والأماني تعمر تفكيرهم، أن لهم الإمامة والخطابة والوعظ والإرشاد …إلخ. وإذا بهم وهم فرحون، وقد حصلوا على الشواهد التي تخول لهم هذه المهام، حتى يكتشفون هذا الواقع المر من كثرة المزاحمين، فتحفى أقدامهم بين المندوبية والمجلس العلمي، فإذا طلبوا التزكية لشغل هذه المهام طولبوا بالمسجد، وإذا حصّلوا على المسجد طولبوا بالتزكية في دور شبيه بأيهما الأول: البيضة أم الدجاجة؟. حتى إذا استيأس هؤلاء الخريجون من هذه المهام، تحول ما كان يعمرهم من الأمل إلى سخط ونقمة، كيف لا يسخطون؟، وكيف لا يتذمرون؟ وباب الرزق الوحيد الذي يعرفون سببه، وتعلموا على أن يكونوا من أصحابه، تزاحم عليه من ليس من أهله، ومن ليس بمستحقه. إذا والحال هذه من السخط والنقمة، تجد التنظيمات والحركات المخالفة للمذهب والعقيدة والسلوك الذي عليه بلدنا، أرضا خصبة لشحن هؤلاء الخريجين بالأفكار المتعصبة والمتطرفة، فنحتاج إلى ندوات ودورات في التوعية بالفكر الوسطي ومحاربة التعصب، وإذا بالمزاحمين هم من يؤطرون كل هذا، في مفارقة عجيبة. فاللهم ارزقنا الكفاف والعفاف والغنى عن الناس.