الذي يتأمل عقلية القائمين على ادارة معمل الخياطة المعروف باسمه التجاري " مودا إي ستيلو" بحي الخنيوريس بتطوان ، يصاب بكثير من الدهشة و الاحباط ، فهذه الادارة ما زالت منذ سنين عديدة ، أي منذ أن أرسى المعمل المذكور قواعده بالحي في سنوات الثمانينات و هو يعيد نوبة الازعاج و يكرس حالة الضغط و التوتر المتزايد على السكان المجاورين له في العمارة التي يساكنهم فيها و يشترك معهم جزءها الاسفل الموجد بالطابق الارضي ، و ذلك بسبب الاصوات المنبعثة من اجهزة التكييف الهوائي التي علاها الصداء ، و المتواصلة على مدار عشر ساعات في اليوم نهارا ما بين الثامنة صباحا الى الثامنة مساء بدون توقف . فإدارة المعمل و القائمون عليها فيما يبدو من تصرفاتهم المزعجة ما يزالون على منطقهم القديم لسنوات خلت ، من غير ان ينظروا من حولهم و يعرفوا ان الكثير قد تغير في البلاد ، و أن اهم شيء اصبح مقدسا في البلاد و العالم هو " احترام حقوق الناس و كرامتهم " . إنه من المؤسف جدا أن منطق ادارة هذا المعمل لم يتغير نحو الافضل ، كما أنه من المؤسف جدا ان نجد منطقها ما يزال تحركه الرغبة في انتهاك حقوق الناس ، و بخاصة حقهم في الاستقرار و الطمأنينة ، مما يعد ممارسة للجور ، و غيابا لأبسط مبادئ الاخلاق المعروفة عن الانسان المغربي في اصالته و سموه .. فمنطق هذه الادارة ما تزال متشبثة بمبدأ : هذا حلال علينا .. حرام على غيرنا . و الاشارة هنا صريحة الى الوضع المريح الذي يتمتع به هؤلاء القائمون على ادارة المعمل حينما يتواجدون بمنازلهم مع ذويهم ، حيث يتمتعون في فيلاتهم او قل في شققهم بكل اسباب الراحة و الهدوء و البعد عن مصادر الضوضاء و الازعاج خلافا للحال المختنق و المثير للتوتر بالنسبة لساكني الشقق المجاورة للمعمل .. ففي هذه الشقق و خاصة الملتصقة بالمعمل لا معنى للراحة او الحق في بيئة هادئة بعيدة عن التلوث الضوضائي الذي هو حق لكل مواطن . اذ عليهم حسب منطق الادارة المشار اليه أن يتقبلوا الوضع على ما هو عليه ، كما عليهم حسب ذات المنطق " الذي يحرم على الغير ما يحل لنفسه " ان يستبدلوا اعصابهم البشرية ، و أدوات السمع لديهم بأعصاب و ادوات سمع حديدية أو فلاذية كي يتلاءموا مع وضعهم المزعج الذي ساقهم لمجاورة المعمل المذكور ، لان قدرهم أن يعيشوا يوميا خلال فترة الصيف مدة عشر ساعات من الضوضاء و الازعاج المسبب للتوتر و الغثيان خصوصا مع وجود طاعني السن و المرضى المجاورين لمعمل الضوضاء و الازعاج ؟؟ و حيث إننا نعرف من بين القائمين على ادارة المعمل اناسا طيبين ، لهم نصيب من التدين و الاخلاق الفاضلة ، فإننا نقول لهم : كفى من ازعاج جيرانكم جزاكم الله خيرا .. فالجار له حرمة .. بل و حرمته تزداد مع هذا الشهر الفضيل ، و بالتالي ابحثوا لنا عن حل ، فان الرسول الاعظم صلوات الله عليه قد حذرنا من اي فعل فيه انتهاك لحرمة الجار و حقوقه ، و يكفينا من تحذيراته في هذا الشأن قوله (ص): " أنه ما آمن بي من لم يأمن جاره بوائقه " . و عنه ايضا (ص) مادامت المناسبة مناسبة رمضان يناسب فيها كثرة الوعظ و الارشاد : " و الله لا يومن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه " فكفى من الازعاج مرة خرى ، و ابحثوا لنا عن حل يصون حقوق الجيران ، و يرفع عنهم معاناة السنين الطويلة .. و سيكون ذلك عدلا و انصافا . . و مسلكا نحو الخير و الحسنى .