…. وكعادتها كل صباح تمر بجانب المقهى المعهود بمدينة تطوان، شابة وسيمة، طويلة القامة تلقب (بالسويدية)، ذات السحنة الأوروبية، تظهر عليها أمارات التفاؤل والوقار، ابتسامتها لا تفارق محياها، ومشيتها توحي بالثبات والمحبة…. وفي يوم من الأيام كعادته يجلس بذلك المقهى وعندما يرمقها يرسل إليها هذه الكلمة.. صباح الخير أ ختيي وهي لا تأبه ما يقول حتى اعتادت على هذه الكلمة كل صباح وصارت تحفظها وعندما تراه تقول في قرارة نفسها صباح الخير أختي.. وفي إحدى المرات وبعد أن جمع قواه واغتاظ في نفسه وتعجب من أمرها أنها لا ترد عليه تحية الصباح في كل يوم وتعجبه من فتيات عصرنا هذا بالمبادرة بالسلام من طرفهن بحجة أن الفتاة هي التي تبادر بالحديث أولا مع الجنس الآخر… لم يصبر صاحبنا على معاملة الفتاة له وبعد طول صبر ونفاذه قرر أن يحرجها أمام الناس لتكون عبرة لأمثالها حسب ظنه ، فما كان له إلا أن اعترض سبيلها ووقف ينظر إليها وقال صباح الخير أختي.. لم ترد الفتاة التحية وما كان له إلا أن أرسل إليها سيلا من الشتمات مدعيا أن الفتيات تتسابق إلى معرفته والحديث معه، كما ادعى أن الفتاة قلبها يميل إليه لكنا لا تظهر ولا تبوح بذلك بقوله (قلبك كيتقطع أختي هاديك قديمة وديك الفعايل قدامين أختييي….)، وقد اجتمع جمع عام حوله وحول الفتاة، وكان موقف الفتاة محرج؛ وقد ظنت في نفسها أن الناس صدقوا كلامه بعلة أن جميع المصائب مصدرها نابع من الفتيات بالدرجة الأولى حسب اعتقاد الكثير في مجتمعنا، وظلت واقفة وعيناها مغرورقتان بالدموع، لم تقل شيئا، فقد عجز لسانها عن الكلام أثناء سيل اللكمات اللفظية من طرف الشاب الذي أراد أن يبين شهامته وعزة نفسه تجاهها فكان الكلام قاسيا عليها. … وما كان رد الفتاة إلا بصمتها ومواصلة طريقها، فقد يكون في الصمت أحيانا حكمة، وقد كان هذا صنيع الفتاة (السويدية) التي عبرت عن موقفها ودافعت عنه بصمتها وذهبت إلى حال سبيلها. وأثناء سيرها كذلك اصطدمت بآخر وقد ألقى علها التحية المعهودة صباح الخير أختيي ههه. المغزى من هذه الطُرفة أن الكثير من الشباب في عصرنا الراهن يعتقدوا أن جل الفتيات من طينة واحدة لأن كما يقول المثل المغربي (( حوتة واحدة كدخنز الشواري)) لأنهم يرون كل يوم حال فتياتنا في الشارع وانصياعهم لمتطلبات ورغبات الشباب الزائفة والخداعة، وبالتالي يكون رد فعلهم كما رأينا في القصة عدم تصديقهم الفتاة الرزان التي تمشي في الشارع على ثبات واستحياء، ويعتقدون أن ذلك من أغرب الغرائب والعجب العجاب، وعليه يقومون بتشويه صورة الأخريات العفيفات النادرااات في زمان الفساد والانحلال الخلقي…..